على الرغم من اختلاف أراء الباحثين في تحديد الجذور التاريخية للطائفية في العراق، فان الوقائع تشير إلى أن الصراع الطائفي قد حكم تاريخ العراق منذ الفتح الإسلامي - كما حكمه الصراع الطبقي والاجتماعي، وتفاقمت الحالة الطائفية في فترة العهد الأموي والعباسي والغزو الأجنبي إبان سقوط الدولة العباسية، وأُطلِقَ اسم طائفة على بعض الفرق الإسلامية في عصر متأخر ليكرس تحول الفرقة في جماعة دينية خالصة بعد أن تكون قد انسحبت من ساحة العمل السياسي أو الثقافي الذي يقع في أصل تسمية فرقة, وشملت التسمية الجديدة أهل السنة والشيعة بفروعهما المختلفة، كما انسحبت هذه التسمية على الفئات المسيحية المختلفة في الوقت الحاضر، فقد سعت السلطات البريطانية منذ البداية إلى إقناع السنة، بأن الحكم والمناصب المتقدمة في الدولة بمرافقها المدنية والعسكرية، هي حق لهم وحدهم، وإن أية مشاركة للشيعة ستكون على حساب السنة، وبذلك نجحت السلطات في العهدين الملكي والجمهوري قبل عام 2003 في إضعاف التماسك الوطني أولاً، وإضعاف دور الأكثرية الشيعية ثانياً، وعملت على محاصرة وطنية الشيعة بتهمة الطائفية على الرغم من أنهم ضحايا الطائفية، في حين أضفت على الطائفية السياسية لبوس الوطنية, ومن هنا أصبح الإرهاب الطائفي شكلا من أشكال العنف السياسي، إذ لم يكن بعيداً عن التحولات التاريخية التي شكلت قسمات ذلك العصر, وشكلت ظاهرة الطائفية في العديد من البلدان العربية والإسلامية ومنها العراق، أحد أهم عوامل عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي عانت منه هذه البلدان بعد تشكل دولها الوطنية الحديثة, ويرجع ذلك إلى العديد من العوامل من أهمها، التمييز الذي تعرض له أبناء الطوائف الدينية والمذهبية من السلطات الحاكمة، وإهمال الأحزاب السياسية والباحثين تناول بحث قضية الطائفية ومظاهر التمييز الطائفي, لقد تحكمت العوامل الأيديولوجية، بمواقف الأحزاب السياسية بتياريها الرئيسيين ، التيار القومي واليساري، حيث رفض الأول التطرق إلى مسألة الطوائف والقوميات غير الغربية، باعتبارها أداة لتجزئة الدول العربية، فيما أعطى التيار الثاني، أهمية أكبر لحقوق القوميات غير العربية، واعتبر حل قضية التراث والموقف من الدين والطائفية ممكنا عًبر التطور الاجتماعي والاقتصادي, كما أنه " أي التيار اليساري " ابتعد عن تناول التمييز الطائفي خوفا مًن اتهامه بالطائفية, إن كل ذلك سمح لأحزاب تيار الإسلام بتبني المسالة الطائفية وتوجيهها بالشكل الذي يخدم مشروعه السياسي.
لقد أثبتت الدراسات النفسية والاجتماعية أن الشباب أكثر انفعالاً وتفاعلاً في المجتمع، وأكثر استعداداً للانجرار وراء مغريات الحياة والانحراف والشذوذ والإصابة بالاضطرابات النفسية والتأثر بالاتجاهات الجديدة والتقليد الأعمى, حيث أكدت هذه الدراسات وجود علاقة جدلية بين ارتفاع نسبة الانحراف في أوساط الشباب وبين طبيعة البنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمجتمع، كما نلاحظ في المجتمعات المتقدمة صناعياً مثلاً, وبالعكس نلاحظ انخفاض هذه الظاهرة في المجتمعات التي تسمى (محافظة) التي تسودها المبادئ الدينية والقيم والأخلاق والفضيلة كما في المجتمعات الإسلامية, وتشكل قضايا الشباب الجزء الأكبر من قضايا المجتمعات المعاصرة على اختلاف أنظمتها واتجاهاتها ومستوياتها، ومشكلات الشباب تستأثر باهتمام المربين وعلماء النفس والاجتماع والمفكرين على تنوع انتماءاتهم، وهذا بسبب ما يعاني الشباب من متاعب وهموم واضطرابات اجتماعية ونفسية خطيرة. فالشباب يشكلون نسبة عالية من السكان في المجتمعات العربية والإسلامية والدول النامية، وهم أكثر الفئات الاجتماعية تأثراً بالواقع ومتغيراته ومعطيات البيئة الحياتية المادية والمعنوية من فكر وقيم ومشاعر وسلوك… لذلك نجد أن طبيعة الواقع الاجتماعي (الاقتصادي والفكري والنفسي والتربوي والبيئي) تلعب دوراً أساسياً في تحديد طبيعة الأزمات والمشكلات التي يعاني منها الشباب, فهذه العوامل تؤثر بفعّالية في تكوين أنماط السلوك واتجاهات الفكر وسقف المعاناة النفسية والمادية للغالبية العظمى من الشباب.
أسباب الطائفية بين الشباب في العراق
وبهذا فان أسباب الطائفية في العراق تجلت في صور عديدة منها:
1- تاريخياً، عند الحديث عن الطائفية في العراق، فان البلد الذي شهد تاريخه الصراع الطائفي في السابق لكون اغلب الطوائف الإسلامية نشأ فيه، ولان اغلب الحركات المعارضة للسلطتين الأموية والعباسية كانت من العراق، وحاولت أطراف السلطة أن تجمع بين الطائفية والمعارضة، في حين أن الواقع كان يشهد سياسة حكومية طائفية لعل من ابرز مظاهرها زمن (المتوكل العباسي) الذي أقدم على حرث قبر الحسين (عليه السلام) وإغراقه بالماء، ولذا نجد الطرف الأخر وانطلاقا من طائفيته أطلق عليه لقب محيي السنة، وكأن السنة قد تعرضت للتآكل في السابق وان المتوكل أحياها بمحاربة التشيع, وإذا ما انتقلنا إلى الدولة العثمانية، فقد كان العراق في ذلك الوقت مسرحا للصراع السياسي بين الدولتين الصفوية والعثمانية، وغلِّف ذلك بطابع طائفي، إذ ادعى كل طرف انه حامي لطائفة ما من طوائف العراق.
2- كانت الخلافات حول القضايا السياسية واللاهوتية والعقائدية هي السبب في الانقسام بين السنَّة والشيعة، بيد أن التنافس على السلطة والموارد والمكانة هو الدافع وراء مظاهرها وتجلياتها الحديثة, وشيئاً فشيئاً، هيمنت فكرة التمثيل الطائفي على العلاقات السياسية بدلاً من تمثيل المواطنين، الأمر الذي أدّى إلى تفاقم الانقسامات القائمة بدل تخفيفها.
3- أدّت مأسسة الهويّات الطائفية إلى نشوب صراعات حول مكانة وحجم وحدود وقوة كل طائفة, وقد كان لهذه الصراعات أثر مزعزع للاستقرار في نفوس الشباب، خاصة عندما كانت تضفي مشروعية على أعمال الجماعات التي تمارس العنف والتي تدَّعي تمثيل طوائفها.
4- يمثل الفقر والحرمان الاجتماعي في المجتمع، أحد العوامل المهمة في إضعاف الروح الوطنية لدى الشباب، خاصة إذا كان البلد يتملك ثروات هائلة لا توزع بشكل عادل بين المواطنين، وبسبب خيبة الشباب من الدولة نتيجة عدم توفيرها حد معقول للعيش بكرامة، فانه يلجا لًلبحث عن هويات أو مؤسسات فرعية توفر له الحماية والعيش، لذلك خضع العديد من الشباب للابتزاز الطائفي من قبل النخب الطائفية المتنفذة، التي تدعي تلبيتها لحاجات الشباب بانخراطهم في مشروعها الطائفي, لقد فاقم اعتماد العراق على النفط كمصدر رئيس للدخل هذه الصراعات بين أبناءه بسبب عدم وجود صيغة صريحة وواضحة لإدارة الموارد.
5- إرهاب النظام السابق وتغذية الصراعات الطائفية, إن التطرف الطائفي لا يشرح بجوهره الديني أو المذهبي وإنما يندرج في منطق الصراع السياسي - الاقتصادي فهو يتموضع داخل أشكال دينية أو طائفية ولعل هذا الاستبدال بين الدين والسياسة يجعل من الدفاع عن المرجعية السلطوية دفاعا عن الحقيقة الدينية، إذ أسس النظام السابق ظاهرة التطرف الطائفي والعرقي عبر جعل القومي العربي أساسا للطائفية ومصدرا لها مستبدلاً الفضاء السياسي بالانتماءات الطائفية المغلقة إذ تسلحت إيديولوجية البعث القومي في العراق بالطائفية للحد من نفوذ الشيعة والأكراد بالدرجة الأولى ثم سائر القوميات التي يتكون منها النسيج الاجتماعي العراقي واستطاع النظام السابق إن يعيد تشكيل الشخصية العراقية عبر عملية تهديم متواصل للهوية الدينية والثقافية وتغيير أنماط السلوك من خلال تشكيل مزيد من الوحدات العسكرية اغلبها من الشباب ذات المهام الإرهابية والدموية مثل (فدائيي صدام، جيش القدس، جيش النخوة، الحرس الخاص) نظرا للمهام الموكلة إليها التي غالبا ما تشمل عمليات الإعدام العشوائية, فضلا عن ملاحقة المواطنين لأسباب سياسية وطائفية لقتلهم أو اعتقالهم وقد كرس النظام داخل العقل الجمعي العراقي مجموعة من القيم السياسية والفكرية بوصف البطولة تساوي القتل، هذه الأطروحة أخذت نسقها الكامل عبر جيوش العاطلين من العسكريين والمجرمين المحترفين حيث تم نقل الإرهاب والتطرف من أقبية السجون إلى الشوارع والمدارس والكنائس واستطاع تحويل الطائفية من الحقل الاجتماعي إلى الحقل السياسي.
6- فقد أصبحت الطائفية أداة يستخدمها أصحاب المشاريع السياسية، حيث تؤثّر الشكوك المتبادلة والتعبئة الطائفية على سلوك النخبة السياسية التي تتطلّع إلى تكوين جمهور ناخبين وخاصة الشباب، وحشد الدعم الشعبي, ويبدو هذا صحيحاً بصفة خاصة خلال مواسم الانتخابات، عندما يتبنّى القادة خطاباً صدامياً لاستمالة المؤيّدين, ولذلك فإن تقسيم القواعد الانتخابية السياسية إلى ثلاث جماعات طائفية وعرقية رئيسة - الشيعية والُسنّية والكردية - سيكون الّسمة المميّزة البارزة في الانتخابات البرلمانية العراقية, ففي ظل الاحتلال الأميركي، الذي بد أ في العام 2003، جرى تطوير المؤسسات لإدارة الفترة الانتقالية بين النظام السابق وبين تشكيل حكومة جديدة, غير أن محاولات تشكيل الدولة واجهت العديد من التحدّيات. فقد برز صراع حول أي مجموعة سيكون لها النصيب الأكبر من السلطة، وأي طائفة ستكون مهيمنة، و أي سرديّة وطنية ستكون لها الغلبة.
7- الديمقراطية التوافقية يمكن أن تصبح وسيلة من وسائل تقسيم المجتمع ألتعددي إلى عناصر أكثر تجانساً واستقلالية ، وهذا يعني زيادة الهوة بين المكونات وزيادة التماسك داخل كل مكون على حدة، مما يضر بعملية الانصهار في بوتقة الوحدة الوطنية ، وهذا ما يزيد من ظاهرة التمايز بين المكونات والمساواة في ظل التوافق ، والتي هي ليست مساواة حقيقية ، فهي لا تأخذ حق الفرد بنظر الاعتبار، إذ ينظر إلى المساواة على أساس الجماعات وليس على أساس المساواة بين الأفراد ، فالثقل الكبير في الديمقراطية التوافقية أصبح لزعماء الكتل والطوائف الذين أصبحوا في مجلس النواب بديلاً من السلطة التشريعية المنتخبة ، والحكومة التي تنتجها هذه الديمقراطية تكون ضعيفة ، وذات قرارات بطيئة، إذ تتأخر عملية صنع القرار أو صدور التشريعات والقوانين لأنها تخضع لآلية التوافق والترضية ، وقد تجمد بعض القرارات إذا واجهت معارضة كتلة ما ، إذ إن البعض يتبع آليات السيطرة والهيمنة بدل التعاون مع الشركاء.
8- التدخلات الخارجية, فقد أدخل تأسيس جمهورية إيران الإسلامية في العام 1979 نظاماً جديداً للحكم يقوم على اساس الهوية الشيعية، مقابل الهوية السنية للنظام الملكي في المملكة العربية السعودية, غير ميزان القوى في المنطقة وخلق مظلّة إيديولوجية للجماعات الشيعية المحرومة, وساعد ذلك في تقوية الجماعة الشيعية في العراق وشعورها بأنها تمتلك هوية متميّزة, وبعد احتلال الولايات المتحدة الأمريكية وفرض سيطرتها على العراق, سعت إلى تطبيق الديمقراطية التوافقية وقسمت العراق إلى مكونات ثلاثة ) الشيعة - السنة - الأكراد( , وبغض النظر عن النوايا الأمريكية التقسيمية أم التوافقية فان جهود الولايات المتحدة أسفرت عن تطبيق نوع من التوافقية السياسية ابتداء من تشكيل مجلس الحكم ، بموجب اللائحة التنظيمية رقم ٦ في ١٣ تموز ٢٠٠٣ الذي أصدرها الحاكم المدني الأمريكي) بول بريمر)، إذ منح إلى الشيعة ثلاث عشر مقعدا، وللعرب السنة خمسة مقاعد، و للأكراد خمسة مقاعد، ومقعدان لكل من المسيحيين والتركمان، وبذلك شكل نقطة الشروع بتأسيس الطائفية السياسية المؤسساتية.
9- تبدو السمات الطائفية حاضرة على نحو متزايد في مؤّسسات الدولة الأخرى، بما في ذلك وسائل الإعلام المختلفة، والتي فشلت في تمثيل هوية عراقية جامعة, والمشهد الإعلامي عموماً مستقطب على أساس طائفي, وبسبب زيادة مواردها المالية، أطلقت معظم الأحزاب السياسية الرئيسة قنوات تلفزيونية فضائية، تمثّل وسائل الإعلام الأكثر شعبية في العراق, وغالباً ما تنتشر هذه القنوات رسائل تعكس التحيّز الطائفي لمموّليها, كما تم استنساخ النعرات الطائفية والقوالب النمطية من خلال وسائل إعلامية غير عراقية، وخاصة القنوات الناطقة بالعربية، والتي تموّل معظمها أو ترعاها حكومات شرق أوسطية أو نخب سياسية مؤثرّة, وقدمت بعض وسائل الإعلام الدينية رسائل طائفية صريحة وأصبحت أدوات تستخدمها الجماعات الطائفية المتطرّفة لحشد أتباعها, كما أصبحت الشبكات الاجتماعية مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب أدوات هامة للمتطرّفين الطائفيين لإيصال الر سائل التي لا تجد لها مكاناً في وسائل الإعلام الرئيسة.
المعالجات:
وهذا يبين لنا أن معالجة قضايا الشباب لا يمكن أن تتم إلاّ عبر المعالجة الشاملة لقضايا المجتمع التي تشمل:
1- القضاء على مشكلات واقع الأسر والمؤسسات التعليمية التي تلعب دوراً أساسياً في تنشئة الشباب ورعايتهم وتكوينهم العقلي والنفسي والجسمي عبر دراسات علمية ورؤية واعية وعميقة لقضايا المجتمع ومشكلات الشباب (العلم والعمل والصحة والأمراض النفسية والتدخين والمخدرات والجرائم وغيرها من القضايا التي تواجه المجتمعات المعاصرة عامة والإسلامية خاصة بسبب ما تخلفه من آثار سلبية نفسية وعاطفية في نفوس الشباب، وصعوبات في التنمية والتطور في المجتمع.
2- احتواء طموحات ورغبات الشباب وتوفير الأجواء المناسبة والمحفزة لإطلاق الطاقات الكامنة فيهم ومعالجة المشاكل التي يعانون منها والتي تقف عائقا أمام تأديتهم لدورهم الحيوي والمهم في بناء وتطور المجتمع الذي يعيشون فيه.
3- تحسين الحالة المعاشية للأسرة العراقية, من خلال تحسين الاقتصاد العراقي, من تطوير الصناعة والزراعة, وتوفير فرص عمل للشباب العراقي, من خلال توسيع مشاريع الاستثمار المختلفة, وعدم الاعتماد على مؤسسات الدولة فقط, إذ إن تشجيع الشباب على العمل والتطوير سوف يقضي على أوقات الفراغ الزائدة لديهم من جهة, ويبعدهم عن الجماعات المتطرفة من جهة أخرى,
4- التضامن الاجتماعي بين الشباب تنهي الطوائف ومن خلال الالتزام بالقانون ولعلّ حديث رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، فيه صورة رائعة عن هذا التضامن الذي يسحق الطائفية في المجتمع, والطائفية ليست فكراً ولو كانت كذلك لأنتجت نظرية تخدم المجتمع, وإنما قامت على أوهام, وان القوة الملزمة للقانون تفرضها ضرورة الحفاظ على التضامن الاجتماعي، وأي خروج على القاعدة القانونية يعني إخلالا بفكرة التضامن الاجتماعي نفسها وهو ما يستحق العقاب، ويجب على الدولة وضع القواعد القانونية التي تؤكد وتعزز فكرة التضامن الاجتماعي.
5- الطائفية لا تعمل إلا في محيط جاهل، وجهاز محرّض، وتصنّع بطريقة ملفتة رموزاً لم يكتسبوا من العلم والفهم والتقوى, وفي حقيقة الأمر، تعمل الطائفية على جبهتين: أ- نفي الدين، ب- تعطيل دور العقل, لهذا علينا تحصين شبابنا من الطائفية من خلال ترسيخ قيم الإسلام الحقيقية بعيدا عن التشدد والتعصب, كذلك تشجيع الشباب على كسب العلم بكافة فروعه, لنزع الانجماد والانغلاق في فكر الشباب.
6- عن طريق الانتخابات يمكن البحث عن لغة خطاب ودعاية مؤثرة على قطاع الشباب الذي بإمكانه تغيير خارطة العراق السياسية، , إن القوى السياسية الدينية والطائفية التقليدية بشقيها الشيعي والسني لم تحقق للشباب أحلامهم بعد، لكنها نجحت في تحشيدهم في فعاليات ذات صبغة دينية وطائفية وربما عشائرية، بينما ضعف تأثير التيار المدني العلماني على الشباب برغم وعوده بآفاق مستقبل زاهر، لم يجرِ اختباره في العراق, لهذا فان دخول الشباب وبقوة في الانتخابات القادمة وبدعم من منظمات المجتمع المدني يمكن إن يغير الخارطة السياسية للعراق, وينهي كل مظاهر الطائفية فيه,
7- إطلاق حملات شبابية ضد الطائفية, مثل حملة الشباب المثقف التي انبثقت عن مجموعة من طلبة كلية القانون في الجامعة العراقية والتي أطلقوا عليها اسم (الحملة الوطنية لطلاب الجامعة العراقية), الذين جمعهم حب الوطن، وشعارهم (أنا عراقي.. أنا ضد الطائفية)، اختاروا الأوراق النقدية لتكون الوسيلة الأمثل لنشر حملتهم الوطنية الواسعة, وانتشرت الحملة لتشمل جميع الجامعات والمعاهد تعبيرا منهم عن الوحدة الوطنية ونبذ الفتنة والتطرف، مؤمنين بقدرتهم على المساهمة في نشر الروح الوطنية بين صفوف المجتمع.
8- إن المواجهات الأمنية لن تحل المشكلة وحدها، ومن هنا قد تكون المعالجة خاطئة في مواجهتنا للعنف بالسلاح فقط, طالما أننا لا نفهم سببه، بل قد تزيد من حجم خطر هؤلاء الشباب الذين قد ينضمون إلى تلك الجماعات, وضمن فهمنا البسيط، قد ترى معظم السلطات أنها تملك المقدرة على المواجهة بينما واقع الحال يؤكد غير ذلك، ومن ثم فإن علينا البحث عن وسائل علمية في فهم أبعاد تنامي ظاهرة العنف بين الشباب, وضمان الأمن الحقيقي هو في كيفية إشراك الشباب في اتخاذ القرار وفي تلبية احتياجاتهم النفسية ووضعهم ضمن رؤية تنموية تحصنهم من فيروس العنف والإرهاب, وبعض الجماعات الراديكالية تستغل ظاهرة الشباب فاقد الأمل وتعمل على التغرير بهم ضمن رؤية نفسية قد تحقق فيها الشحن الطائفي ضد السلطة والمجتمع ومن ثم تتوسع دوائر العنف وحلقاته المفرغة.
أن الشباب المثقف هو الركيزة الأساسية في التخلي عن ثوب الطائفية والعنصرية، لذلك علينا الاهتمام بهذه الشريحة المهمة وبدورها في بناء العراق الجديد, وعلينا إن في البداية إن نسعى لإعداد الشباب أعدادا صحيحا من خلال توفير مستلزمات تأهيله عبر الفلسفة التربوية المناسبة وترسيخ المفاهيم الديمقراطية والإنسانية في نفوسهم وغرس قيم المواطنة الحقيقية فيهم لنتمكن من توجيه الطاقة الهائلة في داخلهم بالاتجاه الصحيح ونقوم بإزالة العقبات التي تقف أمام اندماجهم مع المجتمع المدني السليم ولنفتح لهم بذلك آفاقا واسعة أمام التطلعات والأحلام المشروعة لهذه الشريحة المهمة كما ولابد من تفعيل مشاركتهم في بناء بلدهم وفي جميع جوانب الحياة من خلال توفير فرص العيش بكرامة وإسناد المهام والصلاحيات للمؤهلين منهم لأنهم مستقبل الأمة وعلى أكتافهم ستلقى مسؤولية بناء المستقبل.