كانت ولازالت السياسة التركية في المنطقة في عهد حزب العدالة والتنمية هي سياسة تصعيدية تعتمد في اغلبها على القوة العسكرية، فرغم من ان تركيا حققت نموا اقتصاديا سريعا قياسا بدول المنطقة الاخرى، واصبحت من الدول ذات الاقتصاد الكبير وبتسلسل عشرين على المستوى العالمي، وتملك المئات من الشركات العاملة في المنطقة، الا انها لم تكيف اقتصادها في خدمة سياستها الخارجية، بل بقية القوة هي عماد سياستها الخارجية، وفي تعاملها مع دول المنطقة، ومع انطلاق ثورات الربيع العربي بدأت تركيا تستخدم سياسة اثارة الصراع والتطرف في المنطقة، معتمدة على مساعدة المجموعات المسلحة واغلبها من المجموعات الاصولية المرتبطة بالقاعدة، فقد اشتركت بشكل فعال في اسقاط نظام معمر القذافي املا في الحصول على موطئ قدم لها في ليبيا، الا انها اصبحت من الدول المنبوذة من قبل الليبيين، حتى انه تم استهداف احدى سفها النفطية قبالة السواحل الليبية، بحجة المشاركة بعمليات تهريب النفط من ليبيا، وفي سوريا، انقلبت تركيا من صديق للنظام السوري ومتعاون معه في قضايا المنطقة، خاصة بعد قيام سوريا بإخراج زعيم حزب العمال الكردستاني (عبدالله اوجلان) من اراضيها عام 1998، وفتح افاق التجارة بين الدولتين الجاريين، الى اكبر عدو الى السوريين مع انطلاق الاحداث في سوريا عام 2011، فقد بدأت تركيا تنادي علنا بانها تريد اسقاط النظام في سوريا، وفتحت اراضيها لتهريب السلاح والمقاتلين وفتح معسكرات للمجموعات المسلحة مثل (النصرة وداعش) وفصائل اخرى، وبدأت بإثارة الفتنة الطائفية في سوريا، حتى انها قامت بإسقاط طائرة روسية في سوريا عام 2015، مما خلق ازمة سياسية بين الدولتين، حلت اخيرا بتراجع تركيا واعتذارها وتقديم تعويضات لروسيا، والتعهد بمحاسبة المسؤولين عن الحادثة.
وفي العراق، فان سياسة التدخل التركية قديمة، وسببها كان الفوضى التي ضربت العراق مع تولي نظام صدام للحكم عام 1979، وما اثاره من حرب مع ايران استمرت ثمان سنوات (بغض النظر عن اسباب الحرب)، فان البلدين خسروا ملايين القتلى المعوقين والمفقودين، ومليارات الدولارات خسائر مادية للحرب، اضافة الى تدخل دول الجوار بشؤون العراق لحاجة العراق للدعم الاقليمي في مواجهة ايران، فقد خسر اراضي حدودية لصالح دول مثل الاردن والسعودية والكويت، هذا ما حفز تركيا للبحث عن نفوذ لها في العراق، فكانت اتفاقية عام 1982، بين العراق وتركيا التي تسمح للدولتين بملاحقة المتمردين الاكراد (وهي الكلمة التي كانت تطلق على تمرد الاكراد في تلك الفترة)، لمسافة عشرين كيلوا داخل اراضيهما، الا ن المستفيد منها كانت تركيا، اذ ان العراق كان في حرب مع ايران ولم يكن لديه الامكانيات للقيام بعمل داخل تركيا، ثم احداث ازمة الكويت عام 1990، التي حجمت العراق اكثر، وفرضت حظرا للطيران شمال وجنوب البلاد، لهذا بقيت تركيا لوحدها تنفذ بنود هذه الاتفاقية، وقد قامت ولازالت تقوم بالكثير من الغارات الجوية والتدخل البري في العراق بحجة ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، ورغم تغيير النظام السياسي في العراق عام 2003، ولم تعد فيه مشكلة باسم الاكراد، لتمتعهم بإقليم ذات حكم ذاتي موسع، ورفض الحكومة العراقية الجديدة الاعتراف باتفاقية عام 1982، لانتهاء اسباب قيامها، الا ان تركيا بقيت ملتزمة بها ومصرة عليها، بل عقدت اتفاقية سلام مع حرب العمال الكردستاني ( انتهت الاتفاقية بالفشل بعد هجوم الجيش التركي على مقرات الحزب)، تقضي بانسحاب مقاتلي الحزب من تركيا الى جبال قنديل في العراق، بدون اعتبار للسيادة العراقية او اخذ موافقة العراق، الذي رفض الامر بكل حزم، ثم جاء فرصة تركيا الاخيرة لكي تزيد تواجدها وتدخلها في العراق، وهو دخول ارهابيي داعش للعراق قادمة من سوريا وسيطرتهم على مساحات شاسعة في محافظات نينوى والانبار وصلاح الدين وكركوك وديالى عام 2014 ، وعند قيام حكومة العراق بعمليات واسعة لاستعادة تلك المدن، كانت تركيا تقدم الدعم لداعش، بل اصبحت الممر الرئيسي لتسليح التنظيم وممر لتهريب النفط من العراق وسوريا بالصهاريج الى الموانئ التركية المختلفة، ثم بدأت بالتدخل العسكري المباشر في العراق عام 2015، من خلال تواجد قواتها العسكرية في مدينة الموصل في بعشيقة ومناطق اخرى، بحجج واهية، منها تدريب قوات الحشد الوطني، او بحجة ان اقليم كردستان العراق ومحافظ نينوى السابق (اثيل النجيفي) طلبوا منها ذلك، وهي حجج غير صحيحة لعدم وجود سند دستوري يسمح للإقليم (الذي انكر هذا الطلب) او المحافظة طلب قوات اجنبية الى داخل العراق، ثم بعد ذلك كانت تريد المشاركة في تحرير الموصل، ومحاربة داعش على الرغم من انها الداعم الاساس لهم، بل ان تصريحات رئيس تركيا كانت عبارة عن هستيريا وتدخل سافر في شؤون العراق الداخلية، وعملية اثارة الفتنة الطائفية في العراق، الا ان القوات العراقية والمدعومة من التحالف الدولي قد رفضت اي تدخل تركي في الحرب، يساندها في هذا الموقف امريكا التي اكدت ان اي مشاركة عسكرية تتم عن طريق الحكومة المركزية في العراق حصرا، لهذا بقيت قواتها محاصرة في مقراتها في الموصل، وقامت بحشد عدد من القوات على الحدود مع العراق في موقف يائس من اجل توجيه الانظار عن المأزق الذي وضع الرئيس ودوغان نفسه فيه.
هناك عدد من الاسباب لهذا الاندفاع التركي في العراق وسوريا، اذ ان تركيا دولة اقليمية مهمة، وان اي حدث في الدولتين سياسي او عسكري فانه بالطبع له تأثير عليها، لهذا فأنها ( مع ايران)، بدأت عمليات منافسة قوية في العراق وسوريا، ومن اسباب تدخلها هو التي:
1- إن الصراع الذي بدا في العراق وسوريا، وان كان في اغلبه صراع داخلي بين المكونات فيهما، الا ان هذا الصراع له امتداد جيوسياسي إقليمي، اذ إن تركيا وإيران تشكلان لاعبين أساسيين في هذا الصراع، وتستغلان التوتر الطائفي والعرقي في المنطقة، وبالرغم من اتفاق تركيا وإيران على كثير من القضايا الثنائية، فإنهما تتنافسان على النفوذ في كل من العراق وسوريا، فالخلاف التركي العراقي وان كان ظاهره على وجود قوات تركية في بعشيقة، لا انه في الحقيقة هو تخوف تركيا من وجود علاقات عراقية – ايرانية، وعلاقات سورية ايرانية متميزة، وهذا يجعل منها تخشى من وصول النفوذ الايراني الى حدودها الجنوبية مع العراق وسوريا، حيث إن إيران ترغب في إقامة بؤر استيطانية عند تقاطع المناطق العراقية السورية وتقاطع المناطق الكردية التركية، وإن سيطرة إيران على هذه المناطق تمنحها القدرة للتحكم بالكرد بشكل مباشر أو عن طريق وكلاء بالنيابة عن طريق الحكومة السورية، وبهذا فان ايران سوف تحصل على ممر بري إلى سواحل البحر المتوسط بسوريا ولبنان، وإن مدينة الموصل هي أقصر الطرق لتحقيق إيران لهذا الهدف، وتركيا تريد أن تمنع إيران من تحقيق هذا الهدف.
2- الاطماع التركية في المنطقة، اذ تعتقد تركيا ان لها علاقات تاريخية وثقافية مع الموصل، ومع السكان العرب السنة والتركمان السنة فيها، وهي تشعر بأنها بسبب الضغوط البريطانية قد تخلت عن الموصل وشمال سوريا في أعقاب الحرب العالمية الأولى، كما وان هناك بعض المسؤولين من القيادات العربية السنية في الموصل من يريد التدخل التركي في الموصل من اجل الوقوف بوجه الشيعية وإيران (حسب قولهم )، والخشية من عودة الاقليات التركمانية والشبكية والايزيدية والمسيحية التي تم تهجيرهم من الموصل بالاتفاق بين داعش والاكراد وهؤلاء القادة، الذي يعدونه تغيير ديمغرافي في الموصل وليس حق لهؤلاء الاقليات .
3- تحاول تركيا اتباع نفس سياسة ايران في علاقاتها مع اكراد العراق، اذ بالرغم من وجود اقلية كردية في ايران، الا ان لها علاقات متميزة مع اكراد العراق، بل وقفت الى جانبهم في الكثير من القضايا، لهذا فان تركيا هي الاخرى قد طورت علاقات جيدة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، بما فيه الالتزام مع أربيل للدفاع عنها ضد أي تهديدات خارجية، حتى تلك التي تأتي من بغداد، وإن تركيا حافظت على وجود قوات تركية في إقليم وكوردستان لسنوات وإن كان خارج بعشيقة.
4- مشكلة حزب العمال الكردستاني، إن تركيا تريد منع حزب العمال الكردستاني الذي يقود حرب شرسة عليها منذ أربعة عقود، من توسيع نطاق وجوده في شمال العراق، علما إن هذا الحزب أسس وجودا في مدينة سنجار اضافة الى جبال قنديل، عندما شارك في عملية تحريرها من تنظيم داعش، لهذا تحاول تركيا ان لا يكون له وجود في الموصل، وكبح أي تقدم لحزب العمال الكردستاني وشقيقه الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا، حيث يقاتل الكرد السوريون مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية تحت غطاء جوي من طيران التحالف بقيادة الولايات المتحدة، لتحقيق منطقة حكم ذاتي خاصة بهم في مناطق شمال سوريا المحاذية لتركيا التي ترى في هذه المنطقة تكوينا جنينيا لدولة كوردية على حدودهم ستسهم في اذكاء تمرد حزب العمال الكردستاني داخل بلادهم.
5- أن الرئيس التركي (أردوغان) يهدف من وراء ذلك إلى كسب دعم القوميين المتطرفين في تركيا لسعيه لطرح استفتاء بشأن انشاء نظام رئاسي في تركيا على طريقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ربما يطرحه الربيع المقبل، واخضاع كل شيء لرغبته في الوصول لدور رئاسي مهيمن وغير معرض للمساءلة،
على الرغم من تهديدات تركيا بالتدخل في العراق وسوريا، وتواجد قواتها هناك ال ان هذا العمل له تداعيات خطيرة على تركيا والمنطقة، ومنها:
1- فشل اعتماد تركيا على حلفاءها الغربيين، اذ أن الولايات المتحدة ودول غربية وعربية كثيرة تحاول مساعدة الحكومة العراقية في معركة تحرير مدينة الموصل من داعش، وهذا سوف يقلل من اعتماد الحكومة العراقية على دول الجوار الاقليمي المتنافسة وخاصة تركيا واسران، لهذا فان امريكا حليف تركيا الرئيسي لا ترى فائدة من مشاركة تركيا في حرب الموصل، بل إن واشنطن ضغطت على حكومة اقليم كردستان العراق كي يطلب من تركيا سحب قواتها من بعشيقة، لكنها لم تنجح في مسعاها، هذا الامر سوف يحرج تركيا ويجعلها تحاول ايجاد طريقة للانسحاب من العراق باقل الخسائر.
2- ان اي محاولة تركية في منافسة ايران في العراق تعد غير ذي جدوى، لان ايران تستند في تدخلها في العراق على ضغوط تقوم بها ضد المصالح الامريكية في المنطقة، مما يجعل امريكا تقبل بالدور الايراني في العراق، فقد عقدت عدة لقاءات ايرانية امريكية حول العراق، في الوقت الذي لن نرى اي اهتام امريكي او دعوة امريكية لتركيا حول العراق، كما ان نفوذ ايران في العراق لايقتصر على المكون الشيعي فقط، بل هناك تأثير له على المكونات الاخرى (السنية والكردية)، اذ في كل تأزم سياسي في العراق تكون ايران هي من يقوم بحل هذه المشاكل، كما ان دور تركيا في العراق على العموم هو دور سلبي، ولم يجر سوى الويلات على المناطق التي تدعي تركيا انها تدافع عنها، اذ ان تنظيم داعش المدعوم من تركيا قد حول مناطق السنة في العراق الى معتقل كبير لهم، ولم يجر عليهم سوى القتل والدمار والتهجير، لهذا فان سياسة تركيا في العراق لم تجر عليها غير التباعد والتأزم مع العراق.
3- كان من المفروض ان تقوم تركيا بمساعدة حكومة العراق وسوريا في مواجهة الارهاب، وفي تجاوز ازماتهم السياسية والامنية، لا ان تقوم بدور سلبي فيهما، كما ان وقوف تركيا الى جانب كردستان العراق ضد حكومة المركز هي الاخرى سلاح ضدها، فسياسة العراق الحالية بقيادة رئيس الوزراء (حيدر العبادي) هي سياسة مرنة ومنفتحة على كل دول العالم، وتقود عملية تحرير المناطق بكل مهنية وحزم، بعيدا عن التوتر والانقسام، بل وفرت حملة اعلامية وطنية مؤثرة، لهذا فان قوتها يعني قوة العراق واستعادة دوره الاقليمي، وان سياسة الرد بالمثل ستكون حاضرة من خلال مساعدة المعارضة التركية ضد حكومة اوردوغان ان هي استمرت في تدخلها في الشأن العراقي او السوري .
4- يعد العراق وسوريا سوقا كبيرة للشركات الدولية ومنها التركية، وان انتهاء الحرب فيهما، بعد دمار استمر لسنوات سوف يقود الى حملة اعمار واسعة فيهما، لهذا فان دور تركيا السلبي سوف يحرم شركاتها من المشاركة في حملات الاعمار في هذه الدول، خاصة وان هناك عدة دعوات في العراق تطالب بمقاطعة البضائع والشركات التركية، لهذا فان اقتصاد تركيا الذي يعتمد في اغلبه على التجارة الخارجية سوف يعاني من الضعف والانهيار.
5- تراجع تركيا السريع عن مواقفها في العراق وسوريا سوف يقلل من مصداقيتها امام الداخل والخارج، اذ بعد سنوات من التدخل في سوريا ودعمها الارهاب، واصرارها على تنحي الرئيس السوري (بشار الاسد)، فأنها اليوم قد غيرت من سياستها من خلال تراجعها عن مطلبها بتنحي الاسد، فتغير الظروف الدولية، وتغير موازين الصراع على الارض جعل تركيا في مازق كبير، خاصة بعد تقدم الاكراد في شمال سوريا، والوقوف الدولي الواسع ضد داعش بعد توسع جرائمه وعملياته لتشمل دول الغرب، كما ان تدخلها في العراق هو الاخر سيكون له دور سلبي عليها بعد اصرار حكومة بغداد على انسحاب قواتها من العراق وليس من الموصل فقط، وعدم السماح لها بالمشاركة في تحرير الموصل او التفاوض معها حول اليات الانسحاب، لهذا فان سياسة تركيا المتقلبة ستجر الويلات عليها بدلا ان تكون في صالحها.
6- على الرغم من ان الرئيس اوردوغان قد استطاع انهاء الانقلاب العسكري، الا ان ما قام به من اجراءات جعل الداخل التركي بالضد منه ومن سياساته الداخلية والخارجية، فقد قام باعتقالات واسعة شملت اغلب قطاعات الشعب التركي، واهانة المؤسسة العسكرية وهي حامية للدولة والدستور، هذه الاعمال في الداخل تضاف اليها فشل السياسة الخارجية التركية التي خلقت لتركيا اعداء على طول حدودها الدولية، فان حكم اوردوغان قد لا يصمد مرة اخرى امام تمرد او انقلاب ضده، خاصة وان المعارضة اصبحت واسعة لحكمه سواء من الاحزاب الاخرى او المعارضة المسلحة من جانب الاكراد، حتى ان زعيم الحزب المعارض الرئيسي في تركيا (كمال كليتشدار أوغلو) الثلاثاء اتهام الرئيس رجب طيب أردوغان بأنه "دكتاتور" وعليه التنحي عن السلطة.
7- ضعف الجيش التركي امام التحديات الاقليمية، فقد سجنت الحكومة التركية، آلاف القياديين والعسكريين للاشتباه في مشاركتهم بمحاولة الانقلاب، وكان من بينهم قائدة كبار في الجيش التركي، وهذا ما قلل قدرة الجيش التركي على التعامل مع الأزمات الدائرة في سورية والعراق، وأن عزل القادة العسكريين شكل خسارة كبيرة "للخبرة التي كان يتمتع بها الجيش التركي"، وفي خطوة استباقية لمنع انقلابات مستقبلية، أصدرت الحكومة التركية قرارا في نهاية شهر تموز 2016، ألحقت بموجبه قيادات القوات البرية والبحرية والجوية في البلاد بوزارة الدفاع، بعد أن كانت تابعة لرئاسة هيئة الأركان، وهذا ما جعلها تحت السيطرة المباشرة للرئيس.
خلاصة القول، ان على تركيا ان تعيد سياستها في العراق وسوريا، وان تكون سياستها ضمن حدود قوتها الداخلية، اذ ان تركيا ومنذ اعلان النظام الجمهوري فيها عام 1923، في اعقاب الحرب العالمية الاولى، لم تدخل في حرب مع اي دولة سواء مجاورة لها ام بعيدة عنها، فقط غزوها جزيرة قبرص عام 1974، وتعد قبرص دولة صغيرة وضعيفة القوة قياسا بتركيا، كما ان حاجة الغرب وحلف الاطلسي لتركيا في مواجهة الاتحاد السوفيتي جعلهم يغضون الطرف عن هذا الغزو، لهذا فان تركيا الحالية رغم قوتها العسكرية التي تعد ثاني قوة في حلف الاطلسي من ناحية العدد، الا انها غير قادرة عن ادارة حرب مع العراق او سوريا، لأسباب عديدة منها خبرة الدولتين في الحروب التي خاضوها منذ الاستقلال الى الان، كذلك ان الحرب ان حدثت لن تكون بجيوش نظامية وحرب تقليدية، بل ستكون حرب شعبية واسعة النطاق قد تجر دول اقليمية اليها، كما ان امريكا والغرب لا يسمحان بحرب في المنطقة لا تعرف نتائجها ومدياتها، لهذا فان التهديد التركي لم ولن يكن جديا بل محاولة للتأثير على صانع القرار العراقي او السوري، خاصة وان رئيس وزراء العراق السيد (حيدر العبادي) في خطاب له اكد ان العراق لا يريد الحرب مع تركيا، ولكن ان حدثت الحرب فان العراق مستعدا لها وان تركيا ستكون الخاسر الاكبر فيها، وهذا كلام يدل على ثقة بالنفس ووجود قدرات عسكرية لدى العراق قادرة على هزيمة اي عدو خارجي، اخيرا ان الحرب العراقية الايرانية التي استمرت ثمان سنوات كافية لتنبيه تركيا الى قوة العراق وتكاتفهم ضد العدو الخارجي مهما كانت نوايا الداخل العراقي.