القانون الانتخابي الجديد في العراق ما بين التغيير والتدوير

صوت مجلس النواب العراقي مؤخراً على التعديل الاول لقانون انتخابات مجالس المحافظات رقم (12) لسنة 2018، ووفقاً لذلك قد جرى اعتماد نظام انتخاب سانت ليغو المعدل مع زيادة سقف عامل القسمة أي ان التعديل ينص على تقسيم الاصوات الصحيحة للقوائم المتنافسة على الاعداد التسلسليـة (1.9 ,9,7,5,3......) وبعدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية، والتغيير الاكبر في هذا التعديل هو زيادة الكسر العشري الى (1.9)، بعد ان كان 1.7 في انتخابات البرلمان العراقي لعام 2018، أي ان النظام الانتخابي المعتمد في الانتخابات القادمة، سيخدم القوائم الكبيرة فقط، وبذات الوقت سيوثر بشكل كبير على فوز الاحزاب المتوسطة والصغيرة و الحصول على المقاعد المؤهلة لها، اضافة الى ذلك فأن التعديل قد جاء ايضا ً على تقليص عدد اعضاء تلك المجالس اذ ان في اخر انتخابات محلية وتحديداً في عام 2013 وعلى مستوى العراق فأن مجموع اعضاء تلك المجالس هو 447 فيما ان التعديل الجديد في الانتخابات المقبلة سيكون مجموع الاعضاء 255 وهذا التقليص في العدد وتزامنه مع زيادة الكسر العشري سوف يخدم ذات القوائم المتنفذة.

الهدف والنتيجة 

نحاول هنا تغطية اغلب زوايا وخبايا تمرير ذلك القانون، اذ ان من المتعارف عليه ان المشاكل السياسية وطبيعة تقاسم المناصب والاخفاقات وسوء الخدمات والتصادم والتناحر في مجالس المحافظات ما هي الا انعكاس لما يحصل على مستوى العملية السياسية الاتحادية، وبالتالي فأن نسبة ال1.9  يساهم بإعادة انتاج خارطة اغلب المحافظات كما هي من حيث اعادة انتخاب القوائم الكبيرة ذاتها التي هي ممثلة اليوم واعادة انتاج التحالفات السابقة على مستوى الحكومات المحلية وربما المساومة عليها عند تشكيل الحكومة الاتحادية، فقد جاء هذا القانون مفصلاً على قوى سياسية بعينها وقطع اية بوادر اصلاحية تسعى لإحداث التغيير المنشود الذي يتطلب ايجاد صيغة حل تتناسب وواقع تلك المحافظات وفسح المجال امام دخول مرشحين كفئ لتولي زمام الامور، هذه التصرفات قد تؤدي الى زعزعة ثقة المواطن بالتغيير السلمي كون ان الانتخابات هي اسمى وسائل التغيير الحضارية الا ان مثل هكذا قوانين تفرغ الانتخابات من محتواها لاسيما مع تدني نسب المشاركة في الانتخابات وهو مؤشر على عدم رضا الشارع ومعرفة ما تؤول اليه الامور مسبقاً وهنا تسعى القوى المهيمنة الى حث قواعدها على المشاركة والتصويت يقابلها ضعف مشاركة العامية يؤدي لتقليل القاسم الانتخابي وتمرير شخوص تلك الاحزاب .

فالدور الذي يلقى على عاتق الحكومات المحلية كبير جداً إذا ان مجلس المحافظة هو السلطة التشريعية في تلك المحافظة فضلاً عن الجهات التنفيذية التي تقع تحت اشرافه لاسيما بعد نقل صلاحيات عدة وزارات اليه على وفق قانون 21. وتأتي اهمية ذلك الدور من الاهمية التي يمارسها باعتبار ان الحكومات المحلية هي على تماس مع حياة المواطن والاقرب اليه، لا ان تكون اداة تتأثر بأية خلافات على مستوى المركز واعادة رسم خارطة الحكومة المحلية عبر سحب الثقة عن المحافظ ومدراء الدوائر والدخول في فوضى المحاصصة، واذا ما طبق هذا التعديل فنحن اليوم امام اعادة تدوير ذات الوجوه والابقاء على تقاسم المناصب بعيداً عن المصلحة العامة، وهنا لابد من تحرك القوى الوطنية للضغط على مجلس النواب واعادة التصويت مع اجراء التعديلات المطلوبة لاسيما تقليل الكسر العشري اضافة الى تقسيم المحافظة الى عدة دوائر انتخابية والتنافس يحصل داخل الدائرة الواحدة، مع ضرورة الابقاء على تقليص العدد ووضع الشروط التي تتلاءم مع طبيعة المحافظة أي ان يصار الى اللزج بالمرشحين ممن هم خارج الشبهات واصحاب الكفاءة والخبرة وتقليل العمر الى 25 عاماً لفسح المجال للدماء الجديدة، وتحقيق الشفافية في الانتخابات ومراقبة جميع عمليات التصويت اضافة الى المراحل المتعاقبة والابقاء على التصويت الالكتروني . 

التعليقات