اقالة محافظ بغداد وإعادة رسم خارطة التحالفات السياسية

بعد اعلان نتائج انتخابات مجالس المحافظات في عام 2013 انطلقت الكتل السياسية الفائزة في البحث عن تحالفات تمكنها من تشكيل الحكومات المحلية لكل محافظة ، اذ ان التحالف الوطني الشيعي كان قد دخل في قائمة موحدة في المناطق المختلطة لا سيما ديالى وصلاح الدين والموصل ودخل منفرداً في محافظات الوسط والجنوب فيما تحالفت قوى عدة للظفر بمنصب المحافظ ورئيس مجلس المحافظة ففي محافظة ديالى دخل التيار الصدري مع متحدون وديالى هويتنا في تحالف اسفر عن اعطاء منصب المحافظ لديالى هويتنا السنية فيما كانت حصة التيار الصدري على منصب رئيس مجلس المحافظة يقابلها تولي التيار الصدري لمنصب محافظ بغداد ومحافظ ميسان فيما حصل متحدون على رئاسة المجلس اضافة الى المجلس الاعلى والذي حصل بدوره على منصبي محافظ البصرة وواسط اما بقية المحافظات الوسطى والجنوبية ذهبت لكتل ائتلاف دولة القانون ، ومع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات تتسارع الكتل السياسية للدعاية الانتخابية المبكرة تارة بتسقيط الطرف الاخر وتارة بإقالة المحافظ المنافس وتارة باستعراض الانجازات ، ففي اية خانة نضع اقالة محافظ بغداد ؟ دوافع سياسية ام ملفات فساد اختلفت الرؤية ودوافع الاستجواب ما بين الطرفين فأنصار المحافظ اعتبروها استهداف سياسي دون مبررات قانونية فيما رد فريق الاستجواب بأن الهدف من الاستجواب ومن ثم التصويت على الاقالة جاء لوجود بعض الخروق منها ملاحظات على طبيعة عمل المحافظ كذلك موضوع منظومة صقر بغداد ونصب كاميرات المراقبة وغيرها من الامور ، اما كتلة الاحرار التي ينتمي اليها السيد المحافظ فقد فندت تلك التهم فيما سارعت لتقديم طعن للمحكمة الاتحادية مشككة بصحة وقانونية الاستجواب كما واتهمت ائتلاف دولة القانون بالاستهداف السياسي باعتبار ان منظومة صقر بغداد جاءت بموافقة مجلس محافظة بغداد وعلم وزارة الداخلية والسيد رئيس الوزراء كما وان الاخفاق في بعض المشاريع هي نتيجة لسياسات المحافظ السابق والمنتمي لائتلاف دولة القانون . فيما يشير بعض المتابعين بأن قرار الاقالة جاء على وفق منهج يتضمن اعادة رسم خارطة التحالفات ونتيجة للتنافس السياسي فعلى سبيل المثال بعد عدم اصطفاف التيار الصدري مع متحدون في الابقاء على محافظ ديالى والذي لاقى مصير الاقالة وإعادة انتخاب محافظ جديد من داخل كتلة بدر وهذا بدوره قد اثر على تماسك ذلك الاتفاق ومن ثم ما يسري على ديالى يسري على بغداد لذلك اصطف متحدون وغيرهم من القوائم السنية في الاطاحة بمحافظ التيار الصدري ، الامر الاخر تشير بعض المصادر بحصول مساومات مضمونها هو اما ان تسحب كتلة الاحرار طلب استجوابها لوزيرين سنيين وهما الزراعة والتربية او بعكسه يجري الاصطفاف مع دولة القانون في موضوعة اقالة التميمي وهذا ما حدث ، الامر الثالث مع اقتراب موعد الانتخابات وظهور ملامح التقارب ما بين التيار الصدري والمجلس الاعلى وجناح السيد العبادي سارعت دولة القانون للبدء مبكراً في التأهب لتشكيل ائتلاف مضاد لذلك وهذا الامر يحتاج لتحرك على مختلف المستويات ابتدأ بمحافظ بغداد عن طريق الاقالة فيما اصدرت المحكمة الادارية قراراً بعدم صحة انتخاب رئيس مجلس محافظة بابل وهو من التيار الصدري، كذلك هناك تحرك لا يزال قيد الانضاج وهو الاطاحة بمحافظ ميسان لا سيما ان المحافظة تعد معقل التيار الصدري في جنوب العراق ، كذلك احتمالية التحرك صوب محافظ البصرة التابع للمجلس الاعلى . كل هذه التحركات هي تمهيدية لمرحلة الانتخابات القادمة وجميعها تقع ضمن الملاحظات على طبيعة وعمل مجالس المحافظات! لا سيما انها اصبحت واجهة للمزايدات السياسية ونموذج حي للإرباك المؤسساتي اذ كل كتلة لاتكون في تحالف مع المحافظ تضع العراقيل من جهة ومن الجهة الاخرى تبحث عن حليف للإطاحة بالمحافظ وهذا ربما ينطبق على اغلب محافظات العراق ، فيما يتساءل المواطن اين الخدمات اين المشاريع اين الامن خصوصاً اذا ما عرفنا هناك بعض الصلاحيات قد نقلت للمحافظات بعد قانون 21 وربما ان الحكومة المركزية قد شخصت بعض الخلل في عمل المحافظات فيما اقترحت تقليص اعداد الاعضاء الى النصف ووضع بعض الشروط ورسم خارطة عمل جديدة وهذه ما تضمنه القانون الجديد والذي ينظم انتخابات مجالس المحافظات والمقررة في ايلول من العام الجاري ، ومع كل ذلك هناك من لا يتوقع تغيراً نوعياً لكون هذه الخلافات هي السمة المميزة لطبيعة التشكيلة الحكومية بعد عام 2003 ومن هم في مجالس المحافظات انفسهم تابعيين لتلك الكتل الممثلة للحكومة المركزية وبهذا يكون كل تغيير او عمل هو خاضع للمزايدات السياسية والمكاسب الانتخابية وتسقيط الطرف الاخر وما يصلح على الهرم ربما ينسحب للقاعدة والحل يكون في تصحيح منظومة العمل السياسي ككل ابتداء من الحكومة المركزية ونزولاً لبقية مفاصل الدولة وتفعيل قانون الاحزاب بحذافيره وإبعاده عن المجاملة السياسية وتعديل قانون الانتخابات بما يتلاءم وطبيعة المرحلة وتشكيل مجالس محافظات قوية تتمكن من الاستجابة للتحديات المحيطة والعمل المحلي ، ومكافحة الفساد بكافة اشكاله واخيراً ( المواطن العراقي هو من يملك جزءاً كبيراً من مفاتيح الحل عبر اعطاء امانة الصوت الانتخابي لمن يستحقه حتى لا تتكرر مرارة التجربة ويكون هو المتضرر الاكبر منها ) .
التعليقات