داعش وحلفاؤها - قراءة في التنظيمات المسلحة المتورطة في أحداث الموصل

في تقرير نشرته وزارة الخارجية الأمريكية أخيرا بينت فيه أسماء لشخصيات وجماعات تعمل على تمويل الجماعات الإرهابية المتواجدة في العراق وعلى رأسها الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروفة ب ( داعش ) التي تدعي الجهاد وتزودهم بالدعم المادي وضمت هذه الوثائق ما يلي : - (28) شخصية سعودية . - (12) شخصية عراقية . - (6) رجال أعمال نافذين في السوق العراقية . - (10) من باكستان . - (8) من الجزائر . - (6) من فلسطين . - (6) من المغرب . - (6) من السنغال . - (6) من اندونيسيا . - (5) من الكويت . - (4) من اريتريا . - (3) من تركيا . - (4) من مصر ولبنان . - (2) من بريطانيا . وتدرجت ( داعش ) في عدة مراحل قبل أن تصل إلى ما هي عليه اليوم ، فبعد تشكيل جماعة التوحيد والجهاد بزعامة أبو مصعب ألزرقاوي في عام 2004م ، ومبايعته لزعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن ليصبح هذا التنظيم - أي داعش – هو السائد في بلاد الرافدين ، فقد كثف التنظيم من عملياته إلى أن أصبح واحدا من أقوى التنظيمات في الساحة العراقية وبدأ يبسط نفوذه على مناطق واسعة من العراق إلى أن جاء في عام 2006 ليخرج ألزرقاوي على الملا في شريط مصور معلنا عن تشكيل مجلس شورى المجاهدين بزعامة عبد الله رشيد البغدادي ، وبعد مقتل ألزرقاوي في الشهر نفسه ، جرى انتخاب أبو حمزة المهاجر زعيما للتنظيم ، وفي نهاية العام ذاته ، تم تشكيل دولة العراق الإسلامية بزعامة أبو عمر البغدادي وفي عام 2010 قتلت القوات الأميركية والعراقية أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المهاجر وبعد حوالي عشرة أيام ، انعقد مجلس شورى الدولة ليختار أبو بكر البغدادي خليفة له والناصر لدين الله سليمان وزيراً للحرب . وفي عام 2011 ، ظهر تسجيل صوتي منسوب لأبي بكر البغدادي يعلن فيه أن ( جبهة النصرة ) في سوريا هي امتداد لدولة العراق الإسلامية ، وأعلن فيها إلغاء اسمي ( جبهة النصرة ) و(دولة العراق الإسلامية ) تحت مسمى واحد وهو الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش). وقد أظهرت أحداث الموصل الأخيرة التي أدت إلى سقوطها بيد الجماعات المسلحة قوة هذه الجماعات من حيث امتلاكها للمال والسلاح وسعيها إلى جمع اكبر عدد ممكن من المسلحين سواء كانوا عرب أم غير عرب – أجانب من مختلف الجنسيات - بالإضافة إلى أن من يقف ورائها متخفيا بها ساعيا من خلالها إلى تحقيق ما يسعى أليه ، وبرزت داعش أكثر من غيرها وخصوصا في هذه المرحلة نظرا للأعمال الوحشية التي تقوم بها ضد المواطنين الذين تغلغلت فيما بينهم بحجة الجهاد بعد أن أفصحت عن أهدافها وغاياتها من اجل إسقاط الحكومة العراقية والسعي إلى بناء نظام سياسي أسلامي متشدد نابع من عقيدتها المتشددة وبمساعدة تنظيمات وقيادات أخرى . ويقدر( تشارلز ليستر) الباحث في مركز( بروكينغز) في الدوحة أن عدد مقاتلي ( داعش ) في العراق يتراوح مابين الخمسة والستة ألاف عنصر تم تجنيدهم من مختلف دول العالم ، وأن ما قامت به ( داعش ) من أعمال كان بمساندة ومساعدة عدد من الجماعات المسلحة والمتطرفة الأخرى الموجودة في العراق من ضمنها :- 1)الجيش الإسلامي في العراق . هي جماعة ذات مرجعية سلفية تشكلت قبل سقوط النظام العراقي السابق عام 2003م يتكون من ضباط سابقين في الجيش العراقي ومختصين بالتصنيع العسكري ومن رجال دين سلفيين وأبناء عشائر ، ومن المتعارف علية أن هذا الجيش ينسق ويتحالف مع جيش المجاهدين وكتائب ثورة العشرين والجبهة الإسلامية للمقاومة العراقية واتحدوا ضمن ما يعرف ب ( مجلس التنسيق الرباعي ) ويتمركز نشاطه في محافظة الانبار . 2)كتائب ثورة العشرين . هي جماعة ذات مرجعية أسلامية ويعتقد أنها قريبة من هيئة علماء المسلمين وتتكون هذه الجماعة من جناحين : سياسي وعسكري ، ويتمركز نشاطها في محافظة الانبار وديالى ونينوى وصلاح الدين وبابل . 3)المجلس العسكري لعشائر العراق . ويضم هذا المجلس 78 عشيرة وقبيلة عربية سنية إضافة إلى بيوتات وأفخاذ عشائرية في مناطق جنوب بغداد ويمتلك المجلس 41 فصيل مسلح يتوزع على مدن الرمادي والخالدية والكرمة والفلوجة وقرى ومناطق مختلفة من محافظة الانبار، كما وينحصر تواجدها في بغداد في مناطق أبو غريب واليوسفية والتاجي والطارمية . 4)جيش المجاهدين . تعتبر هذه الجماعة خليط من مقاتلين سابقين في فصائل مسلحة سنية تشرذمت بفعل نجاح الإدارة الأمريكية في العراق عام 2007م في تشكيل قوات الصحوة العشائرية ، وعادت الجماعة إلى نشاطها بعد أعادة تكوينها في المناطق الحدودية مع سوريا نهاية عام 2008م وتنشط هذه الجماعة في مدن تكريت والكرمة والفلوجة وأبو غريب واليوسفية في بغداد . 5)جيش رجال الطريقة النقشبندية . وهي الجماعة الأكثر أثارة للجدل في الساحة العراقية السنية وبالتالي هي خليط من حزب البعث المنحل ( حزب العودة ) ويتزعمه عزة إبراهيم الدوري وهو المطلوب الأول بالنسبة لواشنطن وللحكومة العراقية ، فضلا عن مسلحين إسلاميين يحملون فكر الأخوان المسلمين في العراق ، وتنشط هذه الجماعة في نينوى وكركوك وتكريت . 6)حزب البعث المنحل (العودة ) . وهو من ابرز التنظيمات التي أيدت ودعمت داعش في إحداث الموصل الأخيرة حيث انضمت إلى صفوفها وقد وجد هذا التنظيم فرصته في هذه الأحداث الأخيرة من اجل تأكيد وجودة في الميدان من خلال التنسيق والتحالف مع التنظيم . 7)جيش أنصار السنة . وهو جماعة مسلحة يقال عنها جهادية تشكلت عام 2003م وتضم بين صفوفها أعضاء سابقين من جماعة أنصار الإسلام الكردية ومقاتلين عراقيين وعرب من السلفيين . مما لاشك فيه أن تنظيم داعش هو احد فصائل تنظيم القاعدة التي قررت الانشقاق عنها بأمر من الأطراف الداعمة لهذا التنظيم مما يتيح لهم إمكانية توجيهها بالاتجاه الذي يخدم مصالح تلك الأطراف ، وعند الوقوف على الوضع السياسي العراقي والأزمة التي يشهدها البلد نلاحظ أن هذه الجماعات المسلحة توحدت وبشكل منظم من اجل تخريب وإسقاط النظام السياسي العراقي لسبب أو لأخر ، وفيما يتعلق بسقوط الموصل ، لم يستطيع أي طرف مهما كان انتمائه وتوجهاته إنكار سيطرة هذا التنظيم على مجريات الأمور في هذه المحافظة ، وعند البحث في المستقبل القريب لداعش وحلفائها بعد أحداث الموصل نتوصل إلى جملة استنتاجات منها ما يلي: 1) تركيز جهود هذه الجماعات العسكرية في الأراضي العراقية لان هذه التنظيمات وأبرزها داعش وجد عدد كبير من قياداتها في العراق، والعلاقات الخاصة التي شكلوها مع عدد من العشائر العراقية جعلت خطتها الراهنة تتركز في العراق دون غيره . 2) تستهدف داعش والمجموعات المنطوية معها اليوم وبشكل واعي المناطق النفطية وسط وشمال العراق وهذا ما يفسر لنا مهاجمة هذه المجاميع الإرهابية لمصفى بيجي ورغبتها في السيطرة عليه . 3) من الناحية الإستراتيجية فأن داعش لا تشكل تهديدا لمنطقة جيوسياسية هامة فقط ، بل تمثل تهديدا لأحد أهم المقومات الإستراتيجية في المنطقة أي النفط ، خاصة بعد التقرير الذي صدر عن الوكالة الدولية للطاقة والذي أشار إلى أن النفط العراقي يمثل في العشرية القادمة أكثر من 60% من أجمالي نمو الإنتاج النفطي في دول الاوبيك . 4) إن الزواج غير الشرعي بين داعش والقوى المتحالفة معها لن يدوم إلى الأبد ، وستظهر بوادر الانقسام بين هذه القوى في المرحلة القادمة عندما تتحول من مرحلة العمل العسكري إلى مرحلة العمل السياسي في إطار دولة ما . 5) نعم غيرت داعش صورة الشرق الأوسط ، كما أشار إلى ذلك البعض ، لكن خطابها السياسي ، وأسلوب عملها ، وطموحاتها ستؤلب الجميع عليها على مستوى الإقليم والعالم ، وستجد نفسها في مرحلة ما تواجه أعداء كثيرين ، تتوافق مصالحهم على تصفيتها ، والحد من خطرها . 6) لقد تضخمت داعش وحلفائها من خلال استغلال ضعف وتخبط نظام الحكم والإدارة في العراق ، وسوف تستمر بهذا التضخم طالما بقي الحال على ما هو عليه في هذا البلد .
التعليقات