دونالد ترامب: التهديد للاقتصاد الاميركي
الكاتب : دزموند لاكمان (Desmond Lachman)
الناشر معهد المشروع الامريكي / الولايات المتحدة الاميركية
تشرين الثاني/ 2024
ترجمة: د. حسين احمد السرحان
كتب الكاتب الاميركي الراحل آتش ال منكين ذات يوم: \ الديمقراطية هي النظرية التي تقول ان عامة الناس يعرفون ما يريدون، ويستحقون الحصول عليه بكل ما اتوا من قوة\. وفي اعقاب فوز دونالد ترامب في الانتخابات الاخيرة، سوف يدرك الشخص العادي قريبا ما يعنيه منكين. وإذا نفذ ترامب البرنامج الاقتصادي الذي حدده في حملته الانتخابية، فسوف يواجه الاقتصاد الاميركي بعض الصعوبات الشديدة على مدى السنوات الاربع المقبلة.
دعونا نبدأ مع سياسة الموازنة لترامب، التي ستضع ديننا العام على الطريق غير مستدام حقا. وإذا كان هناك شيء واحد وعد به ترامب اثناء حملته الانتخابية، فهو سلسلة من التخفيضات الضريبية. ومن بين امور اخرى، وعد بتمديد قانون خفض الضرائب والوظائف لعام 2017، وخفض معدل ضريبة الشركات من 21% الى 15% والغاء الضرائب على اعانات الضمان الاجتماعي. وفي ظل سيطرة الجمهوريين المحتملة على مجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس، لن يواجه الرئيس ترامب صعوبات كبيرة في تأمين تمرير برنامجه العدواني لخفض الضرائب.
حتى قبل فوز ترامب الانتخابي، كان مكتب الميزانية في الكونغرس (CBO) يحذر من أن البلاد تسير على مسار خطير من الديون العامة غير المستدامة. ووفقًا للسياسات الحالية، من المتوقع أن يظل عجز الموازنة عند حوالي 6٪ من الناتج المحلي الإجمالي لسنوات عديدة قادمة. وفي الوقت نفسه، بحلول عام 2034، من المتوقع أن تتجاوز نسبة الدين العام 120٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا من شأنه أن يضع ديون حكومتنا عند مستوى أعلى نسبة الى الدخل مما كانت عليه الحال مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية.
مقترحات ترامب حول الموازنة ستجعل وضع الدين العام الخطير اصلا أسوا بكثير. وطبقا الى لجنة الموازنة المسؤولة، فان مقترحات الرئيس ترامب حول خفض الضرائب من شأنها ان تضيف (7.75) ترليون دولار الى الدين العام الداخلي في العقد المقبل. وهذا من شأنه ان يرفع نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الاجمالي الى مستوى غير مسبوق يبلغ 143% بحلول عام 2035.
واحدة من نقاط الضعف الاقتصادية لدينا هو ان الحكومات الاجنبية، ومن ضمنها الصين ومن خلال البنك المركزي الصيني، تمتلك الجزء الاكبر من ديوننا وتساعد في تمويل عجوزات الموازنة الكبيرة في الولايات المتحدة. وهذا يثير احتمالا كبيرا بعودة حراس السندات (حاملو السندات) وتكرار ازمة الدولار. ومن دون ان نصحح الانفاق المتزايد، في بعض الامور، يجب ان نتوقع ان يطالب حاملو السندات معدلات فائدة اعلى على حيازتهم من السندات، للتعويض عن خطر موجة جديدة من التضخم. ومعدلات الفائدة المرتفعة، في الحقيقة، سوف تضيف ضغط اضافي على موازنة الحكومة وتجعل ماليتنا العامة اقل استدامة.
الموضوع الرئيس الاخر لخطة ترامب الاقتصادية هي اللجوء الى التعرفة الكمركية على الواردات على نطاق واسع. وسيفرض تعرفة كمركية 60% على الواردات من الصين و 10 – 20% على الواردات من باقي شركائنا التجاريين. الهدف المفترض لهذه التعريفات استحداث وظائف جديدة في القطاع الصناعي الاميركي وتقليل العجز التجاري. وان الارتفاع المتوقع في عجز الموازنة من شأنه ان يؤدي على الارجح الى اتساع العجز التجاري لدينا. وسوف يحدث هذا نتيجة لانخفاض مستوى الادخار في الولايات المتحدة الى مستويات ادنى من مستوى الاستثمار مقارنة بما كان عليه من قبل. إن أحد العيوب الرئيسة المترتبة على اللجوء الى فرض التعريفات الجمركية على نطاق واسع هو أنها ستؤدي الى رفع أسعار الواردات السلعية الى الولايات المتحدة بشكل كبير. وهذا من شأنه أن يلحق ضررا بالغاً بالمواطن العادي ويزيد من التضخم. ووفقا لمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي، فأن اقتراح ترامب بفرض التعريفات الجمركية سيكلف الأسرة الأميركية النموذجية في استهلاك الدخل المتوسط نحو 2600 دولار سنويا.
ومن بين العيوب الرئيسة الأخرى لبرنامج \أميركا أولا\ أنه قد يدفع الاقتصاد الصيني، والاقتصاد الأوروبي الضعيف بالفعل الى الركود، وقد يؤدي أيضا الى انتقام السياسة التجارية من جانب الصين وأوروبا عبر فرض رسوم جمركية أعلى على الواردات من الولايات المتحدة، وهذا بدوره قد يدفعنا الى سياسات إفقار الجار المدمرة اقتصاديا التي انتهجناها في ثلاثينيات القرن العشرين.
كأن كل هذا ليس سببا كافيا للقلق بشأن الآفاق الاقتصادية، فقد وعد السيد ترامب بترحيل ما يصل الى 11 مليون مهاجر غير قانوني. وإذا تم تنفيذ مثل هذا البرنامج، فمن المؤكد أنه سيضع ضغوطا تصاعدية على أسعار المواد الغذائية ويسبب اضطرابات الإنتاج في الصناعات التي توظف أعدادا كبيرة من العمال المهاجرين.
إن أفضل ما يمكننا أن نأمله اقتصاديا في إدارة ترامب الثانية هو أن يتراجع السيد ترامب عن العديد من المقترحات الاقتصادية التي طرحها خلال حملته الانتخابية. وإذا لم يحدث هذا، فيتعين علينا أن نستعد للعودة المحتملة لحراس السندات، والهروب من الدولار الأميركي، وبعض التقلبات الاقتصادية الشديدة الصعوبة في المستقبل.
رابط المقال باللغة الانكليزية:
https://www.aei.org/op-eds/donald-trump-a-threat-to-the-u-s-economy