المستقلون، حركة امتداد، والجيل الجديد: نحو دور سياسي ونيابي أكبر؟

امام مشهد سياسي متلاطم الامواج، تتعارض فيه الادوار والمواقف السياسية، لازالت مواقف ورؤى القوى الجديدة في مجلس النواب العراقي غير واضحة، كما ويجري تحييد هذه القوى (الجديدة) في بداية الحياة النيابية والسياسية من قبل القوى النيابية التقليدية الكبيرة. عليه، السؤال هنا هل يمكن اداء دور سياسي ونيابي أكبر في المستقبل القريب والمتوسط؟ ولكي نُجيب عن هذا التساؤل، نطرح المعطيات ادناه:

- المستقلون (الكتلة الشعبية المستقلة)، والتي تشكلت مطلع تشرين الثاني 2021 من المرشحين الفائزين والبالغ عددهم (30) عضوا، اضافة الى نواب حركة امتداد (9) اعضاء، والجيل الجديد (8) اعضاء، واشراقة كانون (6) اعضاء، وبذلك يكون العدد الكلي (53) نائب. وهذه القوى هي صاحبة الاصوات الاكثر والجمهور الاكبر. 

- القوى الجديدة اعلاه لديها الكثير من المشتركات وتتشابه في ثوابتها واهمها الاتجاه نحو المعارضة داخل مجلس النواب والرقابة النيابية وغيرها. واعلنت الكتلة الشعبية المستقلة انها كتلة نيابية منفتحة على المرشحين الفائزين؛ جماعات وأفراداً، بغض النظر عن الانتماء القومي والديني والمذهبي. وهذه فرصة للم شمل كل القوى الجديدة في تكتل جديد يكون له ثقله السياسي والنيابي.

- الثوابت والرؤى التي اعلنتها الكتلة الشعبية المستقلة، ومن بينها بناء دولة المواطنة، ونبذ نهج المحاصصة، والقيام بمهام الرقابة الفعالة والتشريع الرصين، ومكافحة الفساد المالي والإداري، والدفاع عن حقوق المواطنين في الثروة الوطنية، وتحافظ على القرار الوطني المستقل، وغيرها، تتفق عليها القوى الجديدة في مجلس النواب، ويمكنها التجمع وفق تلك الثوابت. 

- رد المحكمة الاتحادية دعاوى بعض نواب اطراف الاطار التنسيقي حول الكتلة الاكثر عددا، وتفسير المحكمة الاتحادية يوم الخميس 3 شباط 2022، ردا على طلب رئيس الجمهورية السيد برهم صالح حول جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وفق المادة 70 / اولا من الدستور، وتأكيدها على ان الثلثين هو نصاب انعقاد للجلسة وليس نصاب فوز، يعني ضرورة حضور ثلثي اعضاء مجلس النواب للجلسة لانعقاد الجلسة وتعد صحيحة، اذ جاء في القرار: (ينتخب مجلس النواب رئيسا للجمهورية من بين المرشحين لرئاسة الجمهورية بأغلبية ثلثي مجموع عدد اعضاء مجلس النواب الكلي ويتحقق النصاب بحضور ثلثي مجموع عدد اعضاء مجلس النواب الكلي). وهذا يعني الزامية حضور 220 نائب على الاقل.

- عدم توافر تحالف (الكتلة الصدرية، تحالف السيادة، والحزب الديمقراطي الكردستاني) على العدد الكافي وهو 220 نائب، يتيح فرصة أكبر للقوى الجديدة في مجلس النواب لأن تكون هي بيضة القبان وهي التي ترجح الكفة.

- تفسير المحكمة الاتحادية هذا يتيح لأطراف الإطار التنسيقي وحلفاءه، اعتماد آلية (الثلث المُعطل) لعرقلة جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وبالتالي تأخير تشكيل الحكومة، وهي اداة ضغط على الكتلة الصدرية للقبول بالإطار التنسيقي والتخلي عن حكومة الاغلبية الوطنية بأتجاه حكومة توافقية. 

- تحالف (الكتلة الصدرية، تحالف السيادة، والحزب الديمقراطي الكردستاني) متمسك بحكومة الاغلبية الوطنية، والطريق لذلك يكون عبر التصويت لمرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني لرئاسة الجمهورية، وبالتالي هم بحاجة الى حضور واصوات القوى الجديدة البالغ عددهم (53) نائب.

- لا بد لتجمع القوى الجديدة ان يكون لمواقفها السياسية الموحدة دورا في الحياة السياسية والمساهمة في تشكيل المنظومة السياسية القادمة بما يتناسب وثوابتها ويما يخدم متطلبات وحاجات ناخبيهم وجماهيرهم. 

المعطيات اعلاه ينبغي ان تكون محفزا لقيادات القوى النيابية الجديدة في مجلس النواب لأداء دور سياسي ونيابي رقابي أكبر في المستقبل، من خلال: 

1/ التواصل المكثف فيما بين القوى الجديدة والخروج بورقة شاملة لكل الثوابت والرؤى الوطنية، وبما يتفق مع برامجهم الانتخابية، ويرسم ملامح واطر عملهم النيابي الرقابي مستقبلا.

2/ الاسراع الى لقاء زعامات تحالف (الكتلة الصدرية، السيادة، الحزب الديمقراطي الكردستاني) وطرح امكانية ترجيح كفة تحالفهم مقابل قوى الإطار التنسيقي وحلفائها، واجهاض اداة الثلث المعطل التي قد تتجه لها الاخيرة لتعطيل انتخاب رئيس الجمهورية، بمقابل الحصول على ضمانات باتجاهين:

الاول/ تضمين البرنامج الحكومي ثوابتكم ورؤاكم الوطنية.

الثاني/ ضمان الحصول على رئاسة بعض اللجان النيابية ونيابة رئاسة بعضها، وتمثيل أكبر في البعض الاخر. ووفقا للبرامج الانتخابية للقوى الجديدة، تبرز الحاجة الى رئاسة بعض اللجان (الصحة، التربية، الخدمات) في مجلس النواب. كذلك هناك حاجة الى نيابة رئاسة بعض اللجان (النزاهة، الامن والدفاع، القانونية، المالية)، فضلا عن ضرورة تحقيق تمثيل أكبر في اللجان الاخرى (الاقتصادية، العلاقات الخارجية، مراقبة تنفيذ البرنامج الحكومي، لجنة حقوق الانسان، وباقي اللجان).

على المستوى السياسي، تبني المواقف اعلاه، يحقق هدف عدم تشكيل حكومة توافقية، كما في الدورات السابقة، وهو ما عانى منه العراق شعبا ودولة، واضعاف دور أطراف الإطار التنسيقي الذين ربما يهدفون الى تعطيل او عرقلة انعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، عبر وسيلة الثلث المعطل، وبالتالي تعطيل تشكيل الحكومة. واستمرار الحكومة الحالية في حالة من الشلل المطبق.

التعليقات