مفهوم الديمقراطية وتطبيقاتها في العراق

لقد تناولنا في مقدمة الرسالة بشكل عام إن العراق هو أحد البلدان الذي عانى من الحكم الاستبدادي، على مر الأزمان حيث تركت آثار عظيمة على الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي وما إلى ذلك في حياة المجتمع العراقي، وعليه فلابد من خطوات متواصلة وعلى كافة الأصعدة للنهوض بواقع جديد تقتضيها الظروف الحالية وتلك هي (الديمقراطية) من خلال سيادة القانون وإقامة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية واستقلالية القضاء إضافة إلى آليات أخرى لنهضة البلد والخروج من أزماته. ولشعورنا بأن هناك فرق شاسع بين مفهوم الديمقراطية كنظام للحكم وبين ما يطمع إليه الشعب العراقي في بلدنا أخذنا من موضوع الديمقراطية عنواناً لزيارتنا لزيادة المناقشة لهذا المفهوم المتداول في منطقة الشرق الأوسط عموماً وتأثيره على الوضع في العراق خاصة في ضوء معطيات وإفرازات الواقع العراقي عبر سنين طويلة، وقد اقتضى الأمر تقسيم البحث إلى ثلاثة فصول وحسب الآتي: 1. الفصل الأول: حيث تناولنا فيه مفهوم الديمقراطية بمقدمة ألقينا فيها الضوء على بعض المعاني والمفاهيم المتعلقة بالديمقراطية لما لها من تنوع وتعدد من حيث المناشئ والمدارس التي تناولها كمفهوم سياسي واجتماعي واقتصادي وقسمنا الفصل إلى ثلاثة مباحث وبالشكل الآتي: • المبحث الأول: تناولنا فيه تعريف الديمقراطية باعتبارها سلطة الشعب وهي تفسح المجال لكل شخص وبكل الإمكانيات لكي يحيا بوعيه وسلوكه القيم الإنسانية العليا المشتركة. • المبحث الثاني: تناولنا فيه التطور التاريخي للديمقراطية. أين بدأت، متى بدأت، كيف بدأت، ثم التطورات التي مرت بها وصولاً إلى ما هي عليه اليوم. • المبحث الثالث: تناولنا فيه تطبيق الديمقراطية في العراق خصوصاً وإن واقعه واقعاً استثنائياً يشهد تجاذبات وتنازعات بين مختلف مكونات الشعب العراقي، وعلى مستوى القيادات والرموز السياسية، إضافة للتأثيرات الخارجية من دولية وإقليمية، مما لا شك في أن يترك أثراً سلبياً على إمكانية تطبيقها في العراق. 2. الفصل الثاني: حيث موضوعنا حول الديمقراطية والتنمية، لأن الديمقراطية ملازمة للتنمية فلا ديمقراطية بدون تنمية، ولا تنمية بدون ديمقراطية وقد تم تقسيم الفصل إلى ثلاثة مباحث: • المبحث الأول: يتعلق بموضوع التنمية بدءً من الفرد في أسرته، ثم في مجتمعه، إلى مستوى الفرد عضو في وطنه الكبير، فنجاح العملية الديمقراطية يتعلق أولاً وآخراً بالتنشئة الاجتماعية السياسية. • المبحث الثاني: يتعلق بدور مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني باعتبارها السلطة الخامسة التي تشرف على سير العملية الديمقراطية، فهي مجتمع وسطي بين الفرد والدولة. • المبحث الثالث: يتعلق بالديمقراطية والأحزاب السياسية، فلا تتكامل العملية الديمقراطية دون تشكيل الأحزاب والمنظمات والهيئات التي تهيء الفرد المواطن للانخراط في العملية السياسية كمرشح وناخب ولتهيئة الكادر السياسي لتولي المناصب الإدارية والوظيفية العليا في الدولة. إضافة إلى التنسيق المشترك والمتبادل بين قوى الأحزاب المتعددة لمواجهة مواقف سياسية متعددة ومختلفة. 3. الفصل الثالث: تناولنا فيه نتائج تطبيق الديمقراطية في العراق ومن خلال ثلاثة مباحث: • المبحث الأول: تحدثنا عن التعددية السياسية التي ترتكز بالأساس على تنوع الثقافات وتعدد الديانات واختلاف القوميات في بلدنا المعروف بتشكيليته المتنوعة الواسعة وتلون أطيافه واختلاف مذاهبه مما نتج تعدد الانتماءات الفكرية والسياسية وتأثيرها المباشر على سير العملية الديمقراطية. • المبحث الثاني: تحدثنا عن الوحدة الوطنية كضرورة الديمقراطية فلا ديمقراطية حقيقية دون تحقيق صادق للوحدة الوطنية. • المبحث الثالث: تحدثنا عن النتائج المستقبلية كتطبيق حالي رغم وجود بعض الأخطاء والمفارقات وضعف الإمكانات المتوفرة لحداثة التجربة وثقل الأعباء الموروثة وتأثيرات الوضع الإقليمي والدولي على المسيرة السياسية الحالية في العراق. مفهوم الديمقراطية الديمقراطية بالمنظور السياسي إنها: مفهوم عام تكمن خصوصيته في ممارسة العملية السياسية ذاتها، وهي نظام قابل للمناقشة والإصلاح لأنها تمنح الشعب السلطة وهو مصدر السلطات ولا سيادة لأحد سواء أكان فرداً أم حكومة إلا بالقانون والديمقراطية بالمفهوم الاجتماعي، هو تفاعل ديناميكي مع الآخرين وعليه فينبغي أن يكون هناك قانون أو دستور ينبع من الوجدان الإنساني لينظم علاقات الأشخاص دون تمييز، لذا فهي صحيحة وثابتة وتسهم في إتاحة الحريات للأفراد والتكوين الذاتي للفرد بشكل خاص، حيث يتم التركيز على قواعد مشاركة الفرد في التفكير والإعداد وتنفيذ البرامج والمشاريع الرامية للنهوض به وزيادة مستوى الرفاهية لأفراد المجتمع. وبالمنظور النفسي، فالديمقراطية أكثر من رغبة بل هي الأمنية التي تراود أحلام الإنسان، وما لم تكتسب طابع المصداقية بشكل لا يمكن للإنسان أن ينعم بالأمن والاطمئنان والثقة لضمان حرية الفرد وحقوقه مقابل واجباته بين أبناء جلدته، على إن هناك اختلاف في مفاهيم الديمقراطية نتيجة لتطور المجتمعات واختلاف الثقافات، إذن فعلينا أن نثبت إن الديمقراطية ترتبط بمجموعة مسلمات ومبادئ محددة. بمعنى إنها مفهوم يشير إلى نسق سياسي قائم على مبدأ ممارسة الحكم من خلال موافقة المحكومين وتقبلهم له ذلك إن الحكومة تستمد شرعيتها بصورة مباشرة أو غير مباشرة من إدارة غالبية أعضاء المجتمع، أو من المجتمع بأكمله من خلال تمتعه بقيم المساواة والتكافؤ والعدالة والحرية والتعايش وفقاً لمبادئ المواطنة والتعددية والتنمية والصحيحة. الاستنتاجات إن التنمية التي توصلنا لها من خلال كتاباتنا حول الديمقراطية كمفهوم ومدى إمكانية تطبيقه على الواقع العراقي المتضارب طائفياً ومذهبياً، تتطلب تشخيص الداء ومعرفة أسبابه، فقد يحتمل أن تكمن هنا نقطة البداية للانطلاق الصحيح الأزمة أن تمزق المجتمع العراقي وانتشار الفوضى والفساد والرشوة وتكريس الطائفية عبر الصيغة التي وضعها الحاكم العسكري الأمريكي للعراق بعد احتلاله (بول بريمر) عندما قام بتقسيم المجتمع العراقي إلى طوائف وأثنيات كرسها في مجلس الحكم الانتقالي، فانشق عل أثرها المجتمع رأسياً وعمودياً مما جعل الطائفية والمذهبية هي السمة الغالبة للحكم الحالي. وقد حاولت الحكومة العراقية معالجة هذه السمة الطارئة على المجتمع العراقي من خلال ثلاثة مواضيع مهمة: 1. موضوع المصالحة الوطنية. 2. موضوع الخطط الأمنية لغرض سيادة القانون. 3. موضوع حل المليشيات. أما الخطوات التي يمكن إتباعها لتحقيق ذلك هي: 1. الوحدة الوطنية، التي تتم عن طريق جلوس الجميع حول طاولة المفاوضات دون اشتراطات مسبقة وبمشاركة الوسط العراقي المثقف والفئات الوطنية المهمة والاتفاق بين زعماء الطوائف المختلفة. 2. الاستفادة من مبادئ عامة وأساسية لتشكيل نظام سياسي عراقي يعتمد الشريعة الإسلامية أساساً وإطاراً لخصوصية المجتمع العراقي بذلك ويمكن الإفادة من رؤى رجال الدين من خلال تشكيل هيئة من كافة أطياف المجتمع الإسلامي العراقي إضافة إلى بعض رجال الدين المسيحيين والديانات الأخرى، ومهمتها ورأيها توافقي مع الحكومة حيث تستأنس الحكومة برأي الهيئة. المقترحات إن بناء عراق متحد ومتقدم يسوده والرفاه والحرية والسلام والاستقرار، لابد من تضافر الجهود وامتلاك إرادة قوية تتجاوز التحديات وتتغلب على المعوقات التي تفترض مسيرة الخلاص والسبيل لذلك هو: تجاوز ال الطائفية والعرقية والاستعاضة عنها بالثقة المتبادلة والتعاون والإخاء الديني والوطني وتجاوز المحاصصات والبحث عن المتخصصين في مختلف المجالات والمخلصين الذين يؤتمنون على هذا الوطن والشعب. والسبيل لذلك إعادة النظر في قانون الانتخابات ومعالجة موضوع القوانين المغلقة ومن ثم البدء لحملات التوعية لمواجهة الفساد الإداري والمالي، وعلى القيادات الدينية لتي تمارس دورها التوجيهي في توحيد صفوف العراقيين والحفاظ على مصالحهم والدفاع عن حقوقهم، وإحداث تغيير ثقافي وتربوي في المجتمع، وعلى منظمات المجتمع المدني أن تثبت كفاءتها وتجردها من أي واقع غير الحرص على مصلحة الوطن والعمل على إيجاد أسس دولة القانون المبنية على المواطنة الحقيقية. ليتمكن من توخي الدقة في اختيار كل مسؤول يمكن أن يتسلم موقعه في الدولة.
التعليقات