هل يتحول الصراع الايراني السعودي من حرب بالنيابة الى حرب مباشرة؟

شارك الموضوع :

بعد الثورة الاسلامية في ايران عام 1979 والتي ادت لإنهاء حكم الشاه، بدأت تتوتر العلاقات ما بين ايران ودول الخليج لا سيما السعودية وكلاً اخذ على عاتقه نشر افكار ومبادئ اسلامية عاداً نفسه يمثل الاسلام الصحيح ويستند على نصوص وأحاديث يتحرك وفقها، وبعد الحرب الايرانية العراقية " 1980_ 1988 " دعمت السعودية نظام صدام حسين خصوصاً اذا ما علمنا بان السعودية كانت تتمتع بعلاقات جيدة ابان حكم الشاه، اذ ان المشكلة بدأت بعد قيام نظاماً اسلامياً شيعياً لذلك بدأت الدولتين بالبحث عن قاعدة وحلف خارج اراضيه الهدف منها كسب سياسي بغطاء اسلامي. فإيران دعمت حزب الله اللبناني وبعض حركات المقاومة الفلسطينية والنظام السوري معبرة عن ذلك بدعم محور المقاولة ضد اسرائيل، بينما توسعت السعودية ببعض دول الخليج وأفغانستان وباكستان واندونيسيا وماليزيا والسودان وغيرها عبر انشاء الالاف من المدارس الدينية لنشر الفكر الوهابي المتطرف. ايضاً من اسباب الصراع حوادث الحج اذ غالباً ما توجه السعودية تهماً لإيران بتسييس موسم الحج بينما ترد ايران بالنفي مشككة بقدرة السعودية بتوفير اجواء الحج واحتكارها والتسبب بقتل الحجاج وبضرورة اشراك الدول الاسلامية بتنظيم وتامين مناسك الحج، كما وان التغيير السياسي بالعراق بعد عام 2003 م قد اجج من حدة الصراع لا سيما بعدما شهد التغيير صعوداً للإسلام السياسي الشيعي رافقه تولي زمام حكم العراق عبر معارضة اسلامية تتمتع برصانة العلاقة مع ايران وهذا بطبيعة الحال انعكس على العلاقات بين البدلين اذ دخلت ايران بقوة لدعم العراق وبنفس الوقت استفادت سياسياً واقتصادياً ودينياً وكسبت حليف تستطيع المناورة به، بينما السعودية وكثيراً من الدول العربية لم تعترف بالتغيير او بحكومة جديدة وابتعدت شيئاً فشيئاً وربما دعمت بعض المسلحين او المناوئين للحكومة بحجة حماية العرب السنة فيما يقابل هذا النفور تقارب ايراني بشتى ألمجالات وبعد الانسحاب الامريكي نهاية عام 2011 م ، اتهمت السعودية ايران بالاستيلاء على العراق. إلا ان اكثر ما ساهم بتوتر العلاقات ما سمي بـ " الربيع العربي " وموقف البلدين منه سواء في مصر او البحرين او سوريا او اليمن وهذا قد تسبب بانتقال الصراع لمرحلة خطيرة تمثلت بحرب بالنيابة اذ دعمت ايران النظام السوري والمعارضة البحرينية وأنصار الله الحوثيون في اليمن، بينما دعمت السعودية الفصائل المسلحة في سوريا وحكومة عبد ربه منصور هادي في اليمن ونظام البحرين لا سيما بعد نشر قواتها في البحرين لحماية النظام والقيام بتحالف عربي بقيادتها ضد الحوثيون ودعم لا محدود لفصائل معارضة سورية وكلها لا تزال غير محسومة ويتهم كل طرف الاخر بالتسبب بها وتقديم الدعم لحليفه، ثم انتقل الصراع لحرب كلامية بعد حادثتين الاولى تمثلت بقيام النظام السعودي بإعدام اية الله الشيعي الشيخ ( نمرالنمر ) وهو من ابرز رجال الدين الشيعة في السعودية فضلاً عن مضايقات واعتقالات طالت العديد من انصاره بشرق السعودية وقد تسبب الامر بردة فعل ايرانية على المستوى الرسمي و الشعبي عبر احراق سفارة السعودية في ايران وربما تساهلت او سمحت ايران لهؤلاء الشبان الغاضبين بذلك في رسالة قوية للسعودية وقد تسبب الامر بقيام السعودية بقطع علاقتها الدبلوماسية مع ايران رافقها بعض دول الخليج وقطع كافة الرحلات والتبادل ما بين بعض دول الخليج وإيران، الامر الاخر حادثة تدافع ووفاة الحجاج العام الماضي وكان اغلب الضحايا هم من الحجاج الايرانيون مما تسبب بموجة سخط ايرانية متهمين السعودية بالتسبب بوفاتهم الامر الذي نفته السعودية متهمة الحجاج الايرانيون بعدم الالتزام بالتعليمات وشكلت لجنة ما بين البلدين دون التوصل لاتفاق لحل المشكلة بل ازداد الامر سوءاً بعدم مشاركة الحجاج الايرانيون بموسم الحج في العام الجاري رافقه تبادل حرباً كلامية اطلقها المرشد الايراني الاعلى السيد الخامنئي متهماً فيها السعودية بقتل الحجاج وضرورة ان تتولى جهة او اشراك دول بتنظيم الموسم كما واصفاً حكام المملكة ب ( الشجرة الملعونة ) فيما جاء الرد سريعاً عبر مفتي السعودية اذ وصف الايرانيون بأنهم غير المسلمين وهكذا تصاعدت حرباً كلامية بين الطرفين تتزامن مع حرباً بالنيابة تخوضها الدولتين عبر دعم حلفاء يتقاتلون على الارض، اضافة الى تغذية من كبار الدول بحسب مصالحها فتارة بفرض عقوبات على ايران استفادت منها السعودية كثيراً او مفاوضات على البرنامج النووي الايراني ادت لرفع الحصار التدريجي عنها وسط مخاوف سعودية وخليجية ، ايضا مصلحة الدول الكبرى للإبقاء على اسعار النفط المتدنية وضمان تدفق النفط اليها لا سيما من السعودية. بعد موجة هذه الخلافات يطرح المتابعون سؤال مفاده هل هناك امكانية لان تحدث حرباً مباشرة بين الطرفين؟ لا يمكن لأحد تحديد ما تخبئه الاحداث لكن تبقى مجرد فرضيات وتعتمد نسبة حدوثها على مطابقتها لأرض الواقع وبالتحديد في السؤال اعلاه هناك صعوبة بالجزم بمعنى لو كانت هناك بوادر للحرب المباشرة لماذا لم تعلن او تحدث الى الان مع كل هذا التوتر والخلاف وبنفس الوقت يصرف كلا البلدان مبالغ طائلة لإدامة حرب النيابة دون المواجهة المباشرة، الامر الاخر ان الطرفين يتخذ من الورقة الطائفية غطاءاً لتوسيع نفوذه ودعم حلفائه، ثالثاً كلاً منها يعاني من بعض المشاكل الداخلية سواء ما يتعلق بأثر الازمة الاقتصادية او المعارضة السياسية او المشاكل الدينية او قمع الحريات او غيرها وبهذا هناك تخوف من المجازفة فهكذا حرب ربما تؤدي لانقلاب شعوبهم بينما ابقاء الخلاف مستمراً يضمن نوعاً من الاستقرار الداخلي باعتبار ان الدولة تتعرض لخطر محدق بها وعليها الاستعداد لأي طارئ، كذلك في حالة حدوث تلك المواجهة المباشرة فستكون باقي البلدان المسرح الاكبر لتلك المواجهة لا سيما العراق ودول الخليج واليمن وسوريا وبنفس الوقت فان الدول الكبرى ربما تدخل على خط الازمة عبر دعم هكذا حرب على وفق مصالحها ولا ننسى الطرف الاسرائيلي والذي سيدخل بقوة لتغذية هكذا صراع يبعد الخطر عنه حتى وان كان خطر بمجرد التهديد باستخدام القوة. ملخص الكلام وان تصاعدت الحرب الكلامية إلا انها لم تصل الى حد المواجهة المباشرة فضلاً عن وجود اولويات حالياً تتصدر اهتمامات تلك الدول كالحرب مع داعش والأزمة الاقتصادية ومشكلة سوريا واليمن والعراق كذلك الموقف من حزب الله، وهذه كلها اوراق بإمكان كلا الدولتين ان تستغلها لتمرير ما تريد او المساومة عليها دون النزول للاقتتال المباشر.
شارك الموضوع :

اضافةتعليق


جميع الحقوق محفوظة © 2023, مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية