ابعاد ومخاطر الاغتراب السياسي في العراق

شارك الموضوع :

لا يمكن الاستهانة بمخاطر الاغتراب السياسي والذي يظهر جلياً كلما ابتعدت القرارات الحكومية عن تلبية طموح الجماهير، وفي مقابل ذلك تقل حالات الاغتراب كلما ازدادت القرارات قربا من الشعب، وعلى هذا المنوال يحتاج صانع القرار السياسي العراقي لتدارك المخاطر والعمل على اندماج المجتمع مع محيطه السياسي والاجتماعي، وان تكون القرارات بمستوى الطموح وتلبي احتياجات القاعدة الشعبية لفسح المجال امام عامة المواطنين لاسيما الشباب منهم في ادارة الشأن العم، واعادة احياء الروح الوطنية للمساهمة بتطوير رابطة المواطنة الفعالة لدى الافراد واستثمارها في بناء الوطن

تتعدد التعاريف والمفاهيم التي اتت على تناول الاغتراب كمفهوم عام والاغتراب السياسي بصورة خاصة، الا اننا نحاول هنا توضيح المفهومين، فالاغتراب بالدرجة الاساس هو شعور الفرد او احساسه بوجود حاجز او عائق ما بينه وما بين محيطه او ما بينه وما بين الشبكة الاجتماعية من حوله مما يولد ضعف او انقطاع اواصر التواصل ما بين الاثنين مما يؤدي الى الاحباط عند عجزه عن ايجاد دور حقيقي يمارسه سواء في العائلة او المؤسسات المحيطة به.

اما الاغتراب السياسي فقد جرى تناوله من كبار المفكرين فمثلاً ( هيجل وماركس ) قد وصفوه بانه اغتراب الفرد في شبكة علاقاته مع مؤسسات الحكم والدولة، اذ ان الفرد في الدولة يشعر أنه غير قادر على التأثير في النظام العام، وانه يُدفَع إلى الهامش، ويشعر أنه مقموع، ولا يجد قناة لينشط من خلالها ويؤثر على النظام ، وهذا الاحساس ينجم من جراء عجز الفرد عن احداث أي تغيير على مستوى النظام السياسي او السلطة بشكل عام مما يولد شعورا محبطا يجعل من الفرد رافضا لأي سلوك او اهتمام متبادل ما بينه وما بين العمل السياسي بل دائما ما يرفض التعاطي مع التطورات السياسية كالمشاركة الانتخابية او التظاهرات او ابداء الرأي لرسوخ فكرة الاغتراب في ذهنه وانعزاله تماماً عن اية فعاليات اجتماعية وسياسية ، والاغتراب هنا يكون على نوعين ( العجز السياسي والسخط السياسي ) ونحتاج للتمييز ما بين الاثنين ففي الحالة الاولى يلجأ الفرد للاغتراب السياسي ليس بمحض ارادته وانما نتيجة الظروف المحيطة به التي تفرض عليه ذلك نتيجة لتسلط النظام الحاكم او الروتين القاتل او احتكار السلطة وانعدام التبادل السلمي وضعف المؤسسات وانعدام الخدمات، اما النوع الثاني أي السخط السياسي فعادة ما يلجأ اليه الفرد بإرادته وبصورة طوعية وفقاً لتكوينه السيكولوجي او طبيعة اهتماماته او ميوله فتراه دوماً يمثل الحالة السلبية والانتقادية للنظام السياسي ومؤسساته . 

على وفق ما ذُكر اعلاه فأن المواطن العراقي وفي ظل التحول الديمقراطي والشروع بالعملية السياسية الجديدة يعاني من الاغتراب السياسي نتيجة للمعطيات التالية: - 

1- يتوالد شعور لدى اغلب المواطنين لاسيما الشباب منهم بعدم المقدرة على احداث تغيير او انهم غير مؤثرين على القرارات الحكومية التي يصدرها صانع القرار وبالتالي تحولهم الى متلقين يزيد من فرصة اعتزالهم عن الفعاليات الاجتماعية والتطورات السياسية. 

2- في ظل مجريات الاحداث في العراق ظهرت نخبة حاكمة واغلبية محكومة هذه النخبة تعيد نفسها بمسميات جديدة وهو احتكار للوجوه ذاتها مما يبعث برسائل سلبية نحو فقدان الامل بتحقيق الطموح السياسي او اعادة اندماج المواطن مع بيئته السياسية. 

3- قلة المشاركة الانتخابية ففي كل دورة انتخابية نرى ضعف الاقبال على صناديق الاقتراع بينما كان يفترض اتساع المشاركة لإحداث التغيير المنشود وربما الموضوع مدروس ومخطط له لإعادة انتاج القوائم ذاتها وهذه الخاصية وضعف المشاركة هي اعلى درجات الاغتراب السياسي نتيجة شعور الفرد بأن الموضوع لا يعنيه؟ 

4- الاحباط نتيجة انعدام الخدمات واستشراء الفساد السياسي وحالات الفقر وارتفاع معدلات البطالة جميعها اسباب تؤدي الى ابتعاد الفرد عن البيئة.

ولا يمكن الاستهانة بمخاطر الاغتراب السياسي والذي يظهر جلياً كلما ابتعدت القرارات الحكومية عن تلبية طموح الجماهير، وفي مقابل ذلك تقل حالات الاغتراب كلما ازدادت القرارات قربا من الشعب، وعلى هذا المنوال يحتاج صانع القرار السياسي العراقي لتدارك المخاطر والعمل على اندماج المجتمع مع محيطه السياسي والاجتماعي، وان تكون القرارات بمستوى الطموح وتلبي احتياجات القاعدة الشعبية لفسح المجال امام عامة المواطنين لاسيما الشباب منهم في ادارة الشأن العم، واعادة احياء الروح الوطنية للمساهمة بتطوير رابطة المواطنة الفعالة لدى الافراد واستثمارها في بناء الوطن. 

شارك الموضوع :

اضافةتعليق


جميع الحقوق محفوظة © 2023, مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية