أفضل ما خرجت به تلك التظاهرات هي رسالة للحكومة القادمة بضرورة تلبية تلك المطالبات اضافة الى تأثيرها على طبيعة التحالفات، اما حلول الحكومة الحالية فهي لا تتعدى ما قامت به لكونها تصريف اعمال وانتهاء صلاحية البرلمان فالأنظار تتجه نحو الحكومة القادة لوضع معالجات حقيقية
ليست هي المرة الاولى التي تشهد مدن العراق تظاهرات واحتجاجات للمطالبة بأمور عدة سواء كانت سياسية او اجتماعية او اقتصادية او خدماتية، الا ان التظاهرات والاحتجاجات الاخيرة منذ العاشر من تموز تعد الاخطر منذ 2003 وذلك لأسباب عدة ومنها التالي: -
1- اغلب التظاهرات السابقة كانت تأخذ طابع نمطي موحد تبدأ في مراكز المدن وتمتد للأطراف الا ان قوتها في ساحات عامة ومعروفة في اواسط المدن، عكس التظاهرات الاخيرة التي بدأت في مواقع الاطراف والاماكن الحساسة؟
2- التصعيد المباشر: الغريب في الاحداث الاخيرة سرعة تصعيد المطالب والتحرك السريع بعكس الاحتجاجات السابقة والتي كانت تتصف بالتصعيد البطيء ورفع سقف المطالب بصورة تدريجية عند عدم الاستجابة.
3- البنى التحتية: أخطر ما شهدته التظاهرات الاخيرة هو محاصرة وتطويق المنشآت الحيوية كالنفط والغاز ومحطات الكهرباء والمطارات، مما أسهم في دق ناقوس الخطر.
4- غياب الموجه الحقيقي لتلك التظاهرات وهو امر مستغرب فأغلب التظاهرات السابقة كانت تخرج اما بأمرة التيار الصدري او المدني او احزاب اخرى معروفة ومعرفة .
5- تأييد المرجعية للاحتجاج السلمي عبر خطبة الجمعة مع حث المتظاهرين على الحفاظ على سلمية التظاهر وعدم الاعتداء على الاملاك العامة والخاصة ، وهو امر اعطى زخما معنويا للمحتجين .
6- حرق مكاتب عدة لأحزاب حاكمة او مشتركة بالحكومة وهي مرحلة جديدة لم تعهدها التظاهرات السابقة .
7- سرعة تأثر بقية المحافظات بعد البصرة ميسان المثنى الديوانية الكوت النجف الحلة كربلاء وبغداد، وهو ما يعني وجود تنسيق مسبق لهذه الموجة.
8- تلخيص المطالب بتوفير الخدمات اعطى للتظاهرة طابعاً شعبياً نتيجة لتضرر اغلب المواطنين منها .
9- كثرة الاصابات والاعتقالات في الاحتجاجات الاخيرة واللجوء للعنف المفرط في بعض المواقف.
اما بالنسبة لتوقيت التظاهرات فهو بحد ذاته يثير تساؤلات عدة فبالرغم من الاسباب الظاهرة للعيان وهي ارتفاع درجات الحرارة وتردي الكهرباء وزيادة ملوحة الماء الا ان المتابع يدقق اكثر في موضوعة التوقيت لاسيما وانها اتت بعد اعادة العد والفرز اليدوي للانتخابات ودون حسم وتطابق اغلب نتائج العد الالكتروني مع العد اليدوي ، الشيء الاخر لايزال الغموض يكتنف موضوع الكتلة الاكبر دون حسم اضافة الى فوضى تشكيل التحالفات مع تعددها وسرعة تفككها ، ولا يفوتنا ذكر وجود نية لتشكيل حكومة عراقية مقبلة من الداخل بعيدة عن ضغوط ما وراء الحدود اقلها هذا المعلن مع وجود جبهة خاسرة للانتخابات تثير الشكوك ، اضافة الى توقيت قطع الخط الايراني المغذي للجنوب وفي هذا الوقت من الصيف الحار .
اما موقف الحكومة وبالرغم من وصول العبادي لمدينة البصرة واطلاقه للدرجات الوظيفية وزيادة الحصص المائية وإطلاق مخصصات البصرة الا انها حلول ترقيعية فالمشاكل الموجودة متراكمة ولا يمكن حلها بيوم او يومين وهي اخفاقات تتحمله الحكومة المحلية والمركزية وتقصير واضح من الحكومات السابقة منذ 2003 فالمشكلة كما أسلفنا هي ليست انية وانما متراكمة وشابها القصور في التعامل معها، لذلك من يطالب بحل بيوم او يومين معنى ذلك حلول ترقيعيه لا ترتقي ومستوى الاحتجاجات.
اما أفضل ما خرجت به تلك التظاهرات هي رسالة للحكومة القادمة بضرورة تلبية تلك المطالبات اضافة الى تأثيرها على طبيعة التحالفات، اما حلول الحكومة الحالية فهي لا تتعدى ما قامت به لكونها تصريف اعمال وانتهاء صلاحية البرلمان فالأنظار تتجه نحو الحكومة القادة لوضع معالجات حقيقية.
اضافةتعليق