الاقتصاد العراقي بعد عامين من الصدمة... التحديات والفرص

67042017-05-03

شكل الاقتصاد العراقي مجالا مهما في التحليلات ذات العلاقة بالأليات المتبعة ماليا ومصرفيا في جميع القطاعات سواء كانت صناعية او زراعية او تجارية. لذا عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية ملتقاه الشهري لشهر نوفمبر تحت عنوان: الاقتصاد العراقي بعد عامين من الصدمة... التحديات والفرص، وذلك في مقر مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام، وبحضور مجموعة من الأكاديميين والباحثين. 

أكد مدير الجلسة الدكتور حيدر حسين آل طعمة التدريسي في جامعة كربلاء والباحث في مركز الفرات على ان انهيار اسعار النفط عمق الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد العراقي، وهي ناجمة عن عقود من سوء ادارة الاقتصاد والادمان المفرط على النفط، وان تذبذب اسعار النفط وموجات الصعود والهبوط فاقم من محنة الاقتصاد العراقي، خصوصا وانه يخوض معركة شرسة مع عصابات داعش، وهو بحاجة الى تمويل مفتوح لا موازنة تقشفية. وواقعا ان تزايد الاعتماد على النفط وعدم قدرة الحكومة على توفير ايرادات مالية بديلة، ورغم ان  جهود الحكومة  خلال موازنة(2015) و(2016) كانت دائمة التعويل على الايرادات الضريبية والرسوم وغيرها، لكن اثبت الواقع صعوبة استخراج نسب جيدة لتمويل الموازنة عن طريق ايرادات بديلة، حيث لم تتعدى نسبة الضرائب في(2015)(1 او 2%)، وهذا يعني بان النظام الضريبي غير قادر على الاستجابة للنفقات الحكومية المتزايدة، هذا الواقع تزامن مع هبوط مستمر في اسعار النفط وهو ناجم عن مجموعة من الاسباب. مضيفا كان من أبرزها عدم الاتفاق بين البلدان المصدرة للنفط اوبك وبين البلدان النفطية من خارج اوبك وايضا بسبب النفط الصخري، هذا الواقع بين طبيعة الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد كونه يعتمد وبصورة شبه كاملة في تمويل الموازنة والاقتصاد؛ لذلك لابد ان نبرز التحديات التي يعاني منها الاقتصاد العراقي وهي كالاتي:

 

 

1_ اسعار النفط ...

وهي من اهم المصادر للموارد وذلك كون العراق يعتمد على النفط بنسبة(90%) من صادرات العراق او اكثر، وكذلك يمثل قرابة ذات الرقم في ايرادات الموازنة العامة، علما ان موازنة(2017) يشكل النفط فيها ما نسبته(70%)، لكن المبلغ المتبقي الدولة غير قادرة على تحصيلها في الوقت المناسب، لاسيما وان انهيار اسعار النفط موضوع معقد وترتبط فيه عناصر كثيرة لكن العنصر الاكثر اثارة هو النفط الصخري، حاليا النفط الصخري اصبح مثل بيضة القبان فعندما ترتفع اسعار النفط  ينشط النفط الصخري بسبب كونه يستطيع الاستجابة للأسعار ما بين(55 الى 70) دولار. وبالتالي ارتفاع اسعار النفط الى هذه المعدلات تحفز الاستثمار في هذا القطاع وهذا ما اثبتته التجربة، ففي السنوات القريبة الماضية التقارير تفصح  عن تقليص مستمر في اعداد الحفارات العاملة في النفط الصخري، لكن مع تعافي اسعار النفط ووصولها الى عتبت(50 دولار) بداءة حفارات النفط تعمل من جديد، هذا يعني وجود شركات استطاعت ان تتكيف مع السعر المذكور وهذا واقعا مازق جديد للبلدان النفطية، بالإضافة الى المأزق الذي يعتبر ان هيمنة النفط على هذه الاقتصادات كابح للتنمية والاستقرار الاقتصادي، فان المأزق الجديد ان اسعار النفط غير قابلة للزيادة فأي زيادة في اسعار النفط يقابلها زيادة في الانتاج من النفط الصخري في امريكا وكندا، وهذا يؤدي الى زيادة العرض ومرة اخرى تنخفض الاسعار، اذا النفط الصخري اصبح اشبه بالقيد على الاسعار ومثلما نعرف ان اسعار النفط حساسة وهي تخضع لثلاث متغيرات:

اولا: المخزونات الامريكية

ثانيا: الدولار

ثالثا: الاحداث الجارية في المنطقة خصوصا الاحداث السياسية 

وظهور النفط الصخري أبرز معادلة جديدة وهي ان اسعار النفط فيما لو تعافت لا يمكن ان تتجاوز عتبة (70) دولار في أحسن الظروف هذا هو المحدد الاول، بالإضافة الى المحددات الاخرى التي تكبح ارتفاع اسعار النفط، ومن ضمنها عدم الاتفاق داخل بلدان اوبك وهناك بعض القضايا السياسية الاخرى.

 

{img_2}

 

ثانيا: صعوبة ضغط النفقات التشغيلية...

حاليا العراق اخر التقارير تفصح انه يبلغ تعداد العاملين في القطاع الحكومي (5 مليون) والمتقاعدين (2 مليون)، رواتب هؤلاء قرابة (40) او(44) مليار دولار سنويا، هذا مبلغ  صعب والمشكلة في النفقات بالبلدان النفطية بانها قابلة للزيادة في اوقات ارتفاع اسعار النفط لكنها غير قابلة للانخفاض في اوقات الهبوط ، لذى فعدم قدرة الدولة على ضغط النفقات هذا ايضا عنصر خطير وفيه مجموعة المشاكل وهي كالتالي:

اولا: يؤثر على النفقات الاستثمارية.

ثانيا: الدولة حاولت زيادة العوائد الضريبية لكنها بالمعايير الضريبية زيادة خجولة السبب الاول هو ضعف القانون.

ثالثا: البطالة اليوم تطال الخريجين وهي بنسبة خطيرة جدا وتهدد مستقبل العملية التعليمية في العراق وهنا بطبيعة الحال مجموعة مشاكل ومجموعة اسباب ومنها:

اولا: مخرجات جهاز وزارة التعليم العالي لا تواكب سوق العمل باستثناء بعض الاقسام.

ثانيا: عدم قدرة القطاع الخاص على استيعاب الايدي العاملة وانه لأسباب عاجز عن العمل وان القطاع الخاص الذي كان سابقا يعمل على الريع النفطي وعن طريق التواصل مع الدولة في مشاريع عامة.

ثالثا: ضعف البيئة الاستثمارية ففي هذا الظروف لابد من ايجاد الاستثمار الاجنبي لتعويض نقص الايرادات النفطية، وهذا ما عمدت اليه دول الخليج العربي والامارات العربية بشكل خاص لكننا في العراق بالإضافة الى انعدام الفرص للاستثمار الاجنبي بسبب الوضع الامني والبيروقراطية والفساد المالي والاداري أصبح الاقتصاد العراق بمثابة الطارد للاستثمارات المحلية. وهذا تحدي خطير وتزايد خطورة في الآونة الاخيرة بسبب تصاعد العمليات الامنية.

التحدي الاخر هو قيد العملة الاجنبية، فالاقتصاد العراقي ورغم الازمة التي يمر فيها لكننا نشعر تقريبا بالاستقرار، هذا المتغير ما هو سببه؟ سببه ان سعر الصرف ثابت نسبيا، إذا ركيزة الاستقرار في العراق هو سعر صرف الدينار العراقي، لذلك صندوق النقد الدولي ورغم انه صارم في الجانب النقدي والمالي لكن ولأول مرة يدعو الى التمسك بدعم سعر الصرف، وان البنك المركزي ورغم علمه الاكيد بعمليات تهريب تتم عن طريق اقليم كردستان لكن ليست هناك من الية بديلة، فالبنك المركزي العراقي مهمته الاولى هو رفد السوق بالدولار اي ان البنك المركزي هو من يقوم بالعرض في حين السوق قائم على العرض والطلب، فمن المفروض بالجهتين هناك مجموعة أطراف حتى نخلق توازين سليم.  ان الالية هنا جدا بسيطة الحكومة عندما تصدر النفط فالإيرادات تأتي بالعملة الاجنبية وتودع في حساب وزارة المالية، وبالتالي الوزارة تحول الاموال الى البنك المركزي العراقي وتأخذ بدلا عنها اموال بالعملة العراقية ، وعلى الاساس يأخذ البنك المركزي الدولارات كي يلبي طلبات التجار والجمهور من النقد الاجنبي ويستلم بدلا عنها العملية المحلية وهكذا تتم العملية فمنذ كانت اسعار النفط مرتفعة كانت توفر مخزونات نقدية محترمة للاحتياطات الاجنبية، لكن الامر تغير حينما  انخفضت اسعار النفط وبالتالي حصل انخفاض ايضا في تدفقات العملات الاجنبية يضاف اليها عمولات الشركات الاجنبية وهي تقدر في موازنة(2017) ب(12) مليار دولار وهذا كله يشكل قيد للعملة الأجنبية. وهذا يعتبر تهديد خطير خصوصا وان مستويات الاحتياطي الاجنبية في تدني مستمر واخر التقارير تشير الى (28 او 30) مليار دولار بعدما كان(75) مليار دولار ايام ارتفاع سعر النفط، هذه المشكلة ليست مشكلة تمويل بل هي قيد عملة.

ويختم ال طعمة ان هذا المعنى قد يمثل تهديدا خطيرا لأغلب القطاعات الصناعية في البلد وهذه هي أبرز المتغيرات التي يمكن ان نشير اليها وهي قد ازدادت بفعل (الصدمة المزدوجة) واصل التسمية تلك يعود لانخفاض اسعار النفط وقلة التدفقات المالية الاجنبية من جهة ومن جهة اخرى بسبب الحرب ضد داعش وحاجتنا للعملة الاجنبية لاستيراد الاسلحة وهذين الامرين سببا انكماش الاقتصاد العراقي.

ومن اجل اغناء الموضوع بالأفكار والآراء العملية الموضوعية قدم للحضور الكريم التساؤلين الآتين.

السؤال الاول: اختلالات وتدهور الاقتصاد العراقي هل هو سببه شحة موارد ام سوء ادارة؟

المداخلات

-    الحاج جواد العطار عضو الجمعية الوطنية سابقا، قال ان احادية المورد وهو النفط هي المشكلة الاساسية في الاقتصاد العراقي واقتصاديات الدولة النفطية الاخرى، النفط والى وقت قريب كان سلاحا بأيدينا الا انه أصبح بعد ذلك سلاح بيد الاخرين، والشيء الاخر ان العراق يمتلك موارد اخرى لكننا أصبحنا شعبا مستهلكا ولا نعتمد الا على النفط، والسبب يعود بالأساس لسوء ادارة الاقتصاد وسوء ادارة الدولة لمواردها وبالذات الموارد البشرية، اقتصادنا اليوم غير واضح الملامح ونعتمد فلسفة (اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب). 

-    الشيخ مرتضى معاش رئيس مجلس إدارة مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام اجاب اولا   على التساؤل المطروح لماذا صندوق النقد الدولي يأمر مصر بتحرير سعر الصرف دون العراق؟ فيقول ان الاقتصاد العراقي هو اقتصاد نقدي وهو غير مربوط بالدولة بل مربوط بالعملة، وعلى هذا الاساس الدينار مربوط بالدولار اساسا هذا هو السبب الاول، السبب الاخر ان العراق بلد مستهلك وغير منتج ولا ينفعه الا تحرير الصرف، وهذا المعنى لا يخدم مصر كونها بلد منتج أكثر ما كونها مستهلك وهناك يد عامل كبيرة. ويضيف الشيخ معاش الشيء الاخر ان مشكلة الاقتصاد العراقي لا تتعلق بشحة الموارد او سوء ادارة، المشكلة بالأساس  مشكلة اقتصادية في البلد ثقافة الشعب ثقافة ريعية وهي تعيش على  النمط الاشتراكي وعلى التعيين في الدولة، يضاف الى ذلك القطاع الخاص العراقي اعرج وغير قادر على العمل بقوة وهو يحتاج الى حاضنة اجتماعية، وان التعليم العالي هو ليس المسؤول الاول عن مخرجات اليد العاملة الثقافة الاجتماعية لا تشجع يد العاملة ان تكون جيدة، فالطالب يدرس من اجل ان يكون صيدلي او طبيب ونحن نعاني من ثقافة تسمى الثقافة الانية، فالعراق فيه فرص جدا هائلة لابد ان نركز عليها، الشيء الاخر ان عملية بيع الدولار  التي تتم عن طريق البنك المركزي العيب ليس في الالية لكن العيب في الثقافة التي يعتمدها الاشخاص المعنيين بعملية شراء العملة. 

- الاستاذ عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية  من جانبه اثنى  على الموضوع وهو يعتبر ان الاقتصاد العراقي لم يتعرض الى صدمة واحدة، فهو منذ  مطلع ثمانينات القرن الماضي والى الان يتعرض الى سياسة التخريب سواء كانت متعمدة او غير متعمدة، الاقتصاد العراقي في فترة الثمانينات استنزف بشكل كامل في الحرب العراقية الايرانية، بعد عقد الثمانينات جاء الحصار الاقتصادي تلك الطامة الكبرى، بعد (2003) والتغيير السياسي جاءت  الفوضى السياسية والاقتصادية والفساد المالي والاداري الذي لم يبقي للعباد شيئا، بالنتيجة هذه الازمات التي مرت بالاقتصاد العراقي هي ناتجة عن سوء ادارة وتخريب لو تعرض لها غير الاقتصاد العراقي لأنهته، ولكن  لكون الاقتصاد العراقي يمتلك مخزون نفطي هائل والخزين الصناعي والزراعي غير المستخدم وثقة الدول الخارجية بهذه المعلومة، جعلتها تتنافس للعمل مع العراق بسياسة الدفع بالأجل.  وبالتالي ان سوء الادارة وسياسية التخريب هي السبب الاهم في نكوص الواقع الاقتصادي العراقي، وهي التي جعلت من الثقافة الشعبية تبحث عن الاطمئنان في كسب الرزق المضمون ومنه التوجه الى القطاع الصحي، مع ذلك ان الفرص سانحة للتحسين لان العراق يمتلك ما يمتلك من مقومات النهوض، الا ان الطامة الكبرى لا يتسلط على تلك الملفات الا اصحاب النوايا المريضة او الجهلة بهذا الجانب. 

- الاستاذ حيدر الجراح مدير مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث يتفق من حيث المبدأ على سوء الادارة في الموارد والانفاق ويتساءل ايضا عن الحكمة ان يكون هناك ثلاثة فقط من يسيطرون على مزاد البنك المركزي العراقي ومنهم صاحب صرافة الكوثر وهو أحد اعمدة تجارة السكائر التي كان يسيطر عليها ابن الطاغية.

- الاستاذ علي صالح الطالقاني مدير مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام. ورئيس تحرير صحيفة المختار  يتحدث اولا عن المخرجات ومنها خريجي  الدراسة الاعدادية والتعليم المهني يتناسب الى حد كبير مع مدخلات التعليم العالي، الا ان مخرجات التعليم العالي لا تتناسب مع القطاع الحكومي والقطاع الخاص، فعل سبيل المثال بعد السقوط تم اهمال مخرجات التعليم العالي ومنهم خريجي الكليات والمعاهد الفنية، خصوصا وان اعداد خريجي تلك التخصصات كبير وكبير جدا على مستوى الاقسام الصناعية والزراعية وعلى مستوى الاقسام العلمية الاخرى كصناعة الاجهزة الكهربائية وكان قطاع مشترك ولدينا مصانع عمالقة، وبالتالي ان مخرجات التعليم العالي يذهبون بهذا الاتجاه والامر هنا يشمل باقي الوزارات كالزراعة والصناعة وهكذا، وبالتالي عندما لا تتوفر تلك الالية ينشأ جيش كبير من العاطلين. ويضيف الطالقاني النقطة الاخرى مجسات السوق التي تم ذكرها بالورقة هي تتعلق بالتخلف التكنلوجي والسرعة للاستجابة لمتطلبات سوق المال، الذي اصبح يعتمد على التكنلوجيا بشكل كبير مثل البورصة المضاربة مراقبة الاسواق، وهو عكس ما موجود في العراق حيث يوجد تخلف تكنلوجي واضح وملموس وهو يؤخر حركة السوق، النقطة التالية تتعلق بمشاكل المنظومة الاقتصادية الدولية التي تستهدف القطاع الاقتصادي العراقي، كثير من الدول المجاورة مثل ايران والسعودية اغرقت السوق العراقية بالبضائع وبعض هذه المؤسسات هي شبة حكومية، وقد خصصت جزء من الاموال لصالح الاستثمار وبالنتيجة ذلك الاجراء اتى ثماره في اذكاء القطاع الصناعي، ايضا نحن نحتاج الى ثقافة اقتصادية رصينة.

_ الاستاذ حمد جاسم التدريسي في جامعة كربلاء والباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات، يعتقد بوجود عدد لا باس به من الاسباب ادت الى تدهور الواقع الاقتصادي العراقي، ومنها الثقافة الاقتصادية التي يامن الوعي الجماهيري فغالبية الشعب العراقي يذهب نحو الوظائف الحكومية وهذا له اسباب فالدولة لا تقدم الدعم المطلوب لكافة القطاعات ومنها القطاع الزراعي فنحن نجد اليوم المستورد الاجنبي منافس قوي للمنتج الزراعي المحلي. ان سوء الادارة هو السبب الابرز في انخفاض مستوى الواقع الاقتصادي العراقي ولتعزيز هذا المعنى هناك دول نفطية اخرى لم تتأثر بانخفاض اسعار النفط مثل كندا والنرويج 

_ تحدث الدكتور قحطان حسين الباحث في مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية عن ان الورقة غاب عنها نموذج تشخيص الفرص المتاحة امام الاقتصاد العراقي للنهوض مرة اخرى، بالإضافة الى ذلك ان الاقتصاد العراقي غامض الملامح والمظاهر، فهل هو اقتصاد هجين ام رأسمالي ام اقتصاد حر ام مخطط له مركزي الى الان لا نعرف طبيعة هذا النظام. وان من يتحكم في المدخلات والمخرجات في الاقتصاد العراقي هو البند الدولي وكبار تجار السوق العراقية، اما ما يتعلق بالتحديات التي اعرضت اليها الورقة هي تحديات واقعية، وهي تعود لسوء الادارة وغياب التخطيط تراجع اسعار النفط فضلا عن تحدي اخر وهو الانفجار السكاني الذي يشكل خطر على اي تنمية في الاقتصاد العراقي مستقبلا.

_ الاستاذ حامد عبد الحسين خضير باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية حاول ان يعرض لنا واقع الاقتصادي العراقي وما يملك من احتياطات نفطية بالإضافة الى الكبريت والفوسفات، ناهيك عن القطاع الزراعي فان العراق كان يملك(30) مليون نخله في عام(80) والان هو متأخر عن دولة الامارات العربية المتحدة والسعودية، والبعض ايضا اتى على ذكر سوء الادارة والامر هنا بالتأكيد يتعلق بالجانب السياسي وليس الاقتصادي لأننا نمتلك شخصيات اكاديمية اقتصادية على مستوى عالي جدا.

- احمد جويد مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات يعتقد ان الاختصاص الاقتصادي هو اختصاص صعب وهو يعول دائما على الاستقرار السياسي كمتلازمة حتمية مع الاستقرار الاقتصادي، خصوصا وانها هناك حقيقة تقول( ان راس المال جبان)، وبالتالي عند توفر تلك الحيثيات يظهر القطاع الاستثماري والخاص الى جانب الموارد الجيدة والتشريعات داعمة لذلك الاستثمار، فالعراق واقعا يعاني من سوء التخطيط في السياسات العامة ورغم الامكانيات الهائلة التي يمتلكها  هذا البلد فمنذ ان داخل العراق في دوامة الحروب بدأ الاقتصاد العراقي ينهار وهذا ما لم يكون موجود في سبعينيات القرن الماضي حيث كانت هناك وفره مالية كبيرة وتطور سريع في مؤسسات الدولة على المستوى التعليمي والصحي العراق نوعا كان فيه تخطيط جيد وادارة جيدة واستطاع ان ينهض وبالتالي ان الاستقرار السياسي والامني ورسم سياسات جيدة ممكن ان يعيد الواقع الاقتصادي الى سابق عهده.

السؤال الثاني: هل ممكن ان نعد انهيار اسعار النفط فرصة لانعتاق الاقتصاد العراقي من الهيمنة النفطية خصوصا في سياق تجارب ناجحة؟

-يعتقد الشيخ مرتضى معاش ان الازمة ليست ازمة نفط بل نحن بحاجة الى تغيير الثقافة الاقتصادية، وخلاف ذلك لا يمكن ان يكون لدينا استثمار ناجح للموارد الاقتصادية، فإدارة البلد ليست مسؤولية الحاكم فقط بل الشعب هو ايضا مسؤول، ونحن كمراكز بحثية مطالبين بتقوية القطاع الخاص الاخلاقي. 

- الاستاذ حيدر الجراح ان فكرة العراق لديه ثروات تحتاج للكثير من التأمل خصوصا اذا ما اردنا رصد الجانب الزراعي ومحاولة مسح المساحات الموجودة والمستغلة في كربلاء على سبيل المثال، قبل سنوات كانت عبارة عن لوحة من الخضرة وكانت تنتج زراعيا اما في الوقت الحاضر العمران زحف عليها واصبحت لوحة كونكريتية، فاين مبدا تطوير القطاع الزراعي ومن  اين  ننطلق من استصلاح اراضي جديدة وغير زراعية اصلا وهي عملية مكلفة او تحافظ على ما تبقى من الاراضي الزراعية داخل مدينة كربلاء والامر ينسحب على باقي مناطق العراقي وباقي القطاعات الاخرى.

-الاستاذ على الطالقاني يحاول ان يتكا على القول القائل (الحاجة ام الاختراع) او قول الامام علي(ع) (احتج لمن شئت تكون اسيره)، كلمات بسيط لكنها تستطيع ان توجد حالة ربط الواقع العراقي سابقا واليوم فالقطاع الزراعي على سبيل الفرض كان أفضل من اليوم بالنسبة للمنتجات الزراعية والحيوانية وحتى الصناعات المحلية واقعا كنا لا نحتاج الى المنتج الأجنبي. النقطة الاخرى الطاقات البشرية وطموحات الشباب طموحات هائلة وهو مضطر للاستعانة بقوى معينة لتوفير لقمة العيش اين دعم المشاريع الصغيرة، اليابان على سبيل المثال عندما تعرضت للإشعاع النووي والارض لم تعد صالحة للزراعة استعانوا بالتربة من خارج اليابان وتمت الزراعة فوق المباني وحتى زراعة الاسماك تتم بنفس الظروف. اين دور القطاع الحكومي في الاستفادة من المنتجات الزراعية كالشلب والتمور؟ كانت الدولة سابقا تبتاع المنتجات الزراعية وهي تتعهد بتسويقها الى الخارج، الاقتصاد العراقي متى ما أحرج سوف يجد لنفسه البدائل المناسبة.

-حمد جاسم، يعتقد ان الزراعة العراقية والى وقت قريب كانت تسد حاجة السوق العراقية وتصدر، وان المساحات الخضراء تمتلك رقعة جغرافية لا باس بها قياس مع ما موجود الان، بالإضافة الى ان الازمة الحالية مع داعش افرغت طاقات الشباب بالنتيجة هناك سوء ادارة فاقم الواقع الاقتصاد العراقي.

- الدكتور قحطان الحسيني يدعو الى زيادة الانجاب لان الوفرة السكانية عامل اقتصادي مهم وهو يعتقد ايضا ان الازمات هي التي تخلق حالة من الابداع.

_ الاستاذ حامد عبد الحسين خضير ان انخفاض الاسعار عامل رئيسي ومهم لتفعيل الطاقات الاقتصادية والاعتماد على الذات.

- احمد جويد يرى وجود افة تهدد كل شيء في العراق وهي افة الفساد فاذا لم يتم معالجة الفساد الاقتصاد العراقي لا يستطيع ان يتقدم خطوة واحدة.

_ الدكتور علاء الحسيني التدريسي وأستاذ القانون الإداري في جامعة كربلاء- كلية القانون والباحث في مركز ادم  يعتقد ان انخفاض اسعار النفط لابد ان تكون فرصة لصانع القرار السياسي العراقي لكي يعيد النظر بأسس الاقتصاد العراقي، وهو منذ ثمانينات القرن الماضي هو احادي الجانب تقريبا وان كان في التسعينيات نوعا ما اعتمدنا على الصناعة وعلى الزراعة، الا انه بعد العام(2003) شهدنا تراجع خطير في هذه القطاعات، لذلك الحكومة العراقية ملزمة بما ورد في الدستور العراقي  على اقل تقدير في المادة(25) من ان الدولة تكفل اصلاح الاقتصاد العراقي  وفق اسس حديثة. اين هي الاسس الحديثة من خطط الحكومات العراقية المتعاقبة، لا نجد حقيقة الا ما ندر هناك مبادرة لرئيس الوزراء العراقي السابق المبادرة الزراعية الا ان بوادرها ظهرت وكانت لها بعض المردودات الايجابية في بعض المناطق وكان من المفترض ان تتلى ببعض الخطوات الاخرى وهذا ما لم يحصل وتراجع الانتاج الزراعي بسبب قانون التعريفة الكمركية فاليوم الحدود مفتوحة على مصراعيها ودخول المنتوجات الزراعية والصناعية بدون قيود ما ساهم في تردي القطاعات التالي الزراعية والصناعية في العراق.

توصيات الملتقى:

1_ على صانع القرار العراقي ان يجعل الاقتصاد اولا والتعليم ثانيا ومن ثمة الامن

2_ ضبط قانون السوق

3_ على مراكز البحوث نشر الثقافة الاقتصادي وتوعية الناس

4_ البيئة المستقرة هي التي تذكي الاقتصاد

5_ اعادة القوانين والتشريعات الى واقعها السليم

6_ على الحكومة ان تحدد ماهية الاقتصاد العراقي

7_ خلق طبقة وطنية لتنمية الواقع الاقتصادي

8_ خفض سعر الفائدة وتبسيط الاجراءات

9_ توحيد القوانين بين القطاع العام والخاص ومنها قانون الضمان

10_ تفعيل قوانين حماية المنتج

11_ ضرورة تشكيل مجلس اعلى يضم وزارات وبرئاسة رئيس الوزراء لوضع خطة وطنية للنهوض بالاقتصاد

12_ لابد من اعادة النظر بالقوانين التي تعيق الاستثمار انطلاقا من قوانين الوزارات الزراعة والتجارة والتخطيط وصعودا الى قانون الاستثمار والاهتمام بالاستثمار الزراعي والصناعي.

التعليقات