تحديات الوقت في تطبيق حزمة الاصلاحات الحكومية

   عقدت مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام مطبخها الفكري الاسبوعي في مقر المؤسسة يوم السبت الموافق 29/8/2015، والذي قدم فيه مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية ورقته البحثية تحت عنوان (الوقت ليس في صالح السيد العبادي)، بمشاركة كوكبة من الاكاديميين والباحثين والاعلاميين، هذا وقد ادار الجلسة الفكرية الباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية باسم عبد عون فاضل.
حيث تطرق صاحب الورقة البحثية الدكتور خالد العرداوي الى حزمة الاصلاحات الحكومية التي اطلقها رئيس وزراء العراق حيدر العبادي منذ التاسع من آب الجاري، موضحا الاهداف المرجوة التي تقف خلف هذه الاصلاحات اذا ما طبقت، مؤكدا في الوقت نفسه على ان هذه الخطوة جاءت في أعقاب الغضب الشعبي الذي سبب تظاهرات كبيرة عمت معظم محافظات العراق للمطالبة بمحاسبة المفسدين وتغييرهم ومكافحة كل انواع الفساد الذي طال جميع مؤسسات الدولة.
هذا وقد شرع الدكتور العرداوي في بيان التحديات التي تقف في طريق الاصلاح وتطبيق حزمته الحكومية الاولى فضلا عن الثانية، مما سيتطلب على رئيس وزراء العراق الوقوف عندها وايجاد الحلول المناسبة لها والتي ربما ستكون في المستقبل القريب عقبات تعرقل مسيرة الاصلاح اذا لم يستطع ايجاد الحلول.

وعد العرداوي قضية الاستخفاف بالوقت (مغامرة غير محسوبة)، منوها الى ان الظرف الحالي يستدعي عدم التأخر في تطبيق الاجراءات الاصلاحية وعلى السيد العبادي التغلب على التحديات التي تعترضها وان يدرك ان الوقت لا يعمل لمصلحته، مؤكدا ان العبادي اليوم محاصر من جبهتين جبهة المرجعية والشعب وجبهة حيتان الفساد وشبكاتهم التي تعاند التغيير وتحاول افشاله بشتى السبل، فالتأخر في تطبيق الحزمة يعني فقدان ثقة الجبهة الاولى واعادة ترتيب الجبهة الثانية واستفحالها مرة اخرى.

من جانبه فقد طرح مدير الجلسة الحوارية باسم عبد عون الى سؤالين على الحاضرين الذين شاركوا مطبخه الفكري الاسبوعي:
هل الوقت في صالح السيد العبادي في تأخر الاستجابة لمطالب الشعب ؟
ماهي معوقات الاصلاح الرئيسية التي تقف بوجه اصلاحات العبادي ؟


المداخلات:

الدكتور علاء الحسيني اشار الى ان عجلة الاصلاحات التي طرحتها الحكومة العراقية تحتاج الى السرعة في التطبيق والتقدم الى الامام، موضحا ان التأني والتأخر في اجراء الاصلاحات ستمكن مافيات الفساد من السيطرة والتحكم أكثر من السابق. مؤكدا في الوقت ذاته على استغلال الفرصة الجيدة امام السيد العبادي والمتمثلة بدعم المرجعية الدينية للإصلاحات وتفويض الشعب الذي يعد مالك السلطات بالإضافة الى وجود التناغم النسبي بين رئيس الوزراء العراقي ورئيس مجلس النواب وهذا وجدناه واضحا بعد حصول البرلمان على الموافقة بإصلاحات العبادي وهذه فرصة جيدة ليضرب بيد من حديد على مافيات الفساد والمفسدين.
واوضح السيد منتظر الحيدري الى ان العبادي هو الشخص المناسب لقيادة المرحلة، وخصوصا بعد حصوله على تأييد المرجعية الدينية وتفويض الشعب العراقي له بإجراء الاصلاحات المرجوة مما يعطيه الشحنة الكافية للمضي الى الامام في تطبيق هذه الحزمة.
اما الدكتور قحطان الحسيني فأكد على ان الوقت ملائم ومناسب جدا امام العبادي لتطبيق حزمته الاصلاحية بسبب وجود الدعم من قبل المرجعية والشعب وهذا الدعم محدد بزمان معين، واذا لم يتم السيطرة على هذا الوقت المتاح فمن الممكن ان ينقلب الامر ضد العبادي وتؤول الامور الى مالا يحمد عقباها. واشار الحسيني الى ان هناك صخرة كبيرة (صخرة الفساد) تقف عائقا امام العبادي وهو على ما يبدو يصطدم بهذه الصخرة الكبيرة التي تمثل الفاسدين ومافياتهم، موضحا ان اجراء الاصلاحات الطفيفة والبسيطة كفيلة بأحراز رضا الشعب والمرجعية مادام هناك تحرك واقعي في تطبيق الإصلاحات.

هذا وقد وافق الأستاذ حمد جاسم محمد على كلام الذين سبقوه مؤكدا على ان الاصلاحات تحتاج الى الوقت الكافي من اجل تطبيقها، مشيرا الى ان الكتل السياسية هي من تقف بوجه هذه الاصلاحات فإذا ما وافقت هذه الكتل واتفقت على الاصلاحات فأنها ستسير بسرعة وبصورة صحيحة.
اما حيدر المسعودي فكانت مداخلته بطرح تساؤل ارتدادي وهو ان الوقت في صالح العبادي من ناحية الضغط الشعبي ام من ناحية تنفيذ الاصلاحات؟.
موضحا الى ان هناك تداخل سياسي امام تنفيذ الاصلاحات مما يسبب التعطيل والتأخير في تنفيذها، مضيفا بالقول لابد من تحديد مسار الاخطاء وتصحيح هذه المسارات بدون التأثير على الآخرين.
اما مداخلة الاستاذ خليفة محمد فقد ذهب برأي مخالف بقوله ان العبادي ليس برجل المرحلة وانما فرضت عليه الظروف فأطلق حزمة الاصلاحات التي اراد بها تخدير الشعب، موضحا الى ان العبادي اليوم يمر بمأزق تأريخي فالفساد من وراءه وتقسيم البلد من امامه وهو يهدر بالوقت المتاح امامه، مؤكدا في الوقت ذاته على ان الاصلاحات يجب ان تطال النظام وان تكون جذرية وليس قشورية.
واوضح الاعلامي الدكتور لطيف القصاب الى ان الوقت ليس في صالح العبادي لأنه ليس من صالح الشعب ايضا لكثرة المعاناة والمشاكل على جميع المستويات، مضيفا بالقول برغم التأخر في حزمة الاصلاحات الا انها لا تخلو من الفائدة خير من ان لا تأتي ابدا، موجها نصيحته الى العبادي بأن يسرع بشكل او بأخر في تطبيق الحزمة الاصلاحية والمطالبة بزيادة التفويض على غرار التجربة المصرية وايضا احترام ارادة الجماهير ودعوة المرجعية والا فسوف تنقلب الطاولة عليه.
وأشار الأستاذ احمد جويد مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات إلى أن الوقت مناسب للعبادي في تنفيذ الحزمة الاصلاحية وغير مناسب له في قضية التسويف والمماطلة في تطبيقها، مضيفا الى العبادي اليوم يمتلك الفرصة الثمينة لتحقيق الانتصار على مافيات الفساد والمفسدين، موضحا الى ان هناك بعض السياسيين قد أغراهم الالتهاء بالمناصب والتشبت بالكراسي مما دفعهم الى نسيان الشعب ومعاناته.
اما الاستاذ فارس (ماجستير تأريخ اسلامي) فأكد على ان الوقت مناسب جدا امام العبادي لتطبيق حزمته المرجوة، منتقدا الاستعجال في بعض قرارات العبادي التي تستدعي منه التريث وعدم العجلة في اتخاذها من اجل عدم اعطاء الفرصة امام الاخرين للنيل منه وعدم فتح الثغرات الامنية التي تؤدي الى حدوث ما لا يحمد عقباه.
هذا واوضح الاستاذ محمد (ماجستير علوم مالية ومصرفية) الى ان الاصلاحات قللت فجوة اليأس في نفوسنا بإصلاح المنظومة السياسية والاقتصادية والادارية، مشيرا الى ان القرارات التي يتخذها العبادي نوعا ما عاطفية وتتنافى مع الدستور خصوصا القرارات الوزارية، وسنلاحظ اصطدام في بعض القرارات مع البرلمان، مؤكد على اننا اليوم بحاجة الى ثورة قانونية دستورية من اجل تأسيس بداية إصلاحية حقيقية.
واكد الدكتور احمد المسعودي على ان العبادي اصبح اليوم في الهدف على اثر التداعيات الاخيرة وعليه ان يحقق الانتصار او الهزيمة في اصلاحاته، وهو المستهدف الاول من قبل المتظاهرين، معتقدا ان هناك توجه علماني لاستلام السلطة في العراق بعد فشل الاحزاب الاسلامية واتهامها بقضايا الفساد.
هذا وقد ذهب السيد علي الطالقاني مدير مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام الى ضرورة احترام التعددية السياسية ولكن ليس على حساب الاصلاحات الحكومية، مشيرا الى ان هناك استهانة بثقافة الجماهير العراقية التي تراهن عليها المرجعية الدينية، وان هذا الشعب هو من قام بأسقاط النظام البعثي بوقوفه بالضد وايضا وقوفه بوجه القوات الامريكية في وقت آخر، مؤكدا على ان الجماهير اليوم تنتظر اصلاحات حقيقية، فالوقت يتجه نحو اتجاهين اما الجماهير تدرك الوقت وتلتزم به واما تتجه بالاتجاه الاخر.

{img_2}


المعوقات التي تقف بوجه الاصلاحات

اتفق الجميع في نهاية الجلسة على عدة معوقات تقف بوجه العبادي في تنفيذ الحزمة الاصلاحية التي اطلقها في التاسع من شهر آب الماضي تمثلت ب:
- معوقات قانونية تتعلق بالتضارب مع الدستور والقوانين الحكومية
- معوقات التقسيم وفقا على مبدأ المحاصصة الطائفة
- معوقات امنية لما يعانيه البلد من عدم الاستقرار الامني نتيجة الحرب مع داعش
- عدم توفر الارادة السياسية الحقيقية في المضي نحو الاصلاح
- معوقات اقتصادية نتيجة للازمات المالية والانهيار الاقتصادي العالمي
- وجود الفاسدين الذين يحاولون ركوب الموجة والتسلط على الشعب والتشبث بالمناصب
- التمسك بالأحزاب التي تتهم بأنها غطاء على الفاسدين والفساد
وختم الباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية باسم عبد عون مطبخه الفكري الثقافي بشكره جميع الحاضرين والمشاركين معه على امل ان تكون هذه الجلسة الفكرية قد تناغمت وتلاقحت الأفكار فيها وخصوصا بعد الخروج ببعض التوصيات التي ربما تسبب في الاسراع بتنفيذ حزمة الاصلاحات الحكومية.

تقرير : حيدر الاجودي

كربلاء المقدسة

التعليقات