تأثير إقرار الموازنة الاتحادية لعام 2015 على الحكومات المحلية - كربلاء أنموذجاً

 عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية الكائن في مدينة كربلاء المقدسة السبت 21/2/2015 حلقته النقاشية الشهرية تحت عنوان (تأثير إقرار الموازنة الاتحادية لعام 2015 على الحكومات المحلية - كربلاء أنموذجاً) والتي حضرها عدد من الباحثين والأكاديميين المتخصصين في الشأن الاقتصادي.

أدار الحلقة النقاشية وقدمها رئيس المركز الدكتور خالد عليوي العرداوي الذي ابتدأ افتتاحها بكلمة ترحيبية بالضيوف الحاضرين، بعد ذلك قدّم الباحثين أصحاب الأوراق البحثية، وهم كل من الدكتور عامر عمران المعموري التدريسي في كلية الإدارة والاقتصاد/ جامعة كربلاء والدكتور حيدر حسين طعمة التدريسي أيضاً من الجامعة نفسها والباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة. وابتدأ الدكتور عامر عمران المعموري ورقته البحثية والتي كانت تحت عنوان "عجز الموازنة والانعكاسات على الوضع المالي والاقتصادي على محافظة كربلاء" حيث بين أن موضوع إقرار الموازنات بعد عام 2003 في العراق إلى يومنا هذا أصبح مشكلة أزلية يعاني منها العراق؛ نتيجة عدم التوافق السياسي بين الكتل السياسية التي غالباً ما يسود التناقض في ما بينها على تمرير وإقرار الموازنات وآخرها موازنة عام 2015، وتحدث أيضا عن شكل الاقتصاد العراقي الذي وصفه بعدم الاستقرار، وتطرق إلى الحرية المنفلتة في الاقتصاد العراقي في الوقت الراهن وكم هي بحاجة إلى ضوابط ومحددات من اجل إعادتها إلى مساراتها الصحيحة ، وفي ما يخص اثر الموازنة على الاقتصاد الكر بلائي تطرق الدكتور عامر إلى العجز الكبير في موازنة مدينة كربلاء حيث تبلغ ميزانية المحافظة هذه السنة 122 مليار دينار فقط ، في وقت يتطلب أن يكون لكربلاء وضعا خاصا يأخذ بنظر الاعتبار من قبل واضعي الموازنة الاتحادية، فضلا على الحاجة الملحة للبحث عن الأسباب التي أدت إلى تأخر الأعمار في مدينة كربلاء، والعدد المتزايد في عدد السكان سواء كان من الزائرين أو من غير الزائرين للعتبات المقدسة الموجودة فيها، وجود عدد كبير من المشاريع المتلكئ فيها في المحافظة والتي تقدر بـ 405 مشروع من أصل ما يزيد قليلا على 500 مشروع.

 


إما الورقة البحثية الثانية الموسومة بـ "ملامح الاقتصاد العراقي في ظل إقرار الموازنة: الايجابيات والسلبيات "فكانت للدكتور حيدر حسين طعمة الذي ابتدأها بسؤال هو:هل تعكس موازنة العام 2015 ملاح جديدة للاقتصاد العراقي وهل  كانت موازنة برامج أم موازنة ردود أفعال نتيجة للوضع السياسي الذي يمر به البلد؟.

وتطرق بالتفصيل إلى ايجابيات الموازنة التي تمثلت بإقرارها مبكراً قياساً بالسنوات السابقة مما له الأثر الفاعل على تفاؤل المستثمرين وبدء المشاريع وزيادة عدد العاملين، وتقليص حجم الاعتماد على إيرادات النفط قياساً بالأعوام السابقة حيث اعتمدت في هذا العام على ما نسبته 65% من إيرادات النفط بينما كانت في الموازنات السابقة تعتمد على ما نسبته حوالي 95% من إيرادات النفط ،الحد من الترهل الحكومي حيث نصت المادة (21 أولا) من قانون الموازنة على عدم تعيين مدير عام فما فوق ما لم يوجد لها درجة في قانون الوزارة كما نصت الفقرة ثانيا من هذه المادة على إلغاء كافة الوظائف القيادية التي لم يرد فيها نص هذه وغيرها من الايجابيات تحسب لمصلحة مشرع  قانون الموازنة ...

أما السلبيات فقد تضمنت الآتي : إنّ تمرير الموازنة كان على توقعات سعر وكمية للنفط مبالغ فيها، وبذلك أصبحت النفقات الاستثمارية ضحية هبوط الأسعار، وارتفاع حصة إقليم كردستان في الموازنة قياساً بالأعوام السابقة حيث وصلت حولي 22% من ضمنها أجزاء تستقطع من تخصيصات وزارة الدفاع إلى قوات البيشمركة الكردية، وكذلك تحديد مبيعات البنك المركزي بسقف 75 مليون دولار وهذا ما يعد تدخلا سافرا في استقلالية هذه المؤسسة المالية، وغير ذلك من السلبيات التي تطرق إليها الدكتور طعمة في ورقته البحثية المذكورة. وانتهى حسب تصوره إلى تقرير أن الموازنة هي في حقيقتها موازنة ردود أفعال وتسيير أعمال وليست موازنة برامج، وقدم لصانع القرار نصيحة في أن يعتمد في السنوات القادمة موازنات برامج ليتمكن من الحكم على نجاحها من فشلها.
وبعد انتهاء الباحثين من أوراقهم البحثية فتح الحوار والنقاش مع الحضور الباحثين والمختصين.

وقد بدأ الشيخ مرتضى معاش مدير مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام في مداخلته فعرّج على عدد من الجوانب منها: إن العراق بحاجة إلى مواطن اقتصادي وليس إلى مواطن استهلاكي، فالمواطن الاقتصادي يصنع سياسيا اقتصاديا،كما تطرق إلى ضرورة تطوير السياسة البنكية حتى يتم التخلص من حالة الادخار السلبي الذي ينتهجه بعض المواطنين.

 

{img_2}


من جانبه تساءل الدكتور قحطان حسين طاهر التدريسي في جامعة بابل عن الحلول التي يمكن اعتمادها في معالجة العجز في الموازنة سواء أكانت الاتحادية أم  المحلية لمدينة كربلاء المقدسة،  كما تطرق إلى البيروقراطية التي يمكن معالجتها عن طريق تفعيل اللامركزية، وتساءل عن الأسباب الحقيقية وراء تلكوء الكثير من المشاريع الاقتصادية في مدينة كربلاء ، وتطرق أيضا إلى ظاهرة غسيل الأموال التي يعاني منها العراق وكيفية معالجتها من خلال حزم القوانين والتشريعات الحكومية .

أما الأستاذ احمد جويد مدير مركز ادم للدفاع عن حقوق الإنسان فقد تطرق إلى تجربة العتبات المقدسة في مدينة كربلاء المقدسة وكيفية الاستفادة منها في الجانب الحكومي في كربلاء وأكد على الجانب السياسي الذي أخر الاقتصاد العراقي وكيف أن الفساد والمفسدين أهدروا الكثير من أموال الدولة دون أي اثر ملموس على ارض الواقع .

في حين عرّج الدكتور علاء الحسيني معاون عميد كلية القانون/ جامعة كربلاء للشؤون الإدارية على الآلية والتشريع القانوني الذي منحت من خلاله مجالس المحافظات الصلاحيات والاستحقاقات فيما يخص الجانب الاقتصادي، وهي التخصيصات المالية الاتحادية وكذلك المحلية وأكد على ضرورة فرض رسوم على الشركات العاملة في المدينة لسد بعض النفقات المحلية.
الدكتور خالد مجيد عبد الحميد الجبوري التدريسي في كلية القانون / جامعة كربلاء تطرق إلى عدد من الجوانب والقطاعات الاقتصادية التي هي بحاجة إلى تفعيل من قبل الدولة وكذلك الدعم، وهي القطاع الزراعي والقطاع الصناعي والتي تركت منذ فترة طويل حتى أصبح العراق اليوم مستهلكا لأبسط الحاجات الضرورية وغير الضرورية .

وقد لمح الدكتور علي عبد الكريم التدريسي في كلية التربية / جامعة كربلاء من جانبه إلى العوامل النفسية التي يتعرض لها المواطن في الوقت الحاضر والتي تجعله في وضع وقلق اقتصادي مبرر منها التهديد بخفض الرواتب وكذلك اعتبار الشهر 40 يوما بدل من 30 يوما،ورغم تأكيد الحكومة على نفي هذا التقارير الإعلامية إلا أنها تؤثر سابا على المواطن وبالتالي تخلق الركود في حركة السوق.وتساءل عن سبب لجوء الحكومة لسد الميزانية إلى تهديد الحلقة الأضعف في السلم الاجتماعي ألا وهم بسطاء المواطنين بفرض رسوم وضرائب جديدة عليهم وفئة الموظفين بتهديدهم بمصدر دخلهم الشهري؟.
أما الباحث احمد المسعودي من مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية فتطرق إلى النمو في المجتمع حيث عدّه مرتبطا بالنفط والنفط مرتبط بتقلبات السياسة .

وتحدث حيدر المسعودي الإعلامي والكاتب في مؤسسة النبأ عن ضرورة استثمار الطاقات والكفاءات الموجودة في المجتمع وفسح المجال لها في التخطيط والمعالجة الاقتصادية للبلد وتطرق إلى أن الموازنة لعام 2015 يمكن وصفها بالموازنة الكردية نتيجة للامتيازات التي حصل عليها الأكراد .

خليل الشافعي رئيس نادي الكتاب في كربلاء في مداخلته تطرق إلى الجزيئات وكيف تتحرك ضمن الإطار الذي يقصد به الدولة... وأكد إن الجزيئات لا عيب فيها وإنما العيب في الإطار وأكد على مشكلة الكيانات السياسية المختلفة التي لم تمتلك صورة لبناء الدولة ، وأكد على الإستراتيجية ، والإستراتيجية هي ردود أفعال وهي تتحرك ضمن الأهواء ، وبين ضرورة وجود حزمة القوانين التي يتطلب من البرلمان إقرارها لبناء خط الشروع في ترصين الدولة العراقية .

أما الدكتور حازم فاضل التدريسي في كلية العلوم الإسلامية/ جامعة كربلاء فقد ذكر أن هناك إجماعا على الفشل في الإدارة المالية  في العراق؛ والسبب يعود إلى جعل إيرادات النفط هي الأساس والمركز الأول في إقرار الموازنة، فالحاجة ماسة إلى تفعيل قطاعات أخرى يزخر بها العراق وهي لا تقل شأناً عن النفط .

الأستاذ عدنان ألصالحي مدير مركز المستقبل للبحوث والدراسات تطرق من جانبه إلى أمور وجوانب هامة في بنية وتركيبة الدولة العراقية التي كان لها آثار كبيرة على الجانب الاقتصادي المتهاوي والمتمثل بخضوع القضاء لسلطة السياسة وكذلك اعتماد نجاح الشعب على الأموال بينما نجاحه يعتمد على التخطيط والإدارة الناجحة ، وعرج على دور ثقافة الشعب في النهوض بالجانب الاقتصادي واقترح ضرورة أن يكون هناك تعاون وبرامج مشتركة بين مؤسسات المجتمع المدني وخاصة مراكز الأبحاث والجامعات لتأخذ هذه المراكز والجامعات دورها في تنمية وتطوير المجتمع اقتصاديا وفكريا وثقافيا وغيرها

وبعد انتهاء الباحثين من عرض أوراقهم البحثية وانتهاء المداخلات من قبل الحاضرين حول الورقتين البحثيتين اختتم مدير الحلقة النقاشية الدكتور خالد العرداوي متقدما بالشكر للباحثين والحاضرين، كما أكد على أن صانع القرار في العراق اليوم أصبح يشعر بارتدائه لباسا اكبر من مقاسه، فأصبح يبحث عن الرؤيا والحل لمشاكل البلاد وخصوصا الاقتصادية منها، وان لمركز الفرات فرق بحثية شكلت لرفد محافظة كربلاء بالكثير من الأفكار والآراء فيما يخص مسيرة الأعمار والخدمات والاستثمار في هذه المدينة المقدسة.  

تقرير : باسم ألحسناوي
كربلاء المقدسة

التعليقات