عـقد منتدى الفرات الإستراتيجي المنبثق عن مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية جلسته الحوارية الأولى حول(التحديات التي تواجه الحكومة العراقية) وذلك يوم الاثنين الموافق 18/4/2005.
* وابتدأت الجلسة بحديث للأستاذ عمران الكركوشي مدير قسم الاعلام والعلاقات العامة في المركز (مدير الجلسة) رحب فيه بالباحثين والأكاديميين وعلماء الدين الذين حضروا المنتدى كما أكد على ضرورة الاهتمام الأكاديمي بالتحديات التي تواجه الحكومة العراقية من اجل تقديم رؤية واضحة ومنهجية لهذه التحديات وكيفية مواجهتها من قبل السلطة التنفيذية والحكومة.
{img_1}
* ثم تحول الحديث إلى الأستاذ احمد باهض تقي (مدير المركز) الذي رحب بالضيوف القادمين إلى المنتدى، وأشار إلى إن الغاية الأساسية لعقد مثل هكذا حوارات هو الشعور بالمسؤولية تجاه هذا البلد، حيث تدفعنا هذه المسؤولية في مثل هذه الظروف إلى دراسة وتحليل الواقع السياسي والإجتماعي والقانوني والإقتصادي للبلد وتقديم الحلول والمعالجات لحالات الخلل الموجودة في هذا الواقع وبالتالي تصبح دراساتنا وحواراتنا بمثابة التوصيات إلى صانع القرار السياسي في البلد عسى أن تنفعه في حل هذه الإشكالات المعقدة.
* بعد ذلك قدم السيد سليم فرحان الجبوري (رئيس القسم السياسي في المركز) ورقة عمل بينت العديد من التحديات التي ستواجه الحكومة العراقية، حيث قسم هذه التحديات إلى نوعين من التحديات :
1. تحديات داخلية: وتشمل الكثير من المشاكل التي تقف حجر عثرة أمام نشاط وعمل الحكومة القادمة إن لم توفر لها الحلول المناسبة.
من هذه التحديات، المشكلة الأمنية، الفساد الإداري، الأعمار، البطالة، ضمان انسيابية الحصة التموينية للمواطن بدون تلكؤ،ضمان عدم حصول أزمات في الطاقة والوقود مستقبلا، تحدي الاحتلال.
2. تحديات خارجية: متمثلة بتحدي دول الجوار وكيفية تحديد الموقف من هذه الدول، تحدي الدول المانحة وعدم إيفاءها بالتعهدات التي أعلنتها.
* وانتقل الحديث إلى السيد عامر زغير (رئيس القسم القانوني في المركز) الذي قال:
يعد التحدي القانوني هو التحدي الأول بالنسبة للحكومة العراقية، إذ إن صلاحيات واختصاصات السلطة المركزية والسلطات المحلية لم تكن محددة بشكل واضح لذلك نجد حصول تقاطع بين صلاحيات الحكومة المركزية والسلطات المحلية في المحافظات، لذلك ينبغي على الحكومة تحديد اختصاصات هذه السلطات لكي لا يحصل الخلط والإرباك، أضف إلى ذلك إن تأسيس دولة ديمقراطية مؤسساتية يتطلب أيضا من الحكومة القادمة أن تؤسس لدولة المؤسسات التي لا تتأثر في أعمالها ونشاطاتها حال زوال القيادة السياسية مثلما الحال في الوقت الحاضر عندما تحولت الحكومة من حكومة مؤقتة إلى حكومة تصريف أعمال نجد حصول اختلال كبير جدا في عمل الوزارات والمؤسسات داخل الدولة . من التحديات الأخرى التي تواجه الحكومة العراقية، تحدي الائتلاف العريض الموجود داخل الجمعية الوطنية، ووجود مثل هكذا ائتلاف سيضر بشكل أو بآخر بمصالح الشعب السبب في ذلك هو بعض الأحيان عندما تعرض قضية معينة ويكون عليها خلاف من أعضاء هذا الائتلاف، عملية الوصول إلى حل يحافظ على وحدة الائتلاف بالتأكيد سيتخلله تنازل عن بعض الأمور التي فيها مصلحة للشعب، لذلك لابد من الخلاص مستقبلا من مثل هكذا ائتلافات عريضة لأنها تضعف عمل الحكومة الحالية أو الحكومة القادمة.وهذا الأمر يتطلب البحث في نظام انتخابي جديد ينهي هذه الحالة والخروج من نظام القائمة الانتخابية.
* وقدم السيد خالد عليوي العرداوي (المعاون العلمي للمركز) مداخلة جاء فيها:
أنا اعتقد بالإضافة إلى التحديات التي ذكرت هناك تحديات أخرى لعل من أبرزها تحدي الوعي بطبيعة الدولة الديمقراطية التي هي خلاف الدولة الدكتاتورية والاستبدادية. مثال ذلك، إذا أصبح وزير لوزارة معينة شيعياً حّول هذه الوزارة بكوادرها العليا إلى وزارة شيعية وإذا أصبح كردياً حولها إلى وزارة كردية وإذا أصبح سنياً حولها إلى وزارة سنية، وكأن الأمر هو استئثار بالمناصب وليس عمل وطني لخدمة أبناء الوطن دون تمييز.هذه الحالة نابعة من قلة الوعي بالمواطنة، لذلك يتطلب الأمر من الحكومة العراقية أن تركز على مثل هذه الصور لأن لها أثار سلبية كبيرة جدا في المستقبل.
{img_2}
* كما ركز السيد خالد عليوي على دور المثقف في حل أزمة الحكومة ومساعدتها في التغلب على أزماتها، وركز على دور رجال الدين في مساعدة الحكومة لما يمتلكه هؤلاء الأشخاص من قوة تأثير على مجتمعنا بكافة طوائفه وتقع عليهم المسؤولية الأولى في حفظ وحدة الصف الوطني بدل تمزيقه وتشتيته .
* وهنا أثار رئيس الجلسة الدكتور عمران الكركوشي تساؤلا مفاده هل إن رجال الدين لهم دور في هذا الأمر ؟
* الشيخ طالب الصالحي:
ابتدأ الحديث بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) "كلكم راع وكلكم مسؤولٌ عن رعيته" وعلى هذا الأساس فالجميع مسؤولون عن العراق وبالتالي وظيفة المحافظة على البلد من الفرقة والتمييز والضياع بسبب حالات عدم الاستقرار هي وظيفة المجتمع بأسره وليس وظيفة رجل الدين فقط، لذلك يجب أن ينطلق كل فرد من موقعه باعتباره كائنا حيا في هذا المجتمع.
* أما الشيخ مرتضى معاش فقد أشار إلى مسألة مهمة جدا يمكن أن ينجح بها رجل الدين على غيره وهي مسألة التعبئة الجماهيرية، حيث يمكنه تعبئة الجماهير على قضية معينة أكثر من المثقف أو الحكومة أو ...الخ، لان مجتمعنا لازال لديه التزامات قوية جدا مع المؤسسات الدينية .
* بعد هذه المداخلة أكمل السيد خالد عليوي طروحاته حول التحديات التـي من الممكن أن تواجه الحكومة القادمة حيث أشار إلى إن تحدي الاحتلال هو من التحديات الكبيرة التي لا يمكن تجاهلها، لان الحكومـة إذا أقدمت على اتخاذ قرار يتقاطع مع مهمة الاحتلال سيحدث الأمر أزمة وتدخلاً من قبل هذه القوى في أعمال الحكومة ولنا دلالات واضحة على هذا الأمر، لذلك ينبغي على الحكومة القادمة وضع خطوط عامة لمعالجة قضية الاحتلال .
* الشيخ طالب الصالحي:(مداخلة)
أنا في اعتقادي إن التحدي الأساس هو تحدي كتابة الدستور، فجميع التحديات الأخرى هي ثانوية ماعدا الوضع الدستوري، لان الوضع الأمني والاقتصادي لم يكن مستقرا حتى في الولايات المتحدة والدول المتقدمة، صحيح إن هناك تفاوتا بين دولة وأخرى لكن لم يكن هناك استقرار تام في بلد ما، لذلك كمثقفين علينا الاهتمام بمسألة الدستور بشكل كبير ويجب القيام بجملة أمور في هذا المجال أهمها:
1. الدعوة إلى كتابة أكثر من مسودة دستور.
2. يجب على أعضاء الجمعية الوطنية الدخول في دورات تدريبية حول كيفية صياغة الدستور ويجب عليهم الاطلاع على دساتير الدول الأخرى للوقوف على تفاصيلها والاستفادة منها.
3. رفد الجمعية الوطنية بالدراسات الدستورية من قبل المختصين في هذا المجال.
* أما السيد جميل عودة يرى بأن جميع التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية..الخ مرتبطة بالسياسة، فمشكلتنا في العراق هي السياسة إذا تمكنا من ترتيب وضعنا السياسي سنتمكن دون أدنى شك من ترتيب بقية الأوضاع الأخرى.
* الشيخ مرتضى معاش :
أنا أحاول أن أضع تقييما أخر للتحديات وهي تحديات معنوية وتحديات مادية .
1. التحديات المعنوية: تشمل هذه التحديات الآتي :
o ضعف المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات السياسية وفي الرقابة على الإدارات...الخ. صحيح شارك الشعب في الانتخابات لكن ما بعد الانتخابات ماذا؟ توقفت المشاركة السبب في ذلك هو إتكالية الشعب على الحكومة والجمعية الوطنية في تصديق الأمور دون أن يكون له دور بارز.
o غلبة الحماس العاطفي على الخطاب العقلاني، حيث تتحرك الساحة الشعبية على بعض الخطابات العاطفية وليس العقلانية مثال ذلك مشكلة الأردن،قضية المدائن، من الممكن أن يستثمر هذا الحماس العاطفي استثماراً سلبياً وليس ايجابياً .
o غلبة الولاء على الكفاءة مثال ذلك تشكيلة أعضاء الجمعية الوطنية والوزارات ...
2. التحديات المادية :
o يجب المحافظة على التقاليد الدستورية وعدم الالتفاف عليها وجعلها لصالح نخبة معينة مثال ذلك ما حصل في الوقت اللاحق للانتخابات حيث خضعت الأغلبية إلى الأقلية وهذا خارج الأعراف الدستورية ، يجب أن ينظر في هذا الأمر.
o يجب المحافظة على التداول السلمي للسلطة، وعدم السماح لأية دولة بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلد .
o قلة الخبرة في العمل السياسي الأمر الذي أدى إلى الإطالة في حل الكثير من المشاكل التي كان من الممكن حلها بوقت أسرع لو كان هناك خبرة وممارسة في العمل السياسي، وعلى هذا الأساس أضع مجموعة من مقترحات عسى إن تغير شيئاً:
* إحداث حملة تعبوية شاملة عبر التعبئة لتحريك المجتمع نحو المشاركة وتحمل المسؤولية في هذا البلد .
* إحداث حملة تعبوية أيضا لأعمار البيئة بمعناها العام النفسي والمادي، مثال ذلك الأعمار في العراق هو ليس أعمار أبنية ومرافق عامة حسب، بل يجب أن يكون إعادة أعمار نفسي وثقافي شامل لأنه إذا حدث أعمار في البناء دون أن يرافقه أعمار في ثقافة المجتمع ونفسيته سيصبح هناك تضخم في الرأس ونحافة في الجسم .
* وهنا قال السيد خالد خضير دحام(مقرر قسم القانون العام/كلية القانون/جامعة كربلاء):
يجب على الدولة أن تعتمد إستراتيجية واضحة المعالم، هذه الإستراتيجية تأخذ بنظر الاعتبار المصلحة الوطنية حتى وان استدعت المصلحة الوطنية أن تؤجل الالتزام ببعض الثوابت، لان العراق في الوقت الحاضر يحتاج إلى أن ينتهج المنهج المصلحي الذي من الممكن أن يحقق اكبر المصالح وبأسرع الأوقات وبأقل التكاليف والخسائر .
* أما الدكتور إبراهيم الزبيدي فقال:
أنا اعتقد إن الجانب الاقتصادي والسياسي والاجتماعي مترابط ترابطاً وثيقاً جدا،وأنا حسب وجهة نظري إذا تمكنا من تنشيط الجانـب الاقتصادي سنتمكن من القضاء على الكثير من المشاكل الأمنية والاجتماعية في البلد، وهذا الأمر يتطلب القيام بمجموعة إجراءات لعل أهمها:
1. بناء المؤسسات الاقتصادية الرصينة القائمة على أساس الكفاءة والنزاهة وليس على أساس الولاءات الفرعية الضيقة.
2. عدم إهمال جانب الأعمار وخاصة في المدن الآمنة والعمل بشكل مكثف على تفعيل هذا الأمر لما له من مردودات ايجابية في تقليص حجم البطالة، تخفيف حدة الجريمة...ولذلك يجب أن يكون للوزارات والجهات المعنية دور في ذلك.
3. مجيء الشركات الأجنبية للعراق، وهذا أمر يجب أن يسترعي اهتمام الحكومة القادمة.
4. يجب وضع قوانين استثمارية من شأنها أن تساعد على جذب الشركات إلى العراق.
5. محاربة الفساد الإداري من خلال أعمال الرقابة الحكومية والشعبية في آن واحد.
6. وضع خطط إستراتيجية متوسطة الأمد من شأنها أن تعطي جرعات بسيطة لغرض رفع الاستهلاك والحفاظ على التوازن الاجتماعي.
اضافةتعليق