الرجوع للعدد الرابع
حفظ هذا المقال فقط
دور رجال الدين الشيعة - في الأحداث السياسية العراقية - 1900 - 1920 - الحلقة الأولى
باسم احمد هاشم الغانمي
باحث أكاديمي في التاريخ السياسي

    في هذا البحث سأعرج على أهم المحركات الأساسية التي لها الدور الأول في تحريك الأحداث السياسية بأكثر البلدان الإسلامية بعدّها المركز النير الذي تصبو إليه كل قاصدةٍ بقولٍ أو بفعلٍ أو تقرير والمتمثلة بالمؤسسة الدينية.

    ومن خلال قراءتنا لتاريخ العراق السياسي لا نجد أي شائبة في إن هذه المؤسسة هي الأساس في تحريك السواكن داخل المناخ السياسي بالشكل الذي يحقق الاعتدال والإصلاح في المجتمع، وهذا ما سنرسمه من خلال هذا البحث للدور المتميز لهذه المؤسسة من نهايات الحكم العثماني وبدايات الاحتلال الأجنبي وصولاً إلى دورها في رسم أحداث ثورة العشرين كحلقة أولى تتبعها حلقات أخر.

    إن البدايات الأولى في الوعي السياسي لهذه المؤسسة ظهر في نهاية القرن التاسع عشر، إذ كان هناك سبب أساسي لهذا النمو متمثلا بالفتوى التي أصدرها السيد محمد حسن الشيرازي في مدينة سامراء لتحريم امتياز التبغ في إيران عام (1891) والتي جاءت لتمثل تيار عكسي ضد النفوذ الأجنبي في إيران، إذ مثل هذا التصدي الدور الأساس في التخلص من الأزمة وتحقيق النصر ضد مطامح البريطانيين( 1)  .

    أما الدور الذي خاضته هذه المؤسسة من خلال رجال الدين فيها خاصة في بداية القرن العشرين وقبيل الثورة الدستورية الإيرانية (1905 - 1911)( 2)  . والتي أدت إلى انقسام الرأي في كربلاء تبعاً لمرجعية المقلدين إلى فريقين سمي احدهما (المشروطة) والتي تؤيد المبادئ الدستورية، أما الفريق الثاني فهو (المستبدة) وهم من رفضوا الدستور جملةً وتفصيلا (3) .

ومن الطبيعي أن يكون هذا التأثير واضحاً بين البلدين لوجود الكثير من الرعايا الإيرانيين الساكنين في كربلاء والنجف بحكم التجاور بين البلدين .
    إن اليقظة التي أحدثتها الثورة الدستورية في إيران قوضت البنى الفكرية السائدة آنذاك حول الحكم والسياسة ونجحت في إعادة الثقة في نفوس الأمة وقدرتها على المشاركة في الحكم، حيث أكد العلماء في الحوزات العلمية عدم وجود أي تقاطع بين الحركة الدستورية والمبادئ الإسلامية الحقيقية .

    ونتيجة لذلك فقد أيدت الجماهير في كربلاء الحركة الدستورية متحدين بذلك إرادة الحاكم العسكري ومن تحفظ على الحركة من العلماء. ولما تحول ذلك التأييد إلى مظاهرة عارمة امتدت إلى جميع مناطق المدينة سارعت السلطات الحاكمة إلى قمعها بعنف وأحدثت مذبحة تفرق بعدها الناس هرباً من الموت والتجأ قسم من المتظاهرين إلى القنصلية البريطانية مما أزعج هذا السلوك العديد من الناس الذين عملوا على إدانته، إذ كان لهذه الإدانة الأثر الكبير في تحجيم دور السفارات الأجنبية في العراق(4) .

    إن الوعي السياسي الجديد في العراق اخذ يتجسد عبر مواقف سياسية جريئة تتواتر على رؤية واضحة للموقف المتخذ وأصبحت محاربة الاستبداد مبدأ متكامل لدى علماء الدين في الحوزة العلمية الشريفة في النجف الأمر الذي دفعهم للتعاون مع حزب (الاتحاد والترقي) التركي ضد استبداد السلطان عبد الحميد الثاني واستمر التعاون بينهم لمدة ثلاث سنوات (انهارت وانتهت مع بروز سياسة التتريك (الطورانية) التي شرع الاتحاديون بانتهاجها)(5) .

    كما إن موقف المؤسسة الدينية لم يكن مقتصراً على تحريك الأحداث السياسية العراقية الداخلية أبان تلك المدة بل تعدى إلى المساندة الإقليمية في الأحداث التي تتعرض لها المنطقة بأسرها خصوصاً في عام (1911) عندما اجتاحت القوات الروسية شمال إيران اثر الخلاف المائي الحاصل بينهما وقيام القوات البريطانية باحتلال جنوب إيران حين بررت تلك الدولتان إن الهجوم على إيران جاء استنادا على اتفاقية عام (1907) (6)، كما وعملت القوات الروسية إلى قتل علماء الدين في تبريز وإشاعة الرعب في صفوف الناس(7)، وعندها أعلن علماء الدين في العراق وخاصةً في النجف الأشرف الجهاد ضد القوات الروسية الغازية ومنهم الاخوند الخرساني الذي أوعز بنصب الخيام خارج مدينة النجف لتعبئة الجماهير استعدادا لمواصلة الجهاد ضد الغزاة .

    وعندما قصفت القوات الروسية مرقد الإمام علي بن موسى الرضا (ع)  اجتمع علماء الدين في مدينة الكاظمية وهم السيد مهدي الحيدري والشيخ مهدي الخالصي والسيد إسماعيل الصدر والسيد عبد الله المازندراني والشيخ فتح الله الاصفهاني والشيخ محمد حسين النائيني والسيد علي الراماد والسيد مصطفى الكاشاني والسيد محمد تقي الشيرازي المقيم في سامراء ولم يتخلف عن ركب العلماء سوى السيد كاظم اليزدي المقيم في النجف( 8)  .

    وعندما بدأت البوادر الاستعمارية البريطانية تظهر للعيان باحتلال العراق تبعا لتنوع المصالح السياسية والاقتصادية والإستراتيجية في العراق وتنفيذاً لهذا المخطط عملت بريطانيا على تسيير حملة عسكرية من البحرين نزلت في الفاو يوم ( 1ت 2 / 1914)  فما كان للسلطات العثمانية إلا العمل لتعبئة الجهود لمقاومة الغزو البريطاني، اذ اصدر شيخ الإسلام (خيري افندي)  فتوى الجهاد ضد الغزاة في يوم (7 ت 2 /1914)  وكررها في (11ت2)  ونشرت في بيان مؤشر من ثلاثين عالم في (23 ت2)  إلى أن هذه الفتوى لم تلق تجاوباً من المسلمين وكان أثرها ضعيفاً إلى حد كبير( 9) .

    كما وعملت على تحريض رجال الدين في النجف وكربلاء وباقي الأماكن المقدسة بالانضمام إلى الحركة الجهادية وصورت الحرب بأنها حرب جهادية ضد الكفار(10)  .

    إن هذه المواقف للمؤسسة الدينية وخاصةً المواقف السياسية لم تأت من فراغ بل كانت بداياتها متمثلة بنمو الحركة الإسلامية في المدن الشيعية المقدسة وكيف إن هذه المدن شكلت الاتجاه الفكري السياسي والرئيس في تلك المدن خلال المدة الممتدة بين أوائل القرن العشرين وحتى الاحتلال الانكليزي للعراق عام 1914 حيث تمثل ذلك النمو بعدد من المظاهر السياسية والفكرية للتيارات التي تولدت عنها وكانت النجف وكربلاء وعلى الرغم من أهمية المدن الشيعية الأخرى قد شكلتا المركز القيادي الأساسي للحركة الإسلامية ومظاهرها الفكرية وتياراتها.

    في هذا الوقت قام كبار علماء المسلمين الشيعة بمبادرة منهم أو استجابة لفتوى شيخ الإسلام فتاوى مماثلة تدعو إلى الجهاد ومقاومة الاحتلال الانكليزي وتأييد العثمانيين في الحرب على الرغم من أنهم كانوا على يقين بان العثمانيين لا يمثلون الوجه الإسلامي الصحيح إلا إن شرهم أهون عليهم من خطر الانكليز الكفار (11)، حيث قاموا بتعبئة سكان المدن والعشائر وحثهم على الجهاد وتنظيم تطوع المجاهدين وقيادتهم إلى جبهة الحرب( 12)  .

    وعبر هذين التطورين الهامين دخلت المؤسسة الدينية حقبة جديدة وهامة من تطورها السياسي والفكري الذي امتد نحو عقد من الزمن كانت المواجهة المسلحة هي السمة البارزة لهذه الحقبة .

    وكانت هذه أولى المواجهات المسلحة التي قادها واشترك فيها رجال الدين والعلماء الشيعة ضد الاحتلال والتي شكلت تجربة مهمة ومقدمة لمواجهتين مسلحتين هما ثورة النجف عام 1918 وثورة العشرين عام 1920 غير إنها تميزت عنهما في كونها نمت في إطار حركة الجهاد العام الذي أعلنته الدولة العثمانية وما حملته بسبب ذلك من دلالات فكرية وسياسية (13)  .

     انطلقت حركة الجهاد في (29 ت2) أي بعد ثلاثة أيام من احتلال الفاو وذلك عندما أرسل العديد من الأعيان والعلماء في البصرة برقيات إلى كبار رجال الدين في كربلاء والنجف والكاظمية يطلبون فيها مساندتهم في محاربة القوات البريطانية وقد جاء نص البرقيات ( ثغر البصرة، الكفار محيطون به، الجميع تحت السلاح، نخشى على بلاد الإسلام، ساعدونا بأمر العشائر في الدفاع)(14) .

    كما و بعثوا برسالة أخرى حاولوا فيها استنهاض همم العلماء الأعلام جاء فيها (بلغوا حجج الإسلام، القرآن والمواعظ تلوناها وبرقياتكم إلى العشائر نشرناها فلا ينفع ذلك إلا الإقدام بأنفسكم، الأقوال بلا أفعال تذبح الإسلام ولا نعلم إن الجهاد واجب على العامي ولا يجب عليكم المعلوم قدومكم يهيج الإسلام، فالله الله في حفظنا)(15)  .

    وقد حملت هذه البرقية تواقيع كل من إبراهيم المظفر وجاسم العلي والسيد مهدي الموسوي الكاظمي والحاج موسى العطية والحاج جعفر العطية واحمد كردت، وما إن انتشرت هاتان البرقيتان في الحوزات العلمية في النجف وكربلاء حتى استجاب على الفور المراجع العظام لهذا الحدث و أوجبوا بفتوى على ضرورة الجهاد دفاعا عن بيضة الإسلام وعندما اتخذت المدن العراقية في الفرات الأوسط وبغداد طابع النفير العام، وخلال هذه المدة برزت تيارات دينية من كبار المجتهدين ورجال الدين الآخرين الذين قاموا بادوار قيادية بارزة في حركة الجهاد سواءً بتصدرهم الدعوة أو بإشرافهم على تنظيم التطوع للمجاهدين، ومن ثم مشاركتهم العملية في القتال، وأصبحت كربلاء والنجف والكاظمية وبغداد آنذاك مراكز أساسية لتجمع وانطلاق المجاهدين منها إلى جبهة الحرب في البصرة(16).

    ففي مدينة النجف قام عدد كبير من علماء الدين بادوار مهمة في حركة الجهاد وكان أبرزهم المجتهد محمد سعيد الحبوبي الذي قام بدور رئيس فيها حيث كان أول من بادر إلى قيادة مجموعات من المجاهدين والتوجه بهم إلى البصرة وقد التف حوله العديد من العلماء الذين عملوا على تعبئة عشائر الفرات الأوسط وحثها على الجهاد(17) .

    أما المرجع الأعلى السيد كاظم اليزدي الذي أفتى بدوره في الجهاد وبعد اجتماعه مع مبعوثي الحكومة العثمانية المتمثلين بـ(محمد فاضل الداغستاني وشوكت باشا وحميد الكلدار) الذين قدموا إليه من بغداد، وكان الالتقاء بالسيد اليزدي يقوم على تحسين العلاقة معه لكونه كان معارضا لمبدأ المشروطة وتأييده للمستبدة، بعدها أرسل نجله السيد محمد لينوب عنه في استنهاض العشائر للجهاد من خلال ترأسه وفد من العلماء وطلبة العلوم الدينية وتوجه إلى بغداد لمرافقته المتطوعين الذاهبين إلى الجبهة كما وجدد السيد اليزدي دعوته للجهاد في خطبة ألقاها في صحن الإمام علي (ع) حرض فيها الناس على الدفاع عن البلاد الإسلامية وأكد وجوب ذلك حتى على الفتى العاجز بدناً (18)  .

    لقد كانت مدينة كربلاء في مقدمة المدن العراقية التي استجابت لحركة الجهاد التي قادها العلماء الأعلام حيث إن اجتماعا كبيرا عقد في المدينة حضره كبار رجال الدين كان في مقدمتهم السيد إسماعيل الصدر الذي سار بالحاضرين إلى صحن الإمام الحسين (ع) وهناك ألقى احد الشعراء الكربلائيين هو محمد حسن أبو المحاسن قصيدة حماسية ألهبت الشعور الوطني للحاضرين وعمقت الترابط الوثيق بين أبناء العراق(19)  :

     قوموا بواجب دينــكم            إن القيام لكم قد وجـب
  إن تنصروا دين الهـدى          فالنصر فيكـم والغـلب
    إنــي نذير الانكليــز               فيومهـم مـنا اقـترب   

    أما في مدينة الكاظمية فقد كان لها الموقف المشرف بالوقفة الأصلية في الدفاع عن بيضة الإسلام والمسلمين، إذ برز فيها مجتهدان كبيران هما السيد مهدي الحيدري والشيخ مهدي ألخالصي قادا الدعوة للجهاد واشرفا  على تطوع المجاهدين حيث بادر الأول بعد احتلال الفاو إلى إرسال برقيات إلى النجف وكربلاء وسامراء عبر فيها عن رغبته في الاجتماع بهم ويقصد رجال الدين لبحث أمر الاحتلال فضلاً عن مساهمته الفعالة في حث الناس على الجهاد من خلال المنبر في الصحن الكاظمي الشريف (20)  .

    أما الشيخ مهدي الخالصي فقد اصدر حكما شرعيا اوجب فيه على المسلمين (صرف جميع أموالهم في الجهاد، حتى تزول غائلة الكفر، ومن امتنع عن بذله وجب أخذه كرها(21)، هذا فضلاً عن انه اصدر رسالة عنونها (السيف البتار في جهاد الكفار) تعرض فيها إلى مسألة الجهاد في الإسلام وما يترتب على الأمة الإسلامية للقيام بشروطه وقواعده وأركانه (22)  .

    وقد لقت فتاوى العلماء بكل العراق استجابة واضحة وكبيرة من قبل عامة الناس حيث انظم العديد من الأهالي إلى صفوف المجاهدين، وهذا الأمر يدلل على عمق الترابط بين الناس ومقلديهم داخل المؤسسة الدينية التي اعتبرت الموجه الأول للأحداث والقائد الأوحد للعمليات الجهادية .

     هذا فضلا عن إن الصرخة الجهادية لم تنطلق من كربلاء أو النجف وحدهما باعتبارهما مركزاً للمؤسسة الدينية بل إن الصرخة كانت بوقت واحد في جميع مدن العراق ذات النفس الشيعي وان دل هذا الأمر على شيء فانه يدل على عمق الترابط الروحي والعقائدي بين رجال الدين والعلماء وطلبتهم خاصةً وإنهم أكثر الناس إدراكا لعظم المسألة التي تحيط بأفكارها وطموحاتها الاستعمارية في جسم العراق وأهله .
ولم تكن مدينة سامراء بعيدة هي الأخرى عن الروح الجهادية التي اكتنفت مدن العراق من النجف وكربلاء والكاظمية إذ كان لها دورها المشارك والفعال والذي جاء على لسان السيد محمد تقي الشيرازي الذي اوجب محاربة الكفار الانكليز وأرسل نيابة عنه نجله محمد رضا إلى الكاظمية للانضمام إلى المجاهدين.

    ومهما يكن من أمر فان النتائج التي جاءت بها حركة الجهاد التي أطلقها العلماء ورجال الدين في العراق على غير ما يرام خصوصا بعد الخسائر التي منيت بها القوات العثمانية ومجاميع المجاهدين وما تمخض عنه بانتحار قائد الجيش العثماني (سليمان عسكري)  ومن ثم انسحاب المجاهدين ومعهم الجيش العثماني إلى مدينة الناصرية أعقب هذه العملية الانسحاب التدريجي للمجاهدين والعلماء إلى مناطقهم الأصلية ثم انسحابهم نهائياً بعد توقف الأعمال العسكرية في جبهات البصرة في (14 آب 1915)  .

    إلا إن الحكومة العثمانية أظهرت اهتماما بالدور الديني والعسكري والسياسي الذي يستطيع علماء الدين الشيعة القيام به في حركة الجهاد وقوة تأثيرهم على السكان داخل العراق وخارجه الأمر الذي دفعها إلى تحسين علاقاتها بالشيعة ورجالهم الموصوفين بالشجاعة والتضحية وعلمائهم الذين لهم الدور الأول والأساس في توجيه هؤلاء الرجال بالوجهة الصحيحة التي قد تنفع العثمانيين يومً ما في صراعهم مع الانكليز (24)  .

    إلا إن هذه العلاقة لم تدم طويلا وأخذت تتصدع وسرعان ما تحولت الى صدامات بين الطرفين وكان ابرز مظاهر الصدام الحوادث التي وقعت في النجف وكربلاء والحلة بين (أيار 1915 - وأيار 1916)  .

    وان السبب في تصدع تلك العلاقة هو الاتهام الموجه من قبل قادة الأتراك إلى المجاهدين بأنهم كانوا السبب المباشر وراء الخسائر التي منيت بها القوات العثمانية في معركة (الشعيبة)  ( 25)  .

    الأمر الذي أدى إلى إثارة التمرد من قبل العديد من الأهالي على السلطة المحلية وقد شكل الهاربون من الخدمة العسكرية الأساس في هذا التمرد وبسبب تفاقم هذا الأمر واتساع نطاق هذه الاحتكاكات في بعض المدن العراقية كاد الوضع أن يكون مؤهلا للانفجار مثل الذي حدث في مدينة النجف عندما بلغ استفزاز  السلطة للأهالي وتمرد الآخرين عليها إلى حد التصادم، الأمر الذي دفع العثمانيين إلى استخدام قوة عسكرية من خارج المدينة تقدر بنحو ألف جندي لإرهاب الأهالي وقد رد الأهالي على ذلك بقيادة زعماء المحلات الأربعة التي تتألف منها المدينة بالتصدي لقوات الحكومة في الثامن من رجب 1333هـ (أيار 1915) وبعد مواجهة لمدة ثلاثة أيام تمكن الأهالي من السيطرة على المدينة وطرد موظفي الحكومة واستمرار هذا الوضع حتى قيام ثورة النجف ضد الانكليز في آذار 1918 (26)  .

    ولكون مدينة النجف تابعة إداريا إلى كربلاء آنذاك نجد إن الأحداث التي حدثت في كلتا المدينتين متشابهة وقريبة من بعضها البعض كون إن مركز القيادة موحد والظروف موحدة حيث قام عدد من الأهالي وأبناء العشائر الهاربين من الجيش في مدينة كربلاء في النصف الثاني من شعبان 1333هـ (حزيران 1915) بمهاجمة دار البلدية والمؤسسات الحكومية الأخرى وطرد الموظفين والاستيلاء على المدينة وبعد توسط العلماء ورجال الدين وأشراف المدينة بالأمر عاد الموظفون العثمانيون والمتصرف الجديد للمدينة، إلا أن الأحداث عادت وانفجرت مرة أخرى في شهر رجب سنة 1334هـ (أيار 1916) أسفرت عن مقتل أعداد كبيرة من الأهالي وإلحاق الدمار بالمدينة ( 27)  .

    وعلى أي حال نجد إن مشاركة رجال الدين والعلماء تمثل وجهين الأول المشاركة المباشرة في اغلب المعارك التي شنها المجاهدون ضد الجيش البريطاني أثناء احتلاله مدن العراق بدءً بالبصرة وسيره باتجاه بغداد والذي مثلته المناوشات العسكرية أو عن طريق قطع وضرب طرق الإمداد الخاصة بهم، أو عن طريق الاشتراك مع القوات العثمانية في معارك نظامية كالمعركة التي حدثت في المدائن في محرم 1334 هـ (ت 2 1915)  .

أما الوجه الثاني تمثل بالوجه الإرشادي والتوجيهي لزعماء العشائر الذين يقودون المجاهدين في عشائرهم .
هذا فضلاً عن انه لو تتبعنا حركة الجهاد ضد الانكليز منذ دخولهم البصرة وتوجههم إلى بغداد والمواقف الجهادية لأبناء المدن المنتشرة على طول الطريق الذي توجهوا به نلاحظ إن ميل أبناء هذه العشائر العراقية إلى الترك كان واضحا والسبب في ذلك قوة العاطفة الدينية لدى أبناء العراق لا سيما إن الزعامات السياسية كانت لرجال الدين في ذلك الوقت من تاريخ العراق .

    كما وان العلماء ورجال الدين داخل المؤسسة الدينية أدركوا وبجلاء إن ما حصل من احتكاكات وما تحول عنه من صدامات بين القوات العثمانية وسكان بعض المدن ومهما تكن مستوياتها فإنها تدخل في إطار الصراع ضمن الجماعة الإسلامية الواحدة لاسيما وان المتصارعين يواجهوا عدواً مشتركاً هذا فضلا عن الأفاق المسدودة في حال الذهاب بالعلاقات العثمانية الشيعية إلى حد القطيعة، وفي حقيقة الأمر إن هذا الموقف أو الأمر هو الذي كان أصلا وراء الفتوى التي أصدرها علماء الدين الشيعة بإعلانهم الجهاد إلى جانب الدولة العثمانية ضد الانكليز.

    وعند العودة إلى شأن الاحتلال الانكليزي ووصوله إلى مدينة بغداد واحتلالها في (11 آذار 1917) اذ اعتبر هذا التاريخ الحد الفاصل بين العهدين العثماني والانكليزي في العراق( 28) .

    ومن هنا بدأت حقيقة جديدة من السياسة الانكليزية تجاه العراق والتي اتسمت بعدم الحسم والتردد في توجهاتها لتحديد مستقبل العراق وشكل سيطرتها عليه وتجلى ذلك واضحا في إطلاق الوعود المستمرة وغير المثمرة حتى إعلان مؤتمر سان ريمو في (25- نيسان - 1920) بإعلان انتداب بريطانيا رسميا للعراق وفي (3 - ايار) من العام نفسه أعلنت بريطانيا قبول انتدابها على العراق واعتباره أساسا لسياستها النهائية في العراق ( 29)  .

    لقد شكلت مقاومة الاحتلال عاملا أساسيا في التغيرات التي كانت تجري في السياسة الانكليزية وفي إفشال أو عرقلة الكثير من المشاريع التي طرحت لتحديد مستقبل العراق، هذه المقاومة السياسية التي اتخذت أشكالا متعددة من المعارضة السياسية إلى المواجهة  المسلحة كانت قد شملت خلال السنوات (1917 _ 1920)  معظم مناطق العراق إلا أن أهميتها قد اختلفت تبعا للأهداف التي كانت تطرحها وتبعا لاتساع انتشارها وفعاليتها، ففي غضون تلك المدة نشأت في معظم مناطق العراق حركات سياسية وعسكرية معارضة للاحتلال قادتها نخب وفئات ذات انتماءات وايدولوجيات مختلفة، والاهم في تلك الحركات المعارضة والتي ارتقت إلى مستوى المقاومة السياسية المسلحة حيث الغالبية العظمى من المسلمين الشيعة حيث كان لرجال الدين الدور التوجيهي القيادي الأساسي فيها .

     لقد شهدت حركة المعارضة الإسلامية هذه إرهاصاتها الأولى مع بداية انحسار حركة الجهاد في أعقاب معركة الشعيبة حيث عقدت لقاءات ومؤتمرات متتالية بين عدد من العلماء ورجال الدين في النجف وكربلاء وزعماء العشائر في الشامية والناصرية والشطرة وغيرها من مناطق الفرات الأوسط وكان الرأي السائد فيها هو الإعداد للثورة  على الانكليز ومحاربتهم ( 30)  .

    غير إن التشكيل العملي لهذه المقاومة لم يبدأ إلا بعد احتلال بغداد وعلى وجه التحديد عام (1917)  وأوائل عام (1918)  حيث دخلت واعتبارا من ذلك التاريخ في مواجهات عسكرية وسياسية قوية مع سلطات الاحتلال، كان أهمها المواجهة في (ثورة النجف)  خلال (آذار- نيسان- 1918) والموجهات السياسية إبان عملية الاستفتاء التي أجرتها الإدارة البريطانية في أواخر 1918 وأوائل 1919 ثم المواجهات المسلحة التي مثلتها ثورة العشرين في (حزيران - ت2 1920) ( 31) .

    ولبيان الدور الأساس لرجال الدين والمؤسسة الدينية أبان ثورة النجف لابد من الرجوع قليلا للأسباب والدواعي التي أوجبت على المؤسسة الدينية اعتناق ذلك الدور، إذ شكلت النجف ومنذ بداية الاحتلال الأجنبي للعراق مركز أساسي لحركة الجهاد، واثر التصادم مع الإدارة العثمانية وطردها من المدينة في (أيار 1917)، أقام زعماؤها المحليون إدارة ذاتية لتسير شؤون المدينة وهي إدارة كانت أشبه بحكومة مؤقتة وخلال تلك السنتين الأخيرتين التي تمتعت بهما المدينة بوضع مستقل عن الإدارتين العثمانية والانكليزية أقام علماؤها ورجال الدين فيها صلات وثيقة مع معظم أنحاء العراق والعالم الخارجي ولاسيما زعماء ورؤساء الفرات الأوسط ( 32)  .

    ولهذا كان الوضع في المدينة في منتصف 1917 يشهد تحركات معادية للانكليز، الذين اخذوا بالتحرش عن طريق تعيين حاكم سياسي للمدينة هو (حميد خان)* فضلاً عن تحريض فهد الهزال رئيس قبيلة (عنزة) الموالي لهم على دخول المدينة وافتعال المشاكل مع أهلها كما قامت في مطلع 1918 على إرسال وحدة عسكرية إلى الكوفة المجاورة للنجف وهو الأمر الذي مثل عملاً استفزازياً لأهالي النجف الأشرف وعموم مناطق العراق.. وهنا يبدأ موقف زعماء المؤسسة الدينية من العلماء في كربلاء والنجف وعموم العراق الذي اتسم بالتباين من حيث الأهمية والتأثير حيث التزم السيد كاظم اليزدي موقف الصمت والعزلة الأمر الذي دفع سلطات الاحتلال على الاستفادة من هذا الموقف عن طريق زيارة السير برسي كوكس إلى دار إقامته في الكوفة، في حين إن السيد محمد تقي الشيرازي المقيم في سامراء وفتح الله الأصفهاني المقيم في النجف لم يتخذوا مواقف علنية بهذا الخصوص، إلا إنهما تمتعا بدور كبير في إقامة العلاقات مع العديد من رجال الدين في النجف وكربلاء والذين يقومون بتحريض الأهالي ضد الاحتلال، أما موقف الأهالي فقد تمثل بأنه كان رهن إشارة المرجعية في المؤسسة الدينية والزعامات المحلية ويتجه نحو المواجهة التي تباينت ما بين السلمية والعنيفة(33).

    كما وأنشأت في النجف العديد من الندوات التي كانت تناقش القضايا السياسية وتدار هذه الندوات من قبل رجال دين بارزين والعديد من المثقفين أمثال جواد الجزائري وعبد الكريم الجزائري، وندوة آل شهيب التي يديرها محمد رضا ومحمد باقر الشبيبي وغيرهما، وكان لهذه الندوات الأثر البالغ في تأسيس جمعية إسلامية سرية هي( جمعية النهضة الإسلامية)  في (ت2 1917)(34) من جهة، من جهة أخرى ساهمت هذه الندوات إلى حد كبير في قدوم السيد محمد تقي الشيرازي من سامراء إلى النجف ومن ثم إلى كربلاء حيث استقر فيها، وقد تم ذلك بناءاً على مشاورات ومناشدات أعضاء المجالس (الندوات)  المذكورة بهدف حصر الزعامة الروحية بالإمام الشيرازي بعد أن تبين لهم إن موقف السيد كاظم اليزدي غير مؤيد للثورة (35).

    أتخذ من مقتل الحاكم السياسي الانكليزي في النجف يوم 19 آذار 1918 البداية في الصدام بين الأهالي في النجف وقوات الاحتلال التي ردت بأوامر من الجنرال مارشال قائد القوات البريطانية بحصار المدينة وعدم فك الحصار إلا بعد تنفيذ الشروط القاسية التي تتمثل بتسليم بعض الأشخاص الذين يتزعمون الثورة وتسليم الأسلحة ودفع غرامة مالية قدرها 150 ألف ليرة ونفي ألف رجل كأسرى إلى الهند، وفعلاً تم إعدام الكثير من رجالات الثورة ومنهم الشيخ جواد الجزائري والسيد محمد بحر العلوم الذين خفف عنهم الحكم من الإعدام إلى النفي خارج العراق بعد أن توسط إليهما السيد محمد تقي الشيرازي وشيخ المحمرة الأمير خزعل (36).

    ان ما يمكن استنتاجه مما سبق ينحصر في إن المضمون الإسلامي الذي حملته الثورة لم يتمثل بالدور القيادي البارز لرجال الدين في المؤسسة الدينية وجمعية النهضة الإسلامية، إنما في الأفكار والأهداف السياسية التي انطلقت على أساس مقاومة الانكليز، إذ كان هناك ترابط واضح بين المقاومة من اجل التحرير والاستقلال .. وبين الدفاع عن المسلمين والإسلام .

    وهكذا فقد بقي الدور القيادي والريادي للمؤسسة الدينية بكافة رموزها وضاءً ووهاجاً بكل خطوة سياسية يخطيها تاريخ العراق الحديث والمعاصر إلى يومنا هذا ويبرز ذلك بوضوح أمام حدث آخر مر به العراق ألا وهو(الاستفتاء)  في(30 ت2 1918) والذي تضمن الإجابة على ثلاث أسئلة وجهت إلى أبناء العراق :

هل ترغبون بحكومة عربية مستقلة تحت الوصاية الانكليزية  ؟
هل ترغبون في أن يترأس هذه الحكومة أمير عربي؟
من يكون الأمير الذي تختارونه ؟

    جاءت خطوة الاستفتاء هذه بعد أن أكملت القوات البريطانية احتلال العراق وتوقف الحرب العالمية الأولى، الهدف منه تحديد مصير الولايات العربية المنسلخة من جسم الدولة العثمانية (37) .

    وعلى الرغم من إن الاستفتاء قد شابه الكثير من عدم الموضوعية إلا إن تمريره في كربلاء والنجف والكاظمية لم يكن بالأمر الهين لهذا فإن نتائجه لم تكن تحقق رضا وطموح الانكليز(38) .

   ففي مدينة كربلاء لم يجر الاستفتاء على خير ما يرام وعد نكسة شديدة واجهت الإدارة البريطانية، والسبب إن الحركة الإسلامية في كربلاء كانت قوية في المدة التي سبقت الاستفتاء، فضلاً عن ظهور بعض الجمعيات السرية مثل (الجمعية الإسلامية)  التي ترأسها السيد محمد رضا نجل الإمام محمد تقي الشيرازي  حيث ضمت في عضويتها العديد من الوطنيين ورجال الدين أمثال السيد هبة الدين الشهرستاني والسيد حسين القزويني وعبد الوهاب الوهاب وعبد الكريم العواد وعمر العلوان وعثمان العلوان وطليفح الحسون وعبد المهدي القمبر ومحمد أبو الحب .

    فضلاً عن تأسيس جمعية أخرى عرفت باسم (الجمعية الوطنية الإسلامية)  ضمت عبد الحسين المندلاوي ومهدي المونوي ويحيى الزرندي وقد اتخذت هاتان الجمعيتان من المناسبات الدينية فرصة لتوعية وتعريف الناس بما يحاك ضدهم(39).

    وبإلحاح من الحاكم السياسي (الميجر تايلر) الذي وجه دعوة إلى جميع الزعامات السياسية والدينية في المدينة لإبداء رأيهم بالاستفتاء ونتائجه إلا إن الحاضرين وعلى لسان عبد الوهاب طلبوا منه مدة ثلاثة أيام لأنهم لا يمثلون عامة الناس، بعدها عقدوا اجتماع في منزل السيد محمد تقي الشيرازي تداولوا فيه الأمور السياسية التي تمخضت عن الاستفتاء، فما كان رد السيد الشيرازي إلا أن اصدر فتواه الشهيرة التي نصت على انه (ليس لأحد من المسلمين أن ينتخب أو يختار غير المسلم للإمارة والسلطنة على المسلمين)  (40).

    الظاهر من هذه الفتوى التي أصدرها السيد الشيرازي في 23/1/1919 لها الأثر العميق في نفوس الأوساط الشيعية وأوساط المعارضين للاحتلال الأجنبي وقد تطابقت مع عدد من الآيات القرآنية التي نصت على أن يطيع المسلمون أولي الأمر منهم، وتعد هذه الفتوى هي الأولى خلال السيطرة البريطانية الفعلية على العراق حين أعطى فيها السيد الشيرازي رأياً علنياً ضد البريطانيين الأمر الذي أضفى على الحكم الوطني مباركة دينية، وكان لهذه الفتوى انعكاساً ايجابياً كبيراً في نفوس الناس، وبذلك توازن موقف العلامة الشيرازي في كربلاء مع مواقف رجال الدين في النجف (41) .

    تمتعت الجمعية الإسلامية في كربلاء بوزن جماهيري كبير خاصةً في الفرات الأوسط، الأمر الذي جعل بريطانيا تدرك إن الاتجاه الذي يعاكسها يسير بشكل منظم وله تأثيره المباشر على وجودها، فلابد لها من أن تتخذ موقفاً من الشخصيات الهامة والنشطة على الساحة العراقية(42). والعمل على اعتقال الشخصيات النشطة على الساحة الكربلائية أمثال عمر العلوان وعبد الكريم العواد ومحمد مهدي المولوي ومحمد علي الطباطبائي ومحمد على أبو الحب وطليفح الحسون(43).

    إن هذا الموقف أثار حفيظة السيد الشيرازي الذي كتب كتاباً مستعجلاً إلى ارنولد ولسون وبعد يوم من اعتقال رجال الحركة الوطنية واصفاً فيه إن المعتقلين لم يرتكبوا ذنباً يوجب عليهم الاعتقال، ويمكن أن يكون الهدف من اعتقال هؤلاء الساسة هو ضرب التحرك الوطني الذي كانت تقوم به الجمعية الأمر الذي أدى إلى تصعيد الموقف باعتقال الانكليز رئيس الجمعية السيد محمد رضا الشيرازي وبعض أصحابه الأمر الذي دفع السيد الشيرازي بتوجيه التهديد إلى الانكليز مفاده انه يستوجبه هذا الأمر الهجرة إلى إيران وإعلان الجهاد ضدهم من هناك، وعندها شعر الانكليز بخطورة الموقف وقرروا إطلاق سراح المعتقلين كما وقامت بسحب الميجر (بوفل) الذي كان يشغل منصب الحاكم السياسي في كربلاء واستبداله بالميرزا محمد خان ذو الأصل الإيراني ومتجنس بالجنسية العراقية وفك الارتباط الإداري لكربلاء بلواء الحلة وإلحاقها بالهندية إداريا (44)  .

    وبقدر تعلق الأمر بالعلاقة الصميمة بين المؤسسة الدينية والأحداث السياسية التي مرت على العراق من جهة والدور القيادي لزعامات المؤسسة الدينية خلال حقبها المختلفة نجد إن المدة التي أعقبت وفاة المرجع الأعلى السيد كاظم اليزدي في 30 نيسان 1919 وتولي السيد محمد تقي زعامة المؤسسة الدينية التي انتقلت من النجف إلى كربلاء سارا جنباً إلى جنب باتجاه توثيق العلاقة ما بين الزعامة السياسية والزعامة الدينية التي تقود الشعب واعتبر الموقف الذي خرج به السيد الشيرازي تجاه الاستفتاء البذرة الأولى التي وجهت الأنظار نحو المقاومة  الجدية والشرسة ضد الاستعمار، ولهذا فان الدور القيادي للإمام الشيرازي تميز بمدتين الأولى بدأت منذ توليه المرجعية في أيار 1919 واستمرت حتى آذار 1920 حين بدأت الفترة الثانية والتي استمرت بالمواقف المشرفة حتى وفاته في 30 ذي الحجة 1338 هـ (17 آب 1920) .

    تميزت المدة الأولى بان السيد الشيرازي قام بتعزيز القيادة الدينية في معارضة المشاريع الانكليزية ومقاومة الاحتلال وحل بعض المشاكل التي تواجهها حركة المقاومة الإسلامية وذلك قبل أن يتخذ موقف حازم وحاسم للبدء بمواجهة شاملة ومسلحة ضد الاحتلال حتى يتمكن من تحقيق وإنجاح جميع السبل القادرة على  تحقيق النجاح في الحالة الثورية كما جعل وبشكل اكبر من المؤسسة الدينية عامل جذب لجميع أنظار أبناء الشعب وتمكن من حل المسألة المهمة الخاصة بالتناحر والصراع بين العشائر عن طريق خلق التآلف والتقارب في الوجهات المختلفة بالشكل الذي يمكن من خلال ذلك الاستفادة منهم في مقاومة المحتل، كون إن الثقل الذي تتمتع به هذه العشائر في كل موقف سياسي لا يستهان به إن كل هذه الأمور كانت بمثابة التهيئة الكاملة لما ينتظره العراقيون من استقلال ...


الهوامش
1.   حازم صاغية، صراع السلام والبترول في إيران، ط1، (بيروت، دار الطليعة) 1978، ص 85-86 .
2.   احمد كسروي تبريزي، تاريخ مشروطة إيران، طهران، مؤسسة جاب هفتم، 1346هـ، ص 62 .
3.   د. علاء عبد الحسين الهيمي، حقائق عن المواقف في العراق من الثورة الدستورية الايرانية (1905 - 1911 م)، جامعة الكوفة، كلية التربية بنات، مطبوعة بالرونيو، ص 2 - 16 .
4.   ماجد الغرباوي، الشيخ محمد حسين النائيتي (منظر الحركة الدستورية)  ط1، مؤسسة الأعراف للنشر، 1999، ص 62 .
5.   المصدر نفسه، 63 .
6.   المصدر نفسه، ص 47 .
7.   علي الوردي، لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث، قم، انتشارت الشريف الرضي، 1413هـ، ط1، ص 57 - 59 .
8.   ماجد الغرباوي، المصدر السابق، ص 65 .
9.   احمد باقر علوان الشريفي، كربلاء بين الحربين العالميتين (1918 - 1939)، رسالة ماجستير غير منشورة، معهد التاريخ العربي والتراث العلمي للدراسات العليا، بغداد، 2004، ص 33 .
10.   المصدر نفسه، ص 33 .
11.   عبد الحليم الرهيمي، تاريخ الحركة الإسلامية في العراق (1900 - 1924)، ط1 (الدار العالمية للطباعة والنشر، بيروت، 1985) ، ص 163 .
12.   المصدر نفسه، ص 164 .
13.   المصدر نفسه، ص 164 .
14.   المصدر نفسه، ص 64، علي الوردي، المصدر السابق، ص 127.
15.   احمد باقر علوان الشريفي، المصدر السابق، ص34.
16.   المصدر نفسه، ص 34 .
17.   عبد الله النفيسي، دور الشيعة في تطور العراق السياسي الحديث، ترجمة دار النهار، (بيروت 1973)، الكتاب هو رسالة دكتوراه مقدمة إلى جامعة كمبردج 1972، ص 86 .
18.   الوردي، المصدر السابق، ج 4، ص 128 - 131 .
19.   احمد باقر الشريفي، المصدر السابق، ص 36 .
20.   عبد الرزاق عبد الدراجي، جعفر ابو التمن ودوره في الحركة الوطنية في العراق،(بغداد 1978)، رسالة ماجستير مقدمة إلى جامعة بغداد،ص40-42.
21.   المصدر نفسه، ص 41 .
22.   عبد الحليم الرهيمي، المصدر السابق، ص 167 .
23.   المصدر نفسه، ص 167 .
24.   * كان السيد محمد تقي الشيرازي من كبار المجتهدين، وقد تولى المرجعية العليا قي كربلاء بعد وفاة السيد اليزدي عام 1919، ويعتبر السيد الشيرازي القائد والموجه الفعلي لثورة العشرين الكبرى ضد الانكليز عام 1920.
25.   عبد الحليم الرهيمي، المصدر السابق، ص 174 .
26.   عبد الله النفيسي، المصدر السابق، ص 90 .
27.   عبد الله النفيسي، المصدر نفسه ، ص 90- 91  .
28.   عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، (بيروت، 1978) ، ط4، ص 55 .
29.   المصدر نفسة، ص 56 .
30.   المصدر نفسه، ص 100 .
31.   عبد الحليم الرهيمي، المصدر السابق، ص 189 .
32.   عبد الله النفيسي، المصدر السابق، ص 63 - 130 .
33.   عبد الحليم الرهيمي، المصدر السابق، ص 190 .
34.   * حميد خان هو رجل دين هندي اسماعيلي يقطن النجف وهو ابن عمه اغا خان زعيم الطائفة الاسماعيلية في الهند وان اختياره كان بهدف التقليل من ردود فعل الاهالي ضد مبدأ تعين حاكم سياسي يتبع لإدارة الاحتلال .
35.   عبد الحليم الرهيمي، المصدر السابق، ص 191 .
36.   فاروق صالح العمر، الأحزاب السياسية في العراق (1921 - 1932)، بغداد 1978، ص 37 .
37.   عبد الرزاق الحسني، المصدر السابق، ص 84 .
38.   عبد الله النفيسي، المصدر السابق، ص 57 .
39.   احمد باقر علوان الشريفي، المصدر السابق، ص 45.
40.   عبد الرزاق الحسني، المصدر السابق، ص 48 .
41.   احمد باقر علوان الشريفي، المصدر السابق، ص48 .
42.   المصدر نفسه، ص 48 .
43.   غسان العطية، العراق نشاة الدولة ( 1908 - 1921)، ترجمة عطا عبد الوهاب، لندن، دار الإعلام، 1989، ص 235 .
44.   احمد باقر علوان الشريفي، المصدر السابق، ص50  .
45.   عبد الرزاق الحسني، المصدر السابق، ص37 .
46.   احمد باقر علوان الشريفي، المصدر السابق، ص51 .