العنف الالكتروني كمشكلة اجتماعية عامة

مع دخول الحاسوب والانترنيت الى مجتمعنا واختراقه كافة جوانب حياتنا اليومية ، فهذا الاختراق قد أدى الى ظهور نوع جديد من العنف يسمى العنف الالكتروني الممارس عبر الوسائط الالكترونية وبالتالي كان من الضرورة معرفة هذا العنف ومتابعة من اجل سن القوانين والتشريعات والعقوبات اللازمة لحد منه نظرا لما يسببه من خسائر مادية ومعنوية كبيرة للأفراد ، فظاهرة العولمة الإلكترونية التي اصحبت سمة من سمات العصر الحالي وعلى الرغم بما تمتاز به هذه العولمة من صفات منها على سبيل المثال، سرعة نشر المعلومة وارسالها وكذلك اختصار الوقت، الا ان العنف الالكتروني أصبح يعد مشكلة تهدد امن مجتمعنا نظراً لغياب الحريات الفكرية والديمقراطية وغياب القانون الا انه لا بد من وضع آليات تربوية واخلاقية ودينية للحد من انتشار هذه المشكلة بين الافراد، وعلى الرغم من الجهود المبذولة لمؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الاعلامية ولجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان، الا ان هذا الجهود تواجه عقبات اجتماعية واسرية وكذلك افتقارها الى مراكز أبحاث تهتم بهذه المشكلة وأيضا عدم توفـر الغطاء القانوني لها.

أولا: ما المقصود بالعنف الالكتروني

العنف الالكتروني هو كل فعل ضار بالأخرين عبر استخدام الوسائل الالكترونية مثل الحواسيب والهاتف النقال وشبكات الاتصال الهاتفية، شبكات نقل المعلومات، شبكة الانترنيت (مواقع التواصل الاجتماعي) متمثلاً بألفاظ القذف والسب والشتم بين الافراد وكذلك الترويج والتحقير الفرد، كما يمكن وصفه ايضا بانه كل سلوك غير أخلاقي وغير مسموح به يرتبط بوسائط الالكترونية وانطلاقاً من هذان التعريفان يمكن ان نعد العنف الالكتروني من أخطر أنواع العنف اذ انه يمس الحياة الاجتماعية والنفسية للأفراد فهذا قد يؤدي بهم الى ارتكابهم جرائم تهدد الاستقرار الأمني والاجتماعي مروراً بالأسرة وانتهاءاً بالمجتمع.

ثانياً: أنواع العنف الالكتروني 

هناك أنواع كثيرة من العنف الا اننا سوف نركز على اهم الأنواع التي يمكن ان تؤدي الى ممارسة هذا النوع من العنف الالكتروني ويكمن تفسيرها بنوعان من العنف هما:

1-العنف اللفظي عن قصد ومتعمد: يهدف هذا العنف الى التعدي على حقوق وحريات الآخرين بإيذائهم عن طريق الكلام او الالفاظ الغير مسموح بها ويتجلى هذا النوع من العنف في رفع الصوت عند المخاطبة والاهانة والشتم والسب والتحقير المتمثل بنعت الشخص بألفاظ غير مقبولة اذ يرتكز العنف اللفظي عند الكلام عبر شبكات الاتصال وذلك من اجل إيذاء وخلق جوء من القلق النفسي والاجتماعي.

2-العنف الجسدي(البدني): يختلف هذا النوع من العنف عن العنف اللفظي اذ انه يستخدم فيه الضرب والركل باليد للأجهزة الحواسيب والهاتف فهذا النوع من العنف غالبا ما يصاحبه حالة من الغضب والعدوان.

ثالثاً: خصائص العنف الالكتروني 

1- لا يحتاج الى استعمال القوة والضرب باليد بل يحتاج الى وجود حاسوب وهاتف متصل بالأنترنيت يستعمل به الشخص الفاظ تمس الطرف المقابل متمثلا بالقذف والسب والشتم والترويج له.

2- يعد العنف الالكتروني جريمة متعدد الحدود ومنتشرة في كافة جوانب الحياة وغير خاضه لنطاق قانوني.

3- صعوبة معرفة الأشخاص الذين يمارسون العنف نتيجة لنقص الخبرة لدى الأجهزة الأمنية والقضائية في التعامل مع مثل هذا النوع من العنف.

4- يساهم العنف الالكتروني في قيام بعض الأشخاص باختراق المواقع الرسمية او الشخصية او الاستيلاء عليها ما اجل الحصول على الأموال.

5- ان مرتكبي العنف يكونون في العادة من ذوي الاختصاص في مجال الأنترنيت او على الأقل الأشخاص الذين لديهم معرفة قليلة في التعامل مع الحاسوب وشبكات الاتصال.

رابعاً: اهداف العنف الالكتروني

يهدف العنف الالكتروني الى تحقيق جملة من الأهداف ويمكننا بيان أبرز تلك الأهداف:

1- نشر القلق الاجتماعي والنفسي بين الافراد الذين يمارسون الانترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي.

2- تعرض سلامة الاسرة والمجتمع وامنه للخطر والانتقام من الخصوم.

3- الدعاية والاعلان وجذب الانتباه واثارة الراي العام وجمع الأموال والاستيلاء عليها.

4- الاخلال بالنظام العام لشبكات الانترنيت مما قد يؤدي الى ممارسة العنف ضد الافراد.

5- التشهير وتشويه السمعة لدى بعض الافراد المعرضون للخطر. 

خامساً: المخاطر الاجتماعية للعنف الالكتروني 

ان فهم المخاطر الاجتماعية للعنف الالكتروني ومعرفة اثارها على الحياة الاجتماعية للأسرة والمجتمع يستدعي الوقوف عليها، فهذا لا يتم الا من خلال التغيرات التي يشهدها العالم اليوم ومن بين اهم هذه التغيرات ما يتعلق بعلاقتها بشبكة الانترنيت وما تحمله من برامج ومواقع وخدمات ثقافية غربية تتناقض مع قيم مجتمعاتنا العربية والإسلامية والتي قد تؤدي بالأفراد الى سلك سلوكيات شاذة ومنحرفة كالانحرافات اللفظية والضرب والسب والتحقير الشخص بألفاظ غليظة تمس حياته الخاصة والتي لا تلقي قبولا اجتماعياً.

ولعل من اهم مخاطر العنف الالكتروني منها تصدع التنشئة الاسرية اذ انه يعمل على اظهار ظاهرة التفكك الاسرية وهذا ما قد يعمل على إشاعة القلق والتوتر والصراع بين الافراد وبالتالي قد يؤدي بهم الى ارتكاب جرائم مخلة بالأدب الإنساني والاجتماعي فضلا عن احداث مشاعر عدوانية وعدائية التي تظهر في قسمات الوجه كالتهجم باللفاظ والعبوس واحمرار الوجه وكذلك بالنظرات الغاضبة عن طريق العيون او باستخدام الفم عن طريق البصق او اصدار أصوات الاحتقار والاستنكار فيلوح الغاضب بالثأر والتهديد والانتقام فضلا عن استخدامها بالفعل في الايذاء بالشتم والقذف عبر الوسائط الالكترونية، وزيادة على ذلك فان تصدع عملية التنشئة الاسرية على مستوى البيت او المدرسة قد تودي دوراً مهما في ممارسة العنف الإلكتروني وهذا راجع الى القلق وانعدام الدفء وعدم الشعور بالأمام والاطمئنان النفسي للفرد، فالفرد الذي يعيش في بيئة تتسم بالعدوان والإحباط تؤدي به الى قيام بأفعال غير مسبوقة من قبله وهذا ما قد تترك اثارها على الاسرة وعلى حياته الاجتماعية.

ولا شك فيه ان العنف الالكتروني الصادر من خلال الوسائل الإلكترونية الحديثة سواء كان في الفيس بوك او تويتر وغيرها من مواقع التواصل الالكتروني يعد جريمة لما فيه من اعتداء على سمعة الفرد كما ويعد من الامراض الخطيرة التي يتعدى شرها الى كل فئات المجتمع فهو يطال اعراض الناس وحرماتهم خاصة في ظل التطور الالكتروني الذي يشهده العالم اليوم وقد عده العنف الالكتروني عبر وسائل الإلكترونية من قبل المختصين في الحقوق القانونية جريمة بل من اشنع الجرائم لسعة انتشاره بين الافراد اعتمادا على التقديم الرهيب في وسائل الاتصال الحديثة فمرتكبها يتخذ من التقنية سبيلا للتشهير الناس والنيل من اعراضهم حيث يجد ضعفاء النفوس في وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة مكاناً ومتنفسا لهم مع موت الضمير وغياب الرقيب الدين فيلحقون الضرر بالأفراد والمجتمع.

ويتطلب مواجهة هذا النوع من العنف جملة إجراءات منها الآتي:

1- قيام الأجهزة الأمنية بوضع رقابة قانونية تساهم في الحد من تلك الظاهرة واثارها الاجتماعية للأسرة والمجتمع.

2- توعية الشباب بماهية الانترنيت من خلال الخدمات التي يقدمها لهم وعدم الانجراف الى ممارسة كهذا نوع من العنف.

3- مساهمة الاسرة في مراقبة سلوك وتصرفات ابناءها من اجل الوقوف على الحلول والعلاج كهذا نوع من العنف.

4- تعميم مبدأ الديمقراطية من خلال حرية تبادل الرأي والتعبير وإشاعة ثقافة التسامح والحوار وتأمين حق الفرد والمجتمع فضلا عن احترام حقوق الإنسان.

التعليقات