النظام السياسي الملائم للعراق

ناقش مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية في جلسته الرابعة ((شكل النظام السياسي الملائم للعراق في الدستور القادم)) وذلك في يوم الاثنين الموافق 11/ 7/ 2005 في مقر المركز وقد حضر الندوة كادر المركز وبعض الأساتذة والمختصين من رجال القانون ورجال الدين، وقد افتتح الجلسة الأستاذ عمران الكركوشي مُرحّباً بالحضور الكرام ثم بعدها قدمت أوراق العمل المعدة من قبل المختصين وهم..
§المدرس المساعد ضياء الجابر، تدريسي في كلية القانون/ جـامعة كربلاء.
§المدرس المساعد خالد خضير دحام، تدريسي في كلية القانون/ جـامعة كربلاء.

 


وقد تناولت ورقة العمل الأولى إيجازا حول الأنظمة الثلاثة الرئاسي والبرلماني وحكومة الجمعية وقد تناولها الباحث من حيث المرتكزات الأساسية التي يقوم عليها كل نظام ومدى ملاءمتها للواقع العراقي مستخلصة جملة من النتائج منها :

-عدم ملائمة النظام الرئاسي للتطبيق في العراق خاصة وان العراق قد عانى من سلطات الرئيس السابق للنظام البائد والتي كانت مطلقة ولا يقيدها أي قيد وجلبت العديد من الألم والويلات للشعب مما جعل منها سلطة دكتاتورية الحقوق والحريات كذلك يسهل هذا النظام الفرصة لرئيس الدولة بإساءة استعمال السلطات الممنوحة له.

-فضّـل الباحث النظام البرلماني وذلك لما يتمتع به من مزايا ومحاسن عديدة منها انه يخلق نوعا من التوازن والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية مما يحول دون استبداد أي منها بالسلطة، فهناك وسائل للتأثير المتبادل تملكها كل من السلطتين تجاه الأخر مع بقاء دور رئيس الدولة (رئيس الجمهورية أو ملك) لان الدستور يعهد إليه بعض الصلاحيات المحددة التي لابد من ممارستها من قبله حتى يفي بالقسم الذي أداه باحترام الدستور وتطبيق القوانين.

-احتلال الوزارة (الحكومة) لمركز الصدارة رغم مباشرة الرئيس لبعض الاختصاصات التشريعية والتنفيذية من تعيين رئيس الوزراء وإقالة الوزارة وحق دعوة البرلمان للانعقاد إلا إن ممارسته لها يكون عن طريق الوزارة لأنه لا يملك العمل بمفرده وهذا الرأي هو المعول عليه والذي يؤيده غالبية الفقه الدستوري.

 

{img_2}


أما ورقة العمل الثانية فقد استهل الباحث ورقة عمله بطرح التساؤل الآتي:
? ما هو النظام السياسي الأفضل للعراق؟


وبصدد الإجابة على هذا السؤال تم تناول محورين هما :
* المحور الأول/ نستطيع أن نتبنى نظاما سياسيا وفقا للأوضاع الخاصة في العراق يتلاءم مع الحالة العراقية .
* المحور الثاني/ يمكن أن نستعين أو نطلع على الأنظمة الرئيسة في العالم ونختار أيها أفضل للحالة العراقية.
وفيما يتعلق بالمحور الثاني فأي الأنظمة السياسية يتلاءم مع الواقع العراقي؟
? النظام الرئاسي لا يتلاءم مع الواقع العراقي فهذا النظام يبدو أكثر انسجاما مع الدول المتقدمة لأنه يصعب على رئيس الدولة مخالفة أحكام الدستور، وقد عانى العراق من انفراد شخص رئيس الدولة بممارسة السلطة وهذا النظام لا يمكن الأخذ به في ظل وجود فئات مختلفة للشعب كما انه لا يمكن اللجوء لنظام حكومة الجمعية لأنه يتطلب وعي سياسي عال للشعب وهذا الأمر غير متوفر لدى الشعب العراقي فهو غير مهيأ لذلك النوع من الحكم وعليه فالنظام البرلماني هو الأفضل لأنه يؤدي إلى:
-توزيع السلطة بين رئيس الدولة وبين الحكومة .
-عدم مسؤولية رئيس فهو يسود ولا يحكم أي له سلطات شرفية.
-رئيس الدولة يختار رئيس الحكومة من بين الأحزاب التي نالت أغلبية في الانتخابات.
-هذا النظام أكثر استجابة مع واقع دول العالم الثالث أو ما يسمى (بالدول النامية ).
-وجود رقابة متبادلة بين السلطتين أي وجود معادلة متوازنة.

* وفي مداخلة للدكتور عبد علي محمد سوادي، )رئيس قسم القانون الخاص/ كلية القانون(، طرح التساؤل الآتي :
هل حدد شكل نظام الحكم في قانون إدارة الدولة؟ وما هو شكل الحكم في الدستور القادم؟
وهل الصلاحيات الممنوحة لرئيس الدولة محددة دستوريا؟
* أجاب على التساؤلات الأستاذ ضياء الجابر قائلا:
إن قانون إدارة الدولة لم يشر صراحة إلى نوع النظام السياسي الذي تبناه ولكن يفهم من نصوصه انه ابتدع نظاما سياسيا خاصا به فهو نظام حكومة الجمعية إذا هل هو نظام مختلط أو خاص؟
أما عن شكل الحكم في الدستور القادم فالأمر متروك للجمعية الوطنية وبالتحديد للجنة كتابة الدستور فهي تستطيع تبني أي نظام وان كان الفيصل الأول والأخير في ذلك هو الشعب العراقي عن طريق الاستفتاء الذي سيجري في 15/ 10/ 2005.
أما السؤال الثالث نعم توجد نصوص دستورية تحدد صلاحيات الرئيس فهذه الصلاحيات محددة وواضحة ولكن العيب في شخص رئيس الدولة الذي يسيء استعمال هذه الصلاحيات ويحاول الخروج عليها.

* وفي مداخلة الدكتور كريم الساعدي (عميد كلية القانون/ جامعة كربلاء) قال: لا يوجد نظام يمكن أن يتلاءم مع دولة دون أخرى فلكل نظام عيوبه ومزاياه ولكن نود إيراد سلبيات النظام الرئاسي في العراق لان النظام السابق قد استبد في استخدام السلطة لذا لا يمكن قياس هذه الحالة على الوضع الراهن لان نظام صدام كان وضعا خاصا عليه لا يمكن الابتعاد عن النظام الرئاسي لأنه نظام متطور ومتقدم نحن نسمع أو نريد مبدأ الفصل بين السلطات ولكن على الرغم من قدسيته إلا انه اثبت فقهاء القانون وتطبيقا لا يوجد نظام للفصل المطلق بين السلطات ففي الولايات المتحدة يكون للرئيس إعلان حالة الحرب ولا يتم الرجوع للبرلمان إلا في نهاية الأمر وبعد اتخاذ الأمر من قبل الرئيس.
? النظام البرلماني فيه تداخل للسلطات ونناقش مدى ملائمة هذا النظام للعراق؟
لابد من وجود بيئة ديمقراطية في الواقع والتطبيق في الدولة مع ملاحظة مهمة جدا إن هذا النظام من خلق النظام البريطاني ثم طبق بعد ذلك في الهند التي تأخذ بالنظام البرلماني ولكن نحن لا نرى الأخذ بهذا النظاموذلك لان ما حدث من خلال الانتخابات جعل البرلمان ساحة لإبراز العضلات وبرامج الأحزاب السياسية المتنوعة وعليه نحن نرى إن النظام الرئاسي هو النظام الملائم للعراق في الدستور القادم بحيث يكون هناك نظام مؤسسات دستورية ويكون الدستور هو المرجع في كل شيء وهو مصدر السلطات، وتأييدنا لهذا النظام مرده أسباب عديدة لعل أهمها سرعة تنفيذ القرارات ودقتها بعيدا عن المبارزات الكلامية أو الحزبية التي تدور في البرلمان فنحن إذا ضمنا وجود برلمان منتخب لايوجد عندئذ حذر من تنفيذ الرئيس للتشريعات الصادرة من البرلمان ولا يسمح له بتقديم مشروعات القوانين (الرئيس) عند الأخذ بالنظام الرئاسي يمثل العراق بكل أطيافه ولا يكون تابع لجهة معينة فهو حاصل على غالبية أصوات الشعب.
وتابع الدكتور كريم الساعدي كلامه قائلا:نحن لحد هذه اللحظة لا نفهم معنى الديمقراطية فالوصول للبرلمان قد يتحقق بالاعتماد على العشيرة أو الحزب وعليه لابد من إفساح المجال للكفاءات من اجل احتلال الموقع والمناصب السياسية الأساسية في الدولة لذا لابد من تعزيز مبدأ الفصل بين السلطات والعمل على هذا الأمر.

* أما مداخلة الأستاذ خالد عليوي العرداوي فقد قال فيها:
إذا أخذنا بتقسيم مبسط لخريطة النظم السياسية لوجدنا إن النظام البرلماني مطبق في عدة بلدان مثل: اسبانيا، بريطانيا،السويد، النرويج، ايطاليا، اليابان، نيوزلندا...
أما النظام المختلط فمطبق في فرنسا، النمسا، أيسلندا، فنلندا، ايرلندا، البرتغال ...أما الرئاسي فمطبق بشكل أساس في الولايات المتحدة.
إذَنْ، لدينا أشكال متعددة للحكم وكل منها نعده ديمقراطيا ونجده يتمتع برضا شعبي في البلد الذي يطبق فيه، وحتى النظام البرلماني ينطوي على أنواع منها: النظم البرلمانية ذات الأغلبية والنظم البرلمانية التي لا تتمتع بالأغلبية، فلماذا نركز على النظام البرلماني فقط ونهمل بقية أشكال الحكم؟ إذا كان السبب هو الخوف من عودة الدكتاتورية، فهل تعلمون إن النظام البرلماني يعطي لرئيس الوزراء من الصلاحيات ما لا يتمتع به رئيس الجمهورية في الولايات المتحدة حتى إن البعض يتحدث عن دكتاتورية رئيس الوزراء البريطاني فإذا قال قائل إن البرلمان يحد من دكتاتورية الإدارة عبر صلاحيته في حل الحكومة فأن قاعدة الأغلبية قد سحقت استقلالية البرلمان وجعلته مشلولا فالذي يصل إلى السلطة التنفيذية لا يخشى من حل البرلمان ولم يمارس البرلمان هذا الحق في بريطانيا منذ عام 1923.
وان الثنائية الحزبية التي تميز النظام البرلماني قد تكون متجسدة بوجود حزبين كما في بريطانيا ولكن بعض الدول لديها ثنائية واقعية قائمة على أساس الواقع مثلا وجود حزب يساري أو حزب محافظ فالأحزاب اليسارية تساند الحزب اليساري والأحزاب المحافظة تدعم حزب المحافظين وفي الدول أخرى يوجد حزب مهيمن في ايطاليا واليابان ففي ايطاليا توجد الأحزاب الدينية المهيمنة، أما في اليابان يوجد الحزب الليبرالي الديمقراطي، إضافة إلى دعم القوى الاقتصادية والثقافية لاستقرارية النظام السياسي في الدولة .
فإذا أخذنا بالنظام البرلماني فهل يوجد لدينا واقع سياسي أو واقع اقتصادي ـ ثقافي يتلاءم مع ذلك النظام أو يمهد له ويضمن نجاحه ؟
وإذا أخذنا بنظام التمثيل النسبي وأصبح لدينا(30) حزبا، فأن هذا النظام سيؤدي إلى إسقاط الحكومة كل (3) أشهر لذا تضيع حسنات النظام البرلماني في ظل الواقع السياسي العراقي غير المستقر، أما عن النظام الاقتصادي في العراق، فلا يوجد نظام اقتصادي متقدم يدعم النظام السياسي،وبالنسبة لشكل الدولة فإذا كانت الدولة فدرالية فإننا سوف نواجه مشكلة (ثنائية المجلسين) ففي جميع النظم السياسية البرلمانية يوجد نظام المجلسين فكيف سيتم ذلك في العراق وما هي آلية اختيار أعضاء المجلس الآخر.
قد تكون اليابان مثلا مشجعا في تحديد النظام الانتخابي في العراق البرلماني فالنظام الياباني يعطي لكل إقليم أغلبية بحيث يوزع عدد النواب بين(2-5) نائب حسب الأهمية والكثافة السكانية هنا تبرز مسألة مهمة جدا، وهي انه على الأحزاب السياسية عدم تشتيت أصوات الناخبين ويكون حصر المرشحين من حيث العدد أمر مهم فلا يطرح مرشحين بكثرة بحيث تضيع أصوات المؤيدين بين هؤلاء المرشحين وفي العراق فان طرح أعداد كبيرة للمرشحين سوف يؤدي بدوره إلى قيام الناخبين بتوزيع أصواتهم على هؤلاء المرشحين مما ينعكس بدوره على عدم الحصول على الأغلبية المطلوبة، وآخر ما أود تأكيده هواننا يجب أن لا نحرص على استيراد شكلا للحكم بحجة نجاحه في بلد ما، وإنما يجب أن نخلق نظام الحكم الذي يتوافق مع مجتمعنا العراقي ويحقق له أهدافه في الحرية والاستقرار والرفاه الاقتصادي.

* من جانبه قال الدكتور فيصل الطائي:
إن كل نظام له ايجابيات وسلبيات ولكن مع السلبيات فأن هذه الأنظمة مطبقة في الكثير من الدول ولا يمكن إدانة نظام معين لأنه نجح في دولة وفشل في التطبيق في دولة أخرى، فكل نظام لابد من اجل نجاحه وإمكانية تطبيقه أن يصل المجتمع إلى درجة معينة من الرقي والثقافة حتى يمكن تطبيق النظام عليه، فالخلل ليس في نظام بعينه وإنما في التطبيق فالنظام الرئاسي إذا كان ناجحا في بلد ما ليس من المحتم أن يكون ناجحا في دولة أخرى فقد يكون نصيبه الفشل.
إضافة إلى ذلك فالعراق فيه قوميات مختلفة وحتى في داخل هذه القوميات أو الطوائف يوجد اختلافات وهذا الأمر يترك بصمات واضحة على النظام السياسي ومدى استقراره، ففشل النظام السياسي العراقي سابقا كان الخلل في رئيس النظام وليس في النظام نفسه ففي العراق كان هناك برلمان المجلس الوطني ولكن الرئيس كان هو المتحكم في هذا النظام وبالتالي مصير الشعب
إذَنْ الخلل يكمن في وجود أسباب معينة تساعد على فشل أو عدم نجاح نظام ما في دولة معينة منها:
*آلية التطبيق.
*وجود مستوى من الرقي والتقدم للمجتمع.

*وقد طرح الأستاذ عمران الكركوشي رئيس الجلسة التساؤل الآتي:
ما هي العوامل المؤثرة على تطبيق نظام معين؟، بعبارة أخرى ما هي العوامل التي يمكن أن تكون موجودة في العراق، لنقول بعدها بإمكانية بناء أو ملائمة نظام سياسي معين للحكم في العراق؟
*أجاب على هذا التساؤل الأستاذ خالد خضير قائلا:
إن النظام الرئاسي لا يعيش في الدول النامية دائما لان هناك خشية وريبة وذلك لوجود تخلف بكافة أنواعه(سياسي، اقتصادي، اجتماعي، ثقافي) نعم إن للنظام الرئاسي ميزة السرعة في التنفيذ لذا له قدرة على حل المشاكل وقد يقود ذلك إلى الاستئثار بالسلطة،نحن في العراق لم نبلغ بعد الوعي والثقافة والرقي والتقدم ما يكفي لكي نطالب أو نتمسك بالنظام الرئاسي فالوضع المتردي بكل نواحيه العملية والسياسية التي يقبل عليها العراق لا يتلاءم مع النظام الرئاسي.

*أما الأستاذ سليم فرحان جيثوم قال:
إن الرئيس في الولايات المتحدة له حق اقتراح القوانين وله حق الاعتراض التوثيقي ويعين الوزراء وله حق إقالتهم، فالنظام الرئاسي في الولايات المتحدة لا يوجد فيه استبداد لرئيس الجمهورية لان الرئيس وصل مرحلة متقدمة ولا يمكن أن يستبد بالسلطة فهو مؤمن بأنه يقوم بمهامه خدمة للشعب الأمريكي ولمصلحة الولايات المتحدة وكيف يتقدم بها خطوة للإمام.
بينما لو كان نظام رئاسي وجاءت شخصية ما للسلطة في العراق فهنا الكثير من السلبيات سوف تظهر في مجال التطبيق أو الواقع السياسي، فأنا أرى انه لا توجد شخصية على صعيد الساحة الشعبية أو رجالات مؤمنة بمصلحة الشعب لذلك نجد ضعف روح المواطنة لدى الفرد العراقي، فأي شخص يوجد في المنصب لا يفكر في مصلحة الشعب العراقي وإنما يفكر في مصلحة الفئة التي ينتمي إليها، فإذا جاء قمة الهرم السياسي قيادي من الإخوة الكرد فانه يطالب بمصالح الأكراد. وإذا جاء سياسي شيعي فانه يطالب بمصالح الشيعة وإذا جاء سياسي سني فانه يطالب بمصالح الطائفة السنية، كل هذه الأمور نابعة من ضعف روح المواطنة والوعي، وبالتالي لا يوجد دافع وطني وإنما هم يفكرون بقضايا خاصة تحقق مصالحهم الخاصة.
في النظام البرلماني هناك فائدة، إذا كان يأخذ بنظام الأغلبية فالأغلبية تأخذ حقها والأقليات تأخذ حقوقها أيضا فالعراق لو اخذ بذلك لما حصلت تلك المشاكل حاليا بين (الكرد والشيعة) لذا اضطرت الأغلبية للخضوع للأقلية من اجل تسيير العملية السياسية فالنظام البرلماني ذو الأغلبية لا توجد فيه مشاكل.

*ثم عقب الاستاذ خالد عليوي العرداوي على كلام الأستاذ سليم قائلاً: في النظام البرلماني توجد دكتاتورية رئيس الوزراء لأنه يتمتع بصلاحيات لا يتمتع بها رئيس الجمهورية في الولايات المتحدة، أما بالنسبة لقول الأستاذ سليم أن العراق لا يخلو من رجالات وطنية ولكن الرئيس الأمريكي عندما يصل إلى السلطة يجد نفسه داخل مؤسسات تمنعه من الاستبداد، وهو مالم يصل إليه العراق ألان واغلب دول المنطقة.

*ثم طرح السيد رئيس الجلسة الأستاذ عمران الكركوشي التساؤلات الآتية:
§هل يمكن تسقيط نظام معين للأخذ بنظام آخر؟ بعبارة أخرى هل يمكن تسقيط نظام بعد آخر للوصول إلى النظام الأفضل للعراق؟
§ما هي العوامل الخارجية التي يمكن أن تؤثر على الجمعية الوطنية أو على العراقيين عندما يتعلق الأمر باختيار نظام خاص يتلاءم مع الواقع العراقي ؟
* علق الدكتور عبد علي محمد سوادي على السؤال قائلا :
نحن لا نستطيع القول إن العراقيين هم أحرار في اختيار النظام السياسي فالمؤثرات الخارجية كثيرة، خاصة في ظل الاحتلال، فلا يتوقع من سلطة محتلة أن تعطي الحرية المطلقة لشعب محتل عندما يريد وضع دستوره أو أن يفعل هذا الشعب ما يشاء.

* وقد أيد الأستاذ ضياء الجابر ما ورد على لسان الدكتور عبد علي سوادي قائلا: إن جميع الدول التي رزحت تحت الاحتلال يثبت تاريخيا إنها لم تكن حرة عندما وضعت دساتيرها كاليابان على سبيل المثال.
* علق الدكتور كريم مزعل في مداخلة أخرى قائلا:
انه لا يمكن تكرار تجربة صدام مرة أخرى لان الولايات المتحدة لن تقبل بذلك فأمريكا هي الحامية للمشروع الجديد للعراق ولو على الأقل في المرحلة الحالية، لذا نحن لا نجد وضع دستور دائم للعراق في هذه المرحلة وإنما نؤيد ونطالب بوضع دستور انتقالي فظروف العراق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية تجعل منه غير مهيأ لكتابة دستور فالمفروض في هذه المرحلةوضع دستور انتقالي توجل فيه مسالة طرح القضايا الحساسة والتي تثير الكثير من الإشكالات كمسألة الفيدرالية وقضية كركوك، فهذه الأمور تترك لما بعد الدستور الانتقالي ويتم ذلك من خلال تشكيل لجان خاصة.
ويمكن طرح تجربة ماليزيا ورئيس وزرائها(مهاتير محمد) وعكس هذه الصورة أو النموذج على حالة العراق، أو عكس تجربة الإمارات المتحدة والتي انتقلت إلى مصافي الدول المتقدمة فإذا وضعنا أمورنا السياسية المهمة تحت رحمة الصراعات الكلامية فلن نعمل شيء يسير بهذا البلد نحو الإمام كذلك السودان وضع لنفسه دستورا انتقاليا .

* مداخلة الأستاذ عدنان الشروفي قال فيها: في تصوري انه لا توجد قوالب ثابتة فالنظام الرئاسي في الولايات المتحدة والنظام البرلماني في انكلترا وهناك نظام مختلط والعراق اليوم بصدد بناء دولة جديدة يعبر عن رغبات وتطلعات الشعب بكافة أطيافه لذا يجب أن ننظر إلى هذه الأنظمة بدقة وحذر فليس لهذه الأنظمة حدود ثابتة فالولايات المتحدة عندما أقرت النظام الرئاسي كان لها ظروفها الخاصة، وعليه فكل دولة تقرر نظاما سياسيا للشعب وهذا الأمر يعود لعوامل متعددة (سياسية، اقتصادية، اجتماعية) حتى تصل إلى نظام خاص يتلاءم مع الواقع العراقي عليه لابد من اختيار نظام سياسي (رئاسي، برلماني) يتفق مع واقع المجتمع العراقي فنحن عندما نأخذ بنظام برلماني لا نأخذ بتجربة بريطانيا بحذافيرها أو عندما نأخذ بنظام رئاسي لا نأخذ به كما هو الحال في الولايات المتحدة أو فرنسا، لذا لابد من وجود نظام خاص يتلاءم مع الواقع العراقيوتعيد صياغتها أو تفاصيلها حسب ما يحقق المصلحة الوطنية فنحن مع وضع الدستور المؤقت.

* وجه السيد رئيس الجلسة السؤال التالي لفضيلة الشيخ عدنان عباس الشيباني (مسؤول مكتب المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي)، نريد أن نعرف موقف الإسلام في هذه الأنظمة الثلاث أيهما متلائم مع الشريعة وهل لكم نظام معين تفضلون الأخذ به ؟
* أجاب سماحة الشيخ عدنان الشيباني قائلا: نحن مع وضع الدستور المؤقت لا الدائم خاصة في ظل هذه المرحلة وللسيد المدرسي مبادرة لوضع مشروع دستور، لذا نحن مع الدستور الذي يضمن تطبيق أحكام الدستور ويصون الحقوق والحريات وهذا أملنا مادامت حرية الرأي والتعبير موجودة فالسيد المدرسي له مبادرة في إلقاء محاضرات في فقه الدستور ويرغب ويشجع ويبارك الإكثار في الندوات والمؤتمرات الدستورية كما هو حاصل في هذه الندوة على سبيل المثال من اجل توعية الجماهير بالمفاهيم الأساسية للدستور ويبارك كل الجهود التي تبذل من اجل ذلك الأمر وعودا على السؤال نحن مع الإسلام فنحن رجال الدين نرى إن الإسلام هو الذي يحقق طموحات جميع الطبقات فالإسلام يعطي الحقوق للجميع حتى للكافر لذا نسعى ونقاتل من اجل وضع الإسلام موضع التطبيق.

* وجّه الأستاذ عدنان الشروفي سؤال للشيخ عدنان الشيباني: أي الأنظمة السياسية اقرب للفكر الإسلامي وروح الشريعة لاسيما وإنها لم تحدد نظاما سياسيا معينا وإنما وردت آيات تدلل على الشورى كالآية التي تقول وشاورهم بالأمر وآية أخرى وأمرهم شورى بينهم ؟
* أجاب سماحة الشيخ قائلا إن السيد المدرسي له رؤى وأفكار سأتلوها لو سمحتم (المصالح الوطنية هي الأساس ولكل مواطن رأي ومشروعنا الفكري نريد الحياة والحياة الدستورية والنظام البرلماني واحترام حقوق الأقلية واحترام مبدأ حسن الجوار فالحرية والديمقراطية تحترم حقوق الإنسان فعن طريق النظام البرلماني ستشارك كل فئات الشعب وبالتعددية نضمن مشاركة الجميع فيسود رأي الأغلبية مع احترام رأي الأقلية لذا فالنظام البرلماني هو الذي نفضله ونرى الأخذ به، كما بادر السيد المرجع المدرسي بعدة نشاطات حول أهمية صياغة الدستور الذي يحقق تحرر الشعب العراقي وعقدت مؤتمرات وندوات عديدة ومنها المؤتمر الدستوري الذي عقد قبل حوالي سنة ونصف واستمر 48 ساعة ومؤتمر عقد في مسكنه فشاركت فيه 29 قناة فضائية.
كل هذه الأمور من اجل توضيح مفهوم الدستور ورفع الحجب التي تكون حائلة بينه وبين الشعب.
حيث رفض سماحة السيد المدرسي كتابة الدستور خلف أبواب مغلقة وجه السيد رئيس الجلسة التساؤل الآتي منذ سقوط النظام (نظام صدام) ولحد الآن التفاف الشيعي حول المرجعيات الدينية وخاصة الدعوة للمشاركة للانتخابات، ألا يدل ذلك على وجود حس ووعي سياسي لدى المواطن العراقي ؟

* مداخلة الأستاذ حسين رسول (تدريسي في كلية القانون/حاسبات):
إن الشعب العراقي غير قاصر ولكن الظروف التي تحيط به ولدت لديه تلوث فكري بحيث أصبح لديه قناعة إن أي رأي يطرح أو أي موضوع يجعله في ورطة لذا لابد أن ينهض الشعب وينتعش الاقتصاد العراقي حتى نستطيع أن نرقى بالمواطن العراقي إلى مكان أفضل وانسب فهو يستحق ذلك بل أكثر لذا فانا مع الدكتور كريم وأؤيد رأيه حول وجود دستور مؤقت مع عدم الإقرار بوجود قانون إدارة الدولة وإنما هو قانون احتلال لذا لابد من جدولة خروج قوات الاحتلال بعد ذلك يمكن أن يكون القرار نابع من العراقيين.
* علق الأستاذ خالد عليوي العرداوي قائلا أنا أشارك وأشاطر الدكتور كريم والأستاذ حسين الرأي ويجب عدم الاستهانة بالشعب العراقي والثقافة التي يمتلكها أما الوضع الحالي فهو وضع طبيعي للغياب الطويل لحرية الرأي وهو نتيجة لعقود طويلة هي 1400عام باستثناء دولة الرسول (صلى الله عليه وسلم) والإمام علي (عليه السلام) فنحن لن نعرف مبدأ الحوار والاستماع للرأي الآخر بل كان هناك مبدأ الإقصاء للأخر لذا فهناك أمراض تبرز على الساحة العراقية أكثر مما هو متوقع لذا لابد من الحوار من اجل الوصول إلى الرأي الأنسب والأفضل.

* مداخلة للشيخ محمود الصافي (من مكتب السيد المدرسي) إن الإسلام عرف القوانين قبل غيره من الدول والدليل على ذلك قضية الدرع بين الإمام علي(عليه السلام) والنصراني أو اليهودي حول هذا الدرع تمثل هذه القضية قمة الديمقراطية والحرية كما يقال حاليا هناك عدل ومساواة من قبل الحاكم أفضل من ذلك هل هناك، تواضع وجلالة شأن اكبر من ذلك أمير المؤمنين - رئيس الدولة، في ذلك الوقت وأي دولة عظمى فالإسلام كان أقوى وأعظم الدول في ذلك الوقت يساوي نفسه بخصمه الذي على غير ملته ويصدر الحكم ضده.

التعليقات