افغانستان والعراق وسوريا وداعش وإيران: نصف استراتيجية أفضل من عدمها او أفضل من لا استراتيجية

الكاتب: انتوني كوردسمان نقلا عن معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية الامريكي

الناشر: مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية

ترجمة: هبه عباس محمد

 

يبدو ان للولايات المتحدة استراتيجية قصيرة الاجل في العراق وسوريا، كما تسعى الى اخراج داعش من المراكز السكانية التي يقطنها في الموصل والرقة والمناطق الاخرى من سوريا والعراق،  كما يبدو أنها عدلت استراتيجيتها العسكرية في أفغانستان بطريقة أكثر انفتاحا اذ  ستضيف نحو  ٤ آلاف جندي وتوسع مهام وحدة التدريب والمساعدة ، وتدعم قوات مكافحة الإرهاب الأفغانية، وتوفر المزيد من الدعم الجوهري، ولديها بعض عناصر الاستراتيجية العسكرية في التعامل مع إيران والتي تشمل العمل مع حلفائها الإقليميين لردع إيران واحتوائها في حين لا تزال تناقش ما يجب القيام به عندما يتعلق امر ما  بالاتفاق النووي الإيراني - خطة العمل المشتركة.

الجيش نصف الاستراتيجية 

ان تنفيذ هذه الاستراتيجية يعد نوع من القوة لعدة اسباب منها:

-عدم وجود اي عنصر من عناصر استراتيجية انهاء الصراع او عمليات تحقيق الاستقرار.

-ان الخطة المعلنة للتعامل مع داعش هي حرمانه من السيطرة على المراكز السكانية الرئيسة، ولكن لم يتم الإعلان عن أي استراتيجية أو خطة لما سيحدث بعد ذلك.

- بغض النظر عن عدم وجود خطة واضحة للتعامل مع فلول داعش، بعد الموصل والرقة، لا توجد استراتيجية أو خطة للتعامل مع العناصر الأخرى للإرهاب في المنطقة، اذ يشكل التنظيم تهديدا حقيقيا، لكنه كان مسؤولا عن حوالي ٥٪‏ فقط من الاعمال الارهابية في العالم عام ٢٠١٥، و١١٪‏ من الاعمال الارهابية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا ، ومن شأن التدمير الكامل لداعش ان يتسبب بتزايد التهديد الارهابي.

-ان خطة التعامل مع طالبان وشبكة حقاني وغيرها من العناصر المتطرفة في أفغانستان هي مواصلة القتال إلى ما لا نهاية، مع الإشارة في بعض الأحيان إلى مفاوضات السلام.

-عدم وجود خطة أو استراتيجية معلنة للتعامل مع مختلف العناصر المتمردة العربية وغيرها من العناصر المتواجدة في سوريا، والعناصر الكردية المختلفة في سوريا والعراق، والميليشيات الشعبية الشيعية والسنية بعد هزيمة داعش.

-عدم وجود استراتيجية عامة للتعامل مع روسيا وتركيا والدور العسكري والأمني الإيراني في سوريا والعراق والمنطقة بعد خروج داعش من الموصل والرقة، أو للتعامل مع التهديد الذي يشكله تسامح باكستان ودعم العناصر المتطرفة في أفغانستان.

-يشير الإطار الزمني التراكمي للعوامل الستة السابقة أن للولايات المتحدة في أحسن الأحوال نصف استراتيجية عسكرية حتى شهر أيلول من هذا العام، بتجاهل التعقيدات في التدخلات العسكرية الأمريكية الأخرى في ليبيا والصومال واليمن وأفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، والآن في الفلبين.

ربما يقول البعض ان للولايات المتحدة نصف استراتيجية عسكرية، ربما يكون هذا الامر صحيحا او يمكن اعتباره من اعلى المعايير الحالية التي وضعها المفكرون الاستراتيجيون الامريكيون.

النصف المدني المفقود يعتمد على الاستراتيجية المضادة

ان الفجوة الأكثر خطورة في استراتيجية الولايات المتحدة هي أن جميع الحروب التي تخوضها الان في دول فاشلة ذات حكومات ضعيفة وفاسدة، وتعاني من مشاكل اقتصادية، وعدم سيادة القانون والانقسامات السياسية العميقة التي تنطوي على توترات دينية اخلاقية واقليمية وقبلية فضلا على عدم توفر الوظائف للسكان، لذا فإن إعادة بناء بنية اقتصادية وسياسية وحكومية قابلة للحياة أمر بالغ الأهمية لتفادي تحول حروب اليوم والتهديدات المتطرفة إلى صراعات مدنية جديدة ومعاناة إنسانية.

كما تعني النهاية المستقرة للحرب أيضا التعامل مع عواقبها الإنسانية. وفي حالة كل من سوريا واليمن، يؤكد تقرير المفوضية الجديد -الاتجاهات العالمية: النزوح القسري في عام ٢٠١٦ -التقارير السابقة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية التي تبين تعرض أكثر من نصف السكان بالفعل للخطر، أو أصبحوا لاجئين، أو تركوا كمشردين داخليا بدون منازل أو وظائف أو أعمال تجارية أو رعاية صحية فعالة أو مدارس، كما يوجد في أفغانستان أكثر من ٤ملايين لاجئ ومشرد داخليا، وفي العراق أكثر من ثلاثة ملايين، والصومال أكثر من مليون شخص.

كما نشر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والأمم المتحدة دراسات تبين مدى صعوبة تمويل عمليات الإنعاش وتنفيذها حتى لو حظيت الحكومات بدعم شعبي صادق وفعّال، كما يمكن أن تستثمر ما يعادل الناتج المحلي الإجمالي العام لتمويل جهود الانتعاش، ولا تتمتع اي دولة من التي تقاتل فيها الولايات المتحدة بمستوى النزاهة والوحدة والكفاءة اللازمة للعمل على هذا الأساس، فجميع الدول تتسم بالفساد وفقا لتصنيفات البنك الدولي والشفافية الدولية.

وهذا يعني أن استراتيجية الولايات المتحدة الفعالة لإنهاء القتال الحالي والتهديد المتطرف بأي طريقة دائمة يجب أن تنطوي على شكل من أشكال المساعدة في بناء الأمة، ومن الواضح أيضا من الإخفاقات التي وصفتها في كثير من الأحيان بالنجاحات في أفغانستان والعراق بأن هذه الجهود تستغرق وقتا وصبرا وتتطلب مستويات من الواقعية -بدلا من اتباع طريق تم التمهيد له بنوايا حسنة.

يبدو ان بعض المجالات التي تم الاتفاق عليها بين الحزبين في الولايات المتحدة تشمل تجنب بناء الأمة، اذ اقترحت الادارة الامريكية خفض الانفاق على برامج وزارة الخارجية الأمريكية ووكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة، لكن لم يظهر الكونغرس اي مصلحة جماعية من الجانب المدني من مكافحة التمرد ومنع حدوث الحرب الاهلية، كما تتناول الولايات المتحدة الجانب المدني من الاستراتيجية والاستراتيجية الكبرى من خلال انكار نهج الاستراتيجية المضادة للنصف الآخر من الاستراتيجية.

رابط المقال الاصلي:

https://www.csis.org/analysis/afghanistan-iraq-syria-isis-and-iran-half-strategy-better-none

التعليقات