الأبعاد الاقتصادية لاتفاقية الإطار الستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية

اعداد الباحثان : د. عباس كاظم الدعمي د. هدى زوير الدعمي لقد أكدت الاتفاقية على مبادئ علاقة تعاون وصداقة طويلة الأمد بين جمهورية العراق والولايات المتحدة الأميركية وان العلاقة بين البلدين سوف تكون لصالح الأجيال المقبلة ومن اجل عراق حر ديمقراطي تعددي فيدرالي موحد. إن العلاقة التي تتطلع إليها الاتفاقية تشمل أفاقا متعددة يأتي في مقدمتها التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، وتتعهد فيها أمريكا بمساعدة الجانب العراقي في كافة المجالات بما فيه المجالات الاقتصادية والمالية، ويعد الجانب الاقتصادي الداخلي وتأثيره على الأسواق العالمية، استثمارا وتسويقا.... مقدماً على الجوانب الأخرى. وانطلاقا من المبادئ الاقتصادية للاتفاقية والتي تضمنت الآتي:- 1. دعم جمهورية العراق للنهوض في مختلف المجالات الاقتصادية وتطوير قدراتها الإنتاجية ومساعدتها في الانتقال إلى اقتصاد السوق. 2. المساعدة في دعم الأطراف المختلفة على الالتزام بتعهداتها تجاه العراق، كما وردت في العهد الدولي مع العراق. 3. الالتزام بدعم جمهورية العراق من خلال توفير المساعدات المالية والفنية لمساعدتها في بناء مؤسساتها الاقتصادية وبناها التحتية وتدريب وتطوير الكفاءات والقدرات لمختلف مؤسساتها الحيوية. 4. مساعدة جمهورية العراق على الاندماج في المؤسسات المالية والاقتصادية والإقليمية والدولية. 5. تسهيل وتشجيع تدفق الاستثمارات الأجنبية وخاصة الأميركية إلى العراق للمساهمة في عمليات البناء وإعادة الاعمار. 6. مساعدة جمهورية العراق على استرداد أموالها وممتلكاتها المهربة وخاصة تلك التي هربت من قبل عائلة صدام حسين وأركان نظامه، وكذلك فيما يتعلق بآثارها المهربة وتراثها الثقافي قبل وبعد 9/4/2003. 7. مساعدة جمهورية العراق على إطفاء ديونها وإلغاء تعويضات الحروب التي قام بها النظام السابق. 8. مساعدة العراق ودعمه للحصول على ظروف تجارية تشجيعية وتفضيلية تجعله من الدول الأولى بالرعاية في السوق العالمية واعتبار العراق دولة أولى بالرعاية من قبل الولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى مساعدته في الانضمام إلى منظمة التجارة الدولية. في إطار السعي المتواصل لتطوير البيئة الاستثمارية في البلاد بدعم أمريكي، ضمن إطار الاتفاقية طويلة الأمد من خلال دعم الاستثمار وتطوير الاقتصاد العراقي، يرى السفير الأمريكي "رايان كروكر" أن العراق لا يمكن تطوير اقتصاده إلا بمساعدة العالم. لكن نلاحظ إن جميع البنود الاقتصادية للاتفاقية لم تحمل معها آليات التطبيق (أي ما هي الوسائل والطرق التي سيتم العمل بها) بل بدا عليها إنها بنود غير واضحة وغير محددة المعالم. كما نلاحظ إن هناك أولوية للجانب الأمريكي فما لا تستطيع أن تخفيه الولايات المتحدة الأمريكية هو الرغبة الشديدة لديها في السيطرة على ثروات العراق والاستفادة القصوى منها وما يؤكد هذا القول البند الخامس من الجانب الاقتصادي في الاتفاقية الذي يشير إلى إعطاء الأولوية والحصة الأكبر من الاستثمارات إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فيكون الجانب الأمريكي متحكما بشكل شبه كامل بمسارات الحكومة العراقية، وان آفاق العلاقة قد ترتبط بعوامل أخرى مقرونة بالتقدم في مجال قانون النفط انطلاقاً من إن العراق هو أغنى دول المنطقة بالثروات المتعددة والاحتياطي الأول في النفط الخام، إذ تميل الاتفاقية لصالح الاستثمارات الصناعية التكريرية للشركات الأمريكية بنسبة تصل إلى 61% وبطبيعة الحال، فإن القطاع النفطي الذي يمثل المورد الأهم في العراق سيكون مجالا أساسيا للتعاون بين البلدين، كما إن إنشاء وإقامة البنوك والمصارف، تعطى للجانب الأمريكي الأولوية في رأس المال المدفوع، وبحسب شروط الاتفاقية الأمريكية العراقية، يرتبط الدينار العراقي بالدولار الأمريكي، مما يعنى ربط الفائض البنكي في البنوك الوطنية العراقية، وهى (مصرفا الرشيد والرافدين) بالدولار الأمريكي رغم انهياره في سلة العملات العالمية. ويبدو إن هذا الاقتران يكمن في خطط بعيدة الأمد للشرق الأوسط ليكون العراق صاحب المنافسة الأولى أو المتقدم فيها ويكون مرتكزاً تستند عليه الولايات المتحدة الأمريكية، وإلا فما سر هذا الاهتمام المريب بالعراق وثروات العراق البشرية منها والمادية. وبحسب تصريح علي بابان وزير التخطيط العراقي لإحدى المحطات، عن مدى ارتباط حاجة العراق إلى الاستثمارات الأجنبية بالتواجد الأمريكي في العراق؟ ولماذا استخدم الأمريكيون لغة التهديد المبطن؟ يقول "بأنهم لم يستخدموا لغة التهديد المبطن، ولكن أشاروا إلى وضع خاص وهو أنه إذا لم توقع الاتفاقية مع الولايات المتحدة فربما لا يشعر المستثمر الأمريكي بالضمانات الكافية للقدوم إلى العراق، ويؤكد بان الاهتمام لا ينصب على المستثمر الأمريكي بقدر ما ينصب على الأصول العراقية في الولايات المتحدة، خوفنا في الحقيقة يتركز على هذه الأصول، واحتمال أن تُرفع الحماية الأمريكية عنها فتصبح عرضة للمطالبة وللدعاوى القضائية التي تطالبنا بمليارات الدولارات، أما المخاوف على الاستثمار فالاستثمارات الأمريكية في العراق محدودة ولا يمكن أن نبني عليها موقفا، لكن يهمنا جدا مصير الأموال العراقية المودعة في المصارف الأمريكية، ويهمنا جدا التعاون التقني ليس مع الولايات المتحدة فقط وإنما مع كل الدول فربما كان الخوف أنه لا سمح الله ينشأ وضع أمني غير مستقر في العراق إذا لم توقع الاتفاقية الأمنية، وعند ذلك ليس فقط الشركات الأمريكية وإنما شركات معظم الدول سوف تحجم ليس عن الاستثمار فقط وإنما عن المشاركة في تنفيذ المشاريع العراقية، وفي إقامة شراكات فنية وتقنية مع العراقيين وهذا هو ما نحتاجه." إلا إن الاقتصاد العراقي ليس بهذه الدرجة من الهشاشة والخطر، فالاقتصاد العراقي يزخر بالكثير من الموارد القادرة على النهوض بالاقتصاد خاصة إذا تمت السيطرة على الوضع الأمني الذي هو ألان في تحسن مستمر، وإذا ما تم وضع الأطر القانونية اللازمة وخلق البيئة المناسبة فان النهوض بالاقتصاد العراقي وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق الاستقلال الاقتصادي والسياسي ممكن دون أي استغلال أو احتلال أو رعاية أو وصاية.
التعليقات