الحروب بالوكالة لترسيخ السيطرة والهيمنة وفرض سياسة الامر الواقع هو ما تعمل عليه الولايات المتحدة، وربما يندرج حصار إيران وكوريا الشمالية ضمن تلك السياسة، الا انه لا يوجد أي ضمانات تمنع خروجها عن السيطرة في مرحلة ما لتنذر بخطر حرب عالمية تهدد الجميع
ما ان اعلنت الولايات المتحدة الامريكية انسحابها من اتفاقية الصواريخ النووية المتوسطة المدى التي جرى توقيعها عام 1987 وكانت تهدف للحد من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، حتى أعلن (البنتاجون) أن الجيش الأمريكي اختبر قبل عدة ايام صاروخ كروز قبالة الساحل الغربي، علما ان هذا الصاروخ كان محظورا في ظل الاتفاقية اعلاه، وبحسب البيان فان الانطلاق قد جرى من منصته الأرضية المتحركة، وأصاب هدفه بدقة بعدما قطع أكثر من 500 كيلومتر في الجو وهو من نوع (توماهوك كروز) المعدل والذي صمم لتدمير الأهداف الأرضية.
ردود الفعل الدولية
بعد اعلان واشنطن عن نجاح تجربتها الصاروخية جاء الرد سريعا من قبل روسيا التي اعتبرت ان الإدارة الأمريكية بهذه الخطوة قد "اختارت نهج التصعيد العسكري"، بما يؤكد أن واشنطن كانت تخطط لتقويض المعاهدة منذ وقت طويل، فيما انتقدت بكين اختبار الولايات المتحدة الصاروخي الأخير، معتبرة أن هذه الخطوة تكشف النوايا الحقيقية وراء انسحاب واشنطن من معاهدة نزع الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى الا وهو التحرر من أي قيود، والتطوير الحر للصواريخ المتقدمة بهدف تحقيق التفوق العسكري.
المخاطر المحتملة
يرى المختصون أن خروج الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ والشروع بإجراء تلك الاختبارات قد ينذر بأزمة نووية جديدة واعادة نشر منظومات الصواريخ، لاسيما وان الولايات المتحدة قد تعزز قواعدها القريبة من الصين وروسيا بتلك الصواريخ التي بإمكانها استهدافهما، وربما هدف الولايات المتحدة القادم هو نشر مثل هكذا نوع من الصواريخ على اراضي الحلفاء في اوروبا واسيا الامر الذي قد يدفع بروسيا والصين الى تصعيد وتيرة التسلح والاستعداد لأي خطوة. كما وان الصين ومنذ مدة قد شرعت باستئجار موانئ عدة ربما للغرض ذاته لاسيما في المحيط الهادي، بينما عملت روسيا على اجراء تجارب عدة لتطوير صواريخ متوسطة وبعيدة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية.
الحرب الباردة الجديدة
المعروف ان الولايات المتحدة تستخدم عامل القوة في توطيد علاقاتها الدولية بل وتعدها عاملا معزز ومحافظا وراعيا لمصالحها ، لذلك هي لا تتقبل وجود قوة رديفة او منافسة لها مما يجعلها في تأهب مستمر لرفع قدرتها التسليحية والتقنية بأحدث الابتكارات الامر الذي يدفع الاخرين أي روسيا بالدرجة الاساس والصين الى العمل بوتيرة متصاعدة لكسب المهارات وتحديث ترسانتهما العسكرية وهو ما قد يجر العالم لحرب باردة جديدة تكون اصعب مما كانت عليه في القرن الماضي لوجود معطيات جديدة تتمثل في تطور الاسلحة كثيراً عن السابق، اضافة الى اتساع رقعة الصراعات الاقليمية ووجود رغبة من بعض الدول بالاعتماد على ذاتها في صناعة السلاح والتخلص من هيمنة القوى الكبرى ، والاخطر من ذلك ان حروب الوكالة القديمة التي لجأت اليها امريكا وروسيا كانت اغلب الاسلحة التي توردها لهم هي تقليدية لاتصل لدرجة الفتك قياساً باليوم حيث تطور المنظومات العسكرية ودخول السلاح النووي لدى البعض من حلفاء الطرفين وهو ما يمثل تدميراً شاملاً لتــلك الدول عند حصول صراع شديد خارج عن السيطرة .
أن الاختبار الصاروخي الاخير وطبيعة ردود الفعل الدولية يضعنا امام مرحلة جديدة من سباق التسلح، وربما سيكون للصين حضوراً قويا فيها لكونها تخشى ان تكون هي المستهدفة من التحركات الامريكية. ان الحروب بالوكالة لترسيخ السيطرة والهيمنة وفرض سياسة الامر الواقع هو ما تعمل عليه الولايات المتحدة، وربما يندرج حصار إيران وكوريا الشمالية ضمن تلك السياسة، الا انه لا يوجد أي ضمانات تمنع خروجها عن السيطرة في مرحلة ما لتنذر بخطر حرب عالمية تهدد الجميع.
اضافةتعليق