الأمريكيون، لاسيما الإدارة الحالية وبضغط لوبي اسرائيلي – خليجي ترغب في تغيير النظام السياسي الإيراني بثورة أو بانقلاب أو احتجاجات داخلية، وهذا ما تتأمله الإدارة الأمريكية من هذه العقوبات
دخلت الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على إيران في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني حيز التنفيذ، وهي الحزمة الأشد والأقوى من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على إيران حتى الآن، وربما ستفرض واشنطن المزيد من العقوبات على طهران؛ وذلك بعد أن فرضت بالفعل حزمة ثانية من العقوبات، التي تستهدف قطاعات حيوية في البلاد، أبرزها النفط وقطاع البنوك والبنك المركزي الإيراني. هذه العقوبات سيتجاوز مداها تلك العقوبات التي كانت مفروضة على طهران قبل انعقاد الاتفاق النووي بين إيران ودول (5+1) في العام 2015 في عهد الرئيس أوباما، فضلاً عن ذلك، فأن هناك عقوبات ستفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على الدول التي ستواصل التعامل مع إيران أو في حال تحايلت إيران على العقوبات الأمريكية؛ وذلك من أجل تسريع وتيرة تراجع النشاط الاقتصادي الدولي لإيران. بموازاة ذلك، وبعنوان استراتيجية جديدة حول إيران، حددت واشنطن 12 شرطاً لطهران، اذا ما ارادت تجنب تلك العقوبات،
وجاءت الشروط التي حددها البيت الأبيض للنظام الإيراني كالآتي:
1. الكشف للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن التفاصيل العسكرية السابقة لبرنامجها النووي.
2. وقف جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم وعدم إنتاج البلوتونيوم وإغلاق مفاعل المياه الثقيل "آراك".
3. السماح لخبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول غير المشروط إلى جميع المواقع النووية في البلاد.
4. إنهاء نشر الصواريخ الباليستية والصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية.
5. إطلاق سراح المواطنين الأميركيين ومواطني الدول الحليفة المعتقلين في إيران.
6. إنهاء دعم الجماعات الإرهابية (على حد تعبير البيت الأبيض) في الشرق الأوسط بما فيها "حزب الله"، وحماس، وحركة الجهاد.
7. احترام سيادة الحكومة العراقية والسماح بنزع سلاح الميليشيات الشيعية.
8. وقف دعم الميليشيات الحوثية والعمل على تسوية سياسية في اليمن.
9. سحب جميع القوات الإيرانية من سوريا.
10. إنهاء دعم طالبان والإرهابيين الآخرين في أفغانستان والمنطقة وعدم تقديم مأوى لقادة القاعدة.
11. إنهاء دعم فيلق القدس التابع للحرس الثوري للإرهابيين عبر العالم.
12. وقف تهديد جيرانها بالصواريخ، وهجماتها السيبرانية المخربة، فضلا عن تهديدها الملاحة الدولية.
بالتأكيد تعد هذه الشروط، شروط قاسية جداً على النظام السياسي الإيراني الذي يتطلع إلى بناء منظومة صاروخية واسلحة نووية على الصعيدين المحلي والإقليمي، لاسيما وأن طهران قطعت شوطاً طويلاً في بناء تلك المنظومة سواء كان ذلك على صعيد بناء مفاعلها النووية ومشروعها الصاروخي أو في بناء قواعدها العسكرية في اكثر من عاصمة عربية من خلال الجماعات العسكرية في (العراق واليمن وسوريا ولبنان).
ربما يكمن هدف واشنطن من هذه العقوبات (كما هو معلن) في الضغط على النظام السياسي الإيراني للجلوس على طاولة التفاوض من جديد؛ وذلك من أجل عقد اتفاق نووي جديد شامل لمشروعها الصاروخي وتمددها الإقليمي، مختلف عن الاتفاق النووي السابق الذي نقضه ترامب. وهذا بالتأكيد ربما يكون مستبعداً من الجانب الإيراني في الوقت الحالي "على أقل تقدير"، فطهران لا ترغب في الجلوس على طاولة المفاوضات حول الاتفاق النووي ومشروعها الصاروخي مع الولايات المتحدة الأمريكية تحت ضغط العقوبات الاقتصادية، لاسيما وأن الاتحاد الأوروبي ما يزال متمسكاً بهذا الاتفاق ولا يزال مدافعاً عنه حتى هذه اللحظة، كذلك، فأن الصين التي لم تلتزم لحد الآن بالعقوبات الأمريكية "وربما تستثنى من فرض العقوبات الأمريكية أيضاً" ما تزال المستورد الأكبر للنفط الإيراني وأكبر المستفيدين من تلك العقوبات، إلا أن السؤال الذي سيبقى مطروحاً حول موقف الاتحاد الأوروبي من الاتفاق النووي، هو إلى متى سيستمر هذا الدعم، وهل أن طهران ستبقى متمسكة بالموقف الأوروبي إذا ما تدهور وضعها الاقتصادي والسياسي؟. أسئلة ربما ستكشف عنها الأيام المقبلة في ظل طبيعة تعاطي النظام الإيراني مع تلك العقوبات. لكن بشكل عام، إذا ما استقرئنا الشروط أعلاه التي وضعها البيت الأبيض إمام طهران، وتمعّنا في طبيعة العقوبات الأمريكية على طهران، فربما يضعنا ذلك إمام النوايا الأمريكية غير المعلنة، فقد يكون الهدف من تلك العقوبات ليس فقط تغيير سلوك النظام السياسي الإيراني على الصعيدين (الداخلي والإقليمي)، كما تزعم الإدارة الأمريكية، وإنما الغرض يكمن في تغيير النظام السياسي الإيراني بأكمله، فالأمريكيون، لاسيما الإدارة الحالية وبضغط لوبي اسرائيلي – خليجي ترغب في تغيير النظام السياسي الإيراني بثورة أو بانقلاب أو احتجاجات داخلية، وهذا ما تتأمله الإدارة الأمريكية من هذه العقوبات، بأن تحدث أرباك داخلي وضغط اجتماعي من شانه أن يولد ضغط وانفجار شعبي داخلي على النظام السياسي الإيراني أو على السياسة الإيرانية (الداخلية والخارجية) يؤدي إلى تغيير في بينة النظام السياسي الحالي، فهل يقاوم النظام الإيراني تلك العقوبات أم سيلجأ إلى تغيير سلوكه السياسي وطريقيه تعاطيه مع قضايا المنطقة أم سيكون لتلك العقوبات تداعيات داخلية من شأنها أن تؤثر على بنية النظام السياسي الإيراني؟.
اضافةتعليق