الرجوع للعدد السادس
حفظ هذا المقال فقط
مازالت محض كلام، ولازال الإنسان العراقي يتعرض الى انتهاكات خطيرة لحقوقه وحرياته وتحت مسميات كثيرة، وهو ما يجب وضع حد له بسرعة، والخطوة الأولى إلى ذلك هو الوعي بهذه الانتهاكات ومعرفتها من قبل الافراد والمؤسسات التي يهمها احترام هذه الحقوق في العراق ، ولتحقيق هذا الهدف نضع أمام القراء التقرير الاخير الذي اصدرته منظمة العفو الدولية عن وضع حقوق الإنسان في العراق.   

     قُتل آلاف المدنيين أو أُصيبوا، ومن بينهم أطفال، مع استمرار العنف الطائفي وغيره من أشكال العنف. وارتكبت جميع الأطراف الضالعة في القتال انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وبعضها يُعد بمثابة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ولقي كثير من المدنيين مصرعهم نتيجة هجمات بالقنابل نفذتها جماعات تعارض الحكومة العراقية "والقوة المتعددة الجنسيات" بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بينما سقط آخرون ضحايا لأعمال قتل طائفية على أيدي جماعات مسلحة شيعية وسُنِّية. واختُطف مئات الأشخاص وتعرضوا للتعذيب والقتل، وتُركت جثثهم في الشوارع أو عثر عليها أهالي الضحايا في المشرحة. وأدى تصاعد الطابع الطائفي للعنف فرار مئات الآلاف من الأشخاص من ديارهم، مما زاد من أعداد اللاجئين العراقيين في سوريا والأردن وغيرهما من البلدان، حيث بلغ عددهم نحو مليوني لاجئ، كما زاد من أعداد النازحين داخل العراق إلى ما يربو على مليوني شخص. وضاعف هذا الوضع من تفاقم الأزمة الإنسانية.

كما ارتكبت قوات الأمن العراقية انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك أعمال القتل دون وجه حق، والاغتصاب وغيره من صنوف التعذيب، فضلاً عن القبض والاحتجاز بصورة تعسفية. وقتلت "القوة المتعددة الجنسيات" عدداً من المدنيين واحتجزت ما يزيد عن 2500 شخص بدون تهمة أو محاكمة، وبعضهم محتجز على هذا النحو منذ عدة سنوات. كما قُتل عدد من المدنيين على أيدي حراس يعملون لدى شركات عسكرية أو أمنية خاصة، وظل هؤلاء الحراس يتمتعون بالحصانة من المقاضاة في العراق حتى أكتوبر/تشرين الأول. واستُخدمت عقوبة الإعدام بشكل كبير، وأُعدم 33 شخصاً، وبعضهم صدر الحكم عليهم بعد محاكمات فادحة الجور.


خلفية

   أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش، في يناير/كانون الثاني، أنه سيتم نشر مزيد من القوات، قوامها 20 ألف جندي أمريكي، في "حملة" عسكرية لتحسين الوضع الأمني، ومساعدة الحكومة العراقية على إحكام سيطرتها بصورة أكبر. وصاحبت هذه "الحملة" مبادرات اقتصادية وسياسية، من بينها مبادرات لإعادة الإعمار وتوفير وظائف جديدة، وإجراء الانتخابات المحلية، والانتهاء من بعض التشريعات التي كانت مثار خلاف مثل مشروع قانون النفط. ومع ذلك، لم يتحقق سوى تقدم محدود في هذه المجالات.

   وبالرغم من هذه "الحملة"، فقد ظل العنف متفشياً ومحتدماً، وإن كانت الأنباء قد أشارت إلى أن العنف انخفض مع نهاية العام. وواجه عمل الحكومة والبرلمان عراقيل من جراء الانقسامات السياسية ومقاطعة أعضاء في البرلمان يمثلون أحزاباً سياسية معارضة لرئيس الوزراء نوري المالكي.

   وفي إبريل/ نيسان، عقدت "المفوضية العليا لشؤون اللاجئين" التابعة للأمم المتحدة مؤتمراً دولياً في سويسرا لمواجهة الأزمة الإنسانية المتنامية الناجمة عن نزوح اللاجئين العراقيين إلى خارج البلاد فضلاً عن نزوح آخرين داخلها.

   وفي أغسطس/آب، أعلن الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أن "جيش المهدي"، المؤلف من أنصاره، سوف يوقف هجماته لمدة ستة أشهر ويتعاون مع قوات الأمن العراقية.
    وفي الشهر نفسه، اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 1770، والذي ينص ضمن بنوده على منح "بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق" الصلاحية في أن تقوم، بناء على طلب من الحكومة العراقية، بتشجيع المفاوضات السياسية بين الجماعات العرقية والدينية في البلاد، وكذلك المفاوضات مع الأطراف الإقليمية بخصوص القضايا المتعلقة بأمن الحدود العراقية، والطاقة، والأزمة الإنسانية. إلا إن القرار لم يتصد على نحو ملائم للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في البلاد.

    وفي ديسمبر/كانون الأول، سلمت قوات المملكة المتحدة الإشراف على محافظة البصرة إلى قوات الحكومة العراقية.


الانتهاكات على أيدي جماعات مسلحة

    ارتُكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على أيدي جماعات مسلحة، من بينها جماعات إسلامية وقومية تقاتل القوات التي تقودها الولايات المتحدة وقوات الحكومة العراقية، ومن بين هذه الجماعات أيضاً تنظيم "القاعدة" وميليشيات تنتمي إلى جماعات دينية شيعية. ووقع كثير من هذه الانتهاكات في سياق العنف الطائفي بين الجماعات المسلحة الشيعية والسُنية، التي سعى كل منها إلى إخلاء المناطق المختلطة من أبناء الطائفة الأخرى، وأقدمت هذه الجماعات على اختطاف أشخاص من منازلهم أو من الشوارع ثم قتلهم. وكثيراً ما كانت جثث الضحايا التي يُلقى بها تحمل آثار التشويه أو التعذيب. كما كان أفراد أقليات أخرى عرقية ودينية هدفاً لمثل هذه الانتهاكات، بما في ذلك اليزيديون والمسيحيون والصابئة والفلسطينيون، بالإضافة إلى النساء والمدافعين عن حقوق الإنسان والقضاة والأطباء وغيرهم من المهنيين.

" ففي 18 إبريل/نيسان، قُتل ما لا يقل عن 140 شخصاً في انفجار سيارة ملغومة وُضعت في سوق في حي الصدرية في بغداد، وهو حي أغلب سكانه من الشيعة.
" وفي 12 مايو/أيار، اغتيل د. أديب إبراهيم الجلبي، وهو طبيب ومن العناصر القيادية في "المنظمة الإسلامية لحقوق الإنسان" (الموصل)، على أيدي مسلحين يُعتقد أنهم ينتمون إلى تنظيم "القاعدة"، وذلك بعد أن غادر عيادته في الموصل.
" وفي 3 يونيو/حزيران، قُتل القس الكلداني الأب رغيد كني وثلاثة شمامسة كانوا معه، عندما أطلق مسلحون مجهولون النار عليهم في الموصل.
" وفي 7 يوليو/تموز، لقي نحو 150 شخصاً مصرعهم وأصيب أكثر من 265 آخرين في هجوم انتحاري بسيارة ملغومة في أحد الأسواق في قرية أمرلي في محافظة صلاح الدين، وهي قرية أغلب سكانها من الشيعة والتركمانيين.

" وفي أغسطس/آب اختطف مسلحون من "جيش المهدي، على ما يبدو، مصطفى أحمد، وهو لاجئ فلسطيني ويعمل سائق أجرة. وبعد يومين استخدم الخاطفون الهاتف المحمول الخاص بمصطفى لإبلاغ أسرته بأن يتسلموا جثته من المشرحة، حيث تبين أنه تعرض لتعذيب شديد بمثقاب، ونُزعت أسنانه، وأُطلقت عليه ست طلقات نارية.
" وفي 14 أغسطس/آب، قُتل ما يزيد عن 400 شخص وأُصيب 300 شخص على الأقل في أربعة تفجيرات انتحارية استهدفت خزانات الوقود في قرى القحطانية والجزيرة وتل عزير، الواقعة على الحدود مع سوريا، ومعظم سكانها من الطائفة اليزيدية. وكان بين الضحايا كثير من الأطفال.
" وفي 28 أكتوبر/تشرين الأول، اختُطف شهاب محمد الهيتي، وهو سني وكان يرأس تحرير صحيفة "بغداد اليوم" الأسبوعية، وذلك في حي الجامعة في بغداد. وفيما بعد، عُثر على جثته وقد أُردي بالرصاص.


أعمال القتل على أيدي قوات الأمن العراقية

    قتلت قوات الأمن العراقية عدداً من المدنيين دون وجه حق. وفي بعض الحالات، أُعلن عن إجراء تحقيقات ولكن لم تُعرف نتائجها.
" ففي 27 مارس/آذار، قام مسلحون يرتدون زي الشرطة بقتل 70 من العرب السُنة في بلدة تلعفر بالقرب من الموصل، وذلك فيما يبدو على سبيل الانتقام رداً على هجوم انتحاري نفذه أحد المتمردين السُنة في حي يسكنه الشيعة في البلدة. ونقلت الأنباء عن بعض الناجين قولهم إن المسلحين جرُّوا الضحايا من منازلهم وكبلوا أيديم بالأصفاد وعصبوا أعينهم ثم أمطروهم بالرصاص. وبعد يومين، أقرت الحكومة بأن أفراداً من الشرطة هم الذين نفذوا أعمال القتل، واحتُجز 13 منهم لفترة وجيزة، حسبما ورد. ولم يتضح ما إذا كان أي منهم قد قُدم إلى ساحة العدالة.

أعمال القتل والانتهاكات الأخرى على أيدي "القوة المتعددة الجنسيات"
   ارتكبت القوات الأمريكية انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك أعمال قتل دون وجه حق، واعتقالات تعسفية، وحوادث تدمير للممتلكات وتفتيش للمنازل بصورة عنيفة. وحُوكم عدد قليل من الجنود الأمريكيين والبريطانيين، وأُدينوا بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان خلال السنوات السابقة.

" ففي 28 سبتمبر/أيلول، نفذت القوات الأمريكية عملية قصف جوي أثناء الليل، استهدفت أحد المباني في حي الصحة جنوب غرب بغداد، وهو حي أغلب سكانه من السُنة، مما أسفر عن مقتل 10 على الأقل من الرجال والنساء والأطفال.

" وفي أعقاب اشتباكات عنيفة بين القوات الأمريكية ومسلحين ينتمون إلى "جيش المهدي" في مدينة الصدر ببغداد، يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول، استخدمت القوات الأمريكية طائرات مروحية في غارة كانت تستهدف رجلاً يُشتبه أنه اختطف جنوداً من "القوة المتعددة الجنسيات"، حسبما ورد. وخلال الغارة، قُتل 13 مدنياً، بينهم طفلاً، كما أُصيب آخرون، وفقاً لما ذكرته الشرطة العراقية. وقد صرح مسؤول عسكري أمريكي بأن لجنة تولت التحقيق في الحادث.

" وفي أغسطس/آب، حُكم على جندي أمريكي بالسجن لمدة 110 سنوات، مع احتمال منحه إفراجاً مشروطاً، لإدانته باغتصاب وقتل عبير قاسم حمزة الجنابي، التي كانت تبلغ من العمر 14 عاماً، وقتل ثلاثة من أقاربها في منطقة المحمودية، في مارس/آذار 2006. وقد خلصت محكمة عسكرية في كنتاكي بالولايات المتحدة إلى إدانة الجندي بتهم "الاغتصاب، والتآمر لارتكاب الاغتصاب، واقتحام منزل بنيَّة ارتكاب الاغتصاب، وارتكاب أربع جرائم قتل". كما حُكم على جنديين آخرين بالسجن مدى الحياة، في فبراير/ شباط، وكانا قد اعترفا من قبل باغتصاب الفتاة.


القبض والاحتجاز بصورة تعسفية

    أفادت "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" بأن "القوة المتعددة الجنسيات" وقوات الأمن العراقية كانت تحتجز حوالي 60 ألف سجين، بحلول نوفمبر/تشرين الثاني. وكان معظم هؤلاء رهن الاحتجاز لأجل غير مسمى بدون تهمة أو محاكمة باعتبارهم محتجزين أمنياً. وفي أكتوبر/تشرين الأول، صرح قائد عمليات الاعتقال في "القوة المتعددة الجنسيات" بأن القوة تحتجز نحو 25 ألف شخص في معسكر بوكا في الجنوب، ومعسكري فيكتوري وكروبر بالقرب من مطار بغداد الدولي، وفي أماكن أخرى، وبأن من بين المحتجزين 840 من الأحداث و280 أجنبياً، معظمهم من بلدان عربية. وكانت "القوة المتعددة الجنسيات" قد بدأت قبل ذلك بفترة وجيزة بالإفراج عن بعض المعتقلين. وبحلول ديسمبر/كانون الأول، كان قد أُطلق سراح عدة آلاف من المعتقلين على أساس شرط بأنهم لن يشكلوا تهديداً أمنياً في المستقبل، وبعد تقديم تعهد من أسرهم بأن يلتزموا بحسن السلوك.


التعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة

    شاعت الأنباء عن تعرض المعتقلين، بما في ذلك القُصَّر، للتعذيب أو غيره من صنوف المعاملة السيئة على أيدي قوات الأمن العراقية، وخاصة قوات وزارة الداخلية. وكان آلاف السجناء محتجزين في السجون ومراكز الشرطة ومعسكرات الاعتقال التي تديرها السلطات العراقية، وهي تتسم بالاكتظاظ الشديد، وكان كثير من المحتجزين محرومين من الاتصال بمحامين، ومن شأن هذه الظروف أن تسهل التعذيب. وفي مايو/أيار، ذكر معتقلون سابقون، كانوا محتجزين في منشأة في حي الكاظمية ذي الأغلبية الشيعية في بغداد، لأحد مسؤولي الأمم المتحدة إنهم كانوا يتعرضون "للضرب بصفة منتظمة، وللتعليق من الأطراف لفترات طويلة، ولتسليط صدمات كهربائية على أجزاء حساسة من الجسم، ولتهديدات بإساءة معاملة أقاربهم المقربين". وكما كان الحال في سنوات سابقة، فقد أعلنت الحكومة عن إجراء تحقيقات بخصوص ادعاءات محددة عن انتهاكات على أيدي قوات الأمن العراقي، إلا إنها لم تعلن عن نتائجها، وهو الأمر الذي يعزز القلق بشأن تفشي الإفلات من العقاب.
" ففي 4 مارس/آذار، عثر جنود بريطانيون وعراقيون على حوالي 30 سجيناً، كانت على بعضهم أثار التعذيب، حسبما ورد، وذلك عندما داهم الجنود مقر أحد أجهزة الاستخبارات الحكومية في البصرة.
" وفي أكتوبر/تشرين الأول، ذكرت "جمعية العدالة للسجناء"، وهي منظمة عراقية غير حكومية معنية بحقوق الإنسان، إنها أجرت مقابلات مع خمسة أطفال، تتراوح أعمارهم بين 13 عاماً و17 عاماً، كانوا قد تعرضوا للتعذيب على أيدي قوات الأمن العراقية للاشتباه في أنهم يساعدون المتمردين وأفراد الميليشيات. 


عقوبة الإعدام
   استُخدمت عقوبة الإعدام بشكل كبير، بالرغم من أن وزير حقوق الإنسان في الحكومة العراقية أبلغ "مجلس حقوق الإنسان" التابع للأمم المتحدة، في مارس/آذار، بأن الحكومة تسعى إلى إلغاء العقوبة.
     وصدرت أحكام بالإعدام على ما لا يقل عن 199 شخصاً، وأُعدم 33 سجيناً على الأقل. وصدرت معظم أحكام الإعدام إثر محاكمات جائرة أمام المحكمة الجنائية المركزية العراقية. واشتكى متهمون من أن اعترافاتهم، التي انتُزعت تحت التعذيب، قد استُخدمت كأدلة ضدهم، وأنه لم يُسمح لهم بتوكيل محامين من اختيارهم.
" وفي فبراير/شباط، أيدت محكمة التمييز حكمي الإعدام الصادرين على سيدتين، هما سمر سعد عبد الله ووسان طالب، اللتين أُدينتا بتهمة القتل. وكان الحكم قد صدر على الأولى من المحكمة الجنائية في الكرخ، في أغسطس/آب 2005، وعلى الثانية من المحكمة الجنائية المركزية العراقية في بغداد، في أغسطس/آب 2006.
" وفي مايو/أيار، أصدرت المحكمة الجنائية المركزية العراقية أحكاماً بالإعدام على سنة أشخاص، وهم معزي عبد الخزل، وحسين جهاد حسن، وعبد القادر قاسم جميل، ومصطفى محمود إسماعيل، وقيس حبيب أسلم، وإسلام مصطفى عبد الستار، وذلك لإدانتهم بتهمة اختطاف رجل وقتله في حي الأعظمية في بغداد. ولم يُعرف ما إذا كانوا قد أُعدموا.
الانتهاكات على أيدي حراس أمنيون وعسكريون خصوصيون

   قُتل عدد من المدنيين على أيدي حراس أجانب مسلحين يعملون لدى شركات أمنية وعسكرية خاصة. وكانت الشركات الأمنية تتمتع بحصانة من المقاضاة بموجب الأمر رقم 17 الذي أصدره في عام 2004 بول بريمر، رئيس سلطة التحالف المؤقتة في ذلك الوقت. إلا إن الحكومة العراقية قدمت مشروع قانون من شأنه إلغاء الأمر رقم 71، وذلك في أعقاب حادثة كبرى وقعت في سبتمبر/أيلول وكانت شركة "بلاكووتر"، ومقرها في الولايات المتحدة، ضالعةً فيها.
" ففي 16 سبتمبر/أيلول، قُتل 17 مدنياً عراقياً وجُرح 27، عندما أطلق حراس أمنيون من شركة "بلاكووتر" النار في مفترق طرق مزدحم في حي المنصور في بغداد. وقالت الشركة إن الحراس أطلقوا النار دفاعاً عن النفس، ولكن الحكومة العراقية وشهود عيان قالوا إن الحراس بادروا بإطلاق النار. وأعلنت السلطات العراقية ووزارة الخارجية الأمريكية أنهما ستجريان تحقيقات في الواقعة. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، خلص "مكتب التحقيقات الفيدرالي" في الولايات المتحدة إلى أن إطلاق النار لم يكن مبرراً. وقالت الشركة إنه إذا ثبتت مسؤولية أي من حراسها عن ارتكاب أي خطأ فسوف يُحاسب. وطلبت الحكومة العراقية من الشركة دفع تعويض قدره ثمانية ملايين دولار أمريكي لعائلة كل من الأشخاص السبعة عشر الذين قُتلوا.


العنف ضد المرأة

    تصاعد العنف ضد المرأة، واضطُرت الكثيرات لترك وظائفهن أو البحث عن ملجأ خارج البلاد بعد تلقيهن تهديدات بالقتل. ففي البصرة، قُتلت نحو 42 امرأة وفتاة خلال الفترة من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول، على أيدي جماعات مسلحة شيعية تتنافس من أجل السيطرة على المنطقة، حسبما ورد. وفي معظم المحافظات، كانت النساء يتعرضن بشكل متزيد لتهديدات من مسلحين إذا ما خالفن القواعد الصارمة المتعلقة بالزي. وأفادت الأنباء أن حوادث العنف في محيط الأسرة والقتل "بدافع الشرف" تتزايد، وأن تصاعد التوتر الطائفي يعرض النساء المتزوجات من رجال من طوائف أخرى للخطر.

" وفي فبراير/شباط، اشتكى عدد من زعماء العشائر إثر قيام أربعة جنود عراقيين باغتصاب امرأة تنتمي إلى الأقلية التركمانية، بعد أن داهموا منزلها في تلعفر بالقرب من الموصل، حسبما ورد. وصرَّح أحد كبار المسؤولين العسكريين العراقيين بأن الأشخاص الأربعة اعترفوا بواقعة الاغتصاب، ولكن لم يتضح ما إذا كان قد اتُخذ ضدهم أي إجراء.

" وفي 7 إبريل/نيسان أو نحو ذلك، قُتلت دعاء خليل أسود، وهي من الطائفة اليزيدية وكانت تبلغ من العمر 17 عاماً، رجماً بالحجارة أمام حشد ضخم في بلدة بعشيقة بالقرب من الموصل، في واحدة من الجرائم "بدافع الشرف". وقد قُتلت الفتاة على أيدي مجموعة من ثمانية أو تسعة من الطائفة اليزيدية، وبينهم بعض أقاربها، حيث اتهموها بإقامة علاقة مع شاب سُني. واستغرقت عملية رجمها حتى الموت حوالي 30 دقيقة، وسُجلت بالفيديو وبُثت على الإنترنت. وكان أفراد من قوات الأمن في المنطقة متواجدين آنذاك، ولكنهم لم يتدخلوا.


اللاجئون والنازحون داخلياً

   شُرد ما لا يقل عن 4.2 مليون عراقي من ديارهم. ومن بين هؤلاء نحو 2.2 مليون شخص نزحوا إلى مناطق أخرى في العراق، ونحو مليوني لاجئ، معظمهم في سوريا (حوالي 1.4 مليون) والأردن (حوالي نصف مليون). وفي غضون الشهور الأخيرة من العام، لجأت هاتان الدولتان، إزاء ما يواجهانه من مصاعب لتلبية احتياجات اللاجئين العراقيين المتواجدين فعلاً من الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها، إلى فرض شرط الحصول على تأشيرة بالنسبة للقادمين إليهما، وهو الأمر الذي أعاق دخول مزيد من العراقيين الباحثين عن ملجأ. وفي داخل العراق، منعت معظم المحافظات دخول العراقيين الفارين من العنف الطائفي في مناطق أخرى.


محاكمات المسؤولين السابقين

    واصلت "المحكمة الجنائية العراقية العليا" محاكمة عدد من كبار المسؤولين السابقين في "حزب البعث" والجيش وأجهزة الأمن والحكومة، ممن ارتبطوا بالنظام البعثي السابق بزعامة صدام حسين، وذلك عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتُكبت خلال عهده. وصدرت أحكام بالإعدام على عدد من المتهمين بعد محاكمات فادحة الجور، وأُعدم ثلاثة مسؤولين صدر الحكم عليهم في عام 2006. وما برح التدخل السياسي يهدر استقلال "المحكمة الجنائية العراقية العليا" ونزاهتها.

" ففي فبراير/شباط، قررت الهيئة التمييزية في "المحكمة الجنائية العراقية العليا" تغيير حكم السجن مدى الحياة، الذي سبق أن صدر على نائب رئيس الجمهورية السابق طه ياسين رمضان، إلى الإعدام، ونُفذ الحكم في 20 مارس/آذار. وكان المتهمان معه في القضية، وهما برزان إبراهيم التكريتي وعواد حمد البندر، قد أُعدما شنقاً يوم 15 يناير/كانون الثاني.
" وانتهت في 24 يونيو/حزيران محاكمة من زُعم أنهم كانوا مسؤولين عن الانتهاكات التي وقعت خلال ما سُمي "حملة الأنفال" في عام 1988، والتي أسفرت عن مصرع نحو 180 ألفاً من الأكراد العراقيين. وصدرت أحكام بالإعدام على ثلاثة من المتهمين، وهم علي حسن المجيد، وسلطان هاشم أحمد الطايع، وحسين رشيد التكريتي، لإدانتهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، كما أُدين علي حسن المجيد بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. وأيدت الهيئة التمييزية في "المحكمة الجنائية العراقية العليا" أحكام الإعدام يوم 4 سبتمبر/أيلول، وكان من المتوقع إعدام الثلاثة في غضون 30 يوماً، إلا إن السلطات العسكرية الأمريكية رفضت نقل الثلاثة إلى حجز السلطات العراقية بسبب نزاع قانوني بين رئيس الوزراء نوري المالكي ومجلس الرئاسة.


شمال العراق
    وردت أنباء عن وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والتعذيب والإعدام، في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الكردية الإقليمية في شمال العراق. وشاع العنف ضد المرأة على نطاق واسع.
" ففي يناير/كانون الثاني، اعتُقل محمد سياسي أشكاني، وهو صحفي من السليمانية، على أيدي مسؤولين من قوات الأمن الكردية (المعروفة باسم "الأسايش")، واحتُجز بدون تهمة أومحاكمة لما يقرب من ستة أشهر. وقد ظل محتجزاً في زنزانة انفرادية لمدة 55 يوماً إثر القبض عليه، ثم سُمح له بتلقي زيارات من أسرته أسبوعياً، ولكنه حُرم من الاتصال بمحامين. وقد أُطلق سراحه يوم 19 يوليو/تموز.  

" وفي 29 مايو/أيار، أُعدم في أربيل كل من همان محمد، وعثمان عبد الكريم، وشروان أحمد، وقرامان رسول. وكانوا قد أُدينوا، في يونيو/حزيران 2006، بالمشاركة في هجوم بالقنابل في أربيل قبل عام.
" وظل متير دمير ومصطفى إغلي وحسيب يوكوس، وهم أتراك ومن أعضاء منظمة غير حكومية في تركيا تُدعى "جمعية الحق في حرية الفكر والتعليم" وقُبض عليهم في يونيو/حزيران 2006، رهن الاعتقال بدون تهمة أو محاكمة حتى 12 سبتمبر/أيلول، حيث أُعيدوا إلى تركيا. وأبلغ أحدهم منظمة العفو الدولية أنهم احتُجزوا في مبنى قوات الأمن الكردية (الأسايش) في أربيل، وحُرموا من الاتصال بالمحامين، وتعرض اثنان منهم للتعذيب واحتُجزا رهن الحبس الانفرادي لمدة ستة أشهر. وكان من بين أساليب التعذيب الضرب على الجسد وعلى باطن القدمين (بالفلقة) والصعق بصدمات كهربائية.
" وفي نوفمبر/تشرين الثاني، صرح وزير حقوق الإنسان في الحكومة الكردية الإقليمية بأن 27 امرأة وفتاة قد قُتلن في جرائم قتل "بدافع الشرف" خلال الفترة من أغسطس/آب إلى نوفمبر/تشرين الثاني، ولكنه لم يقدم معلومات عن القبض على أي أشخاص أو محاكمتهم بخصوص حالات القتل هذه.

تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2008 عن أحوال حقوق الإنسان في العراق
حقوق الإنسان في العراق في ضوء تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية
    يشكل الاعتراف بحقوق الانسان في الوقت الحاضر، دليلا على وعي الشعوب، ومؤشرا على رقي نظام الحكم فيها، حتى باتت التقارير التي تصدرها المنظمات الدولية والاقليمية عن وضع حقوق الانسان في اي دولة من الدول ملفات قد تتضمن في ثناياها التأييد أو الاتهام للنظام السياسي الموجود في تلك الدولة، بحيث بدأت الانظمة السياسية تتسابق من اجل تحسين صورتها لتبدو محترمة لحقوق الانسان فيها، وهذا السباق قد يكون صادقا من بعضها او ينطوي على الخداع من البعض الاخر، لكن الحقيقة التي لايمكن انكارها هي انه ذهب الى غير رجعة الزمن الذي تكون فيه حدود الدول مقفلة امام العالم الخارجي، وتكون فيه حكوماتها مطلقة التصرف بشؤون مواطنيها دون ان تتوقع العقاب او المحاسبة او العزل من المجتمع الدولي على تصرفاتها الخاطئة، فقد فتح العالم ملف حقوق الانسان على مصراعيه ولن تتمكن اي قوة من غلقه مهما كانت قدرتها.

وهذا الملف المخصص لحقوق الانسان في مجلة الفرات سيتضمن في عدده هذا، تقرير منظمة العفو الدولية عن حقوق الانسان في العراق لعام 2008، وفيه يظهر انه على الرغم مما عاناه الشعب العراقي من انتهاكات بشعة وكارثية لحقوق الانسان فيه خلال عهد صدام حسين، ومجئ التغيير في 9 /4 /2003 بآمال عريضة ووعود كبيرة، لإنصاف الإنسان العراقي، واحترام حقوقه وحرياته الا انه بعد اكثر من خمس سنوات على التغيير، نجد إن هذه الوعود