الرجوع للعدد الخامس
حفظ هذا المقال فقط
الديمقراطية في التعليم العالي ... (( بأي ذنب قتلت))
د.أحمد باهض تقي
مدير مركز الفرات
(تلك صيحة في واد... إن لم يستجب لها فستأتي على الأوتاد)

ذهبت سنين الخوف والقهر التي كانت متحالفة مع الشيطان وتتستر خلف شعارات مزيفة... وكان الأمل المرتجى أن يكون التعليم العالي تلك الواحة الرائعة للفكر والثقافة والعلوم... وتفتحت كثير من المسالك والدروب أمام أولئك المتعبين وهم يحملون كنوز عقولهم على اكف ما امتدت يوما لتصافح الشيطان... وحصلت الكثير من الممارسات الديمقراطية في قطاع يعد هو الصفوة في كل المجتمعات والأمم... ومرت السنين الأربعة وتدحرجت معها الديمقراطية في التعليم العالي كتدحرج الحجر من أعالي الجبال... وعاد أنين المتعبين... وكان ذلك التدحرج يتراوح بين مبررات الشهادة واللقب العلمي وبين التحزب والمحاصصة... فلا غرابة أن نسمع ونرى إن تلك الجامعة هي حصة الحزب الفلاني وان تلك الجامعة هي حصة الكتلة الفلانية...

حتى عدنا نرى أن مقاعد الإدارة الجامعية تبقى شاغرة لحين ترشيح هذه الكتلة وذلك الحزب مرشحيها لها... أو إن هناك من تصدى لمسؤولية الإدارة الجامعية في غفلة من الزمن وما أكثرهم، واخذ يتشبث بكرسيه الوثير حتى لو تسبب في حصول حرب عالمية رابعة بعد أن تيقنا إن الحرب الثالثة قد حصلت على ارض العراق، ولم يعد لمعيار اللقب العلمي والحرفية والمهنية والمشاركات العلمية دور ذو اثر...

حتى عدنا لانستغرب إذا رأينا إن هناك ممن يتصدون للمسؤولية من الذي لايمتلكون رصيدا علميا او تاريخا مرصودا في الساحة العلمية... وقد ساعدت في ذلك الكثير من الأوامر التي تصدر والتي تذكرنا بأيام الدكتاتورية لابل إن منها من تجاوز على الدكتاتورية واضحى أبا روحيا لها، ليؤكد ولائه المطلق،ولعل آخرها تلك التوجيهات الصارمة من الوزارة العتيدة والتي تدعو منتسبيها بعدم مراجعة أي مسؤول لطرح أي مشكلة إلا بموافقة المسؤول المباشر، إني فقط أتساءل: كيف هو حال المنتسب إذا كانت شكواه موجهة ضد مسؤوله المباشر؟ أنا اعتقد أن هناك العديد من الذين يتصدون للمسؤولية في الإدارة الجامعية سوف لن يوافق لمنتسبيه بعرض مشاكلهم على من هو أعلى منه في سلم الإدارة خصوصا إذا كانت تلك المشاكل ذات مساس بشخصه، بالمقابل لم يلتفت احد إلى الآلاف التي تنهزم أمام نفسها وتهرب خارج الحدود... لتعلن إن مساحة الخوف أوسع من أي مساحة أخرى... وما بقي في الداخل هو في حقيقة الأمر يعيش في صراع بين الأمل والألم...

والأمر ينسحب أيضا على آلاف من الكوادر الفنية التي تنضوي تحت لواء التعليم العالي، سواء ف
ي الجامعات أو الكليات والمعاهد التقنية، والتي تعيش حالة من الضياع والتفريط بالحقوق بعد أن أضحت مطالبتها بتطبيق قانون الخدمة الجامعية عليها واعتصاماتها المتكررة، أضحت مجرد عويل في صحراء، ولم يستجب لمطالب تلك الكوادر التي كانت نتاج سنوات طويلة من الخبرة والعمل والتي تخرج تحت إشرافها آلاف من طاقات العراق العلمية،وتكررت معها العديد من الكتب الرسمية الصادرة من الجهات الوزارية العليا والتي تدعو بالكف عن المطالبة بهذا الامر كونه محال للتشريع، وهكذا بلغنا من العمر عتيا ونحن نعلل النفس بالآمال نرقبها، عسى لفجر جديد ينبئ بأمل جديد، في الختام تساءلي الأخير: ترى لو رفعنا المخصصات الممنوحة للادرات الجامعية العليا وجعلنا معيار خدمة العراق أولا وقبل كل شيء هو الأساس في العمل، فكم منها يبقى في المسؤولية وكم منها يتعلل بالمرض وكم منها يطالب بقانون تقاعد جديد في دورة انتخابية جديدة..... حينها سنجد غياب حتى آخر رجال..................