وحدة العراق مسؤولية من ؟
الرجوع للعدد الثاني
حفظ هذا المقال فقط
وحدة الوطن هدف سامي لكل مواطن مخلص وغيور على وطنه ويشعر بالانتماء اليه, أما الذين يريدون تجزئته فهم أناس لا يشعرون بالانتماء إلى الوطن وغير مخلصين إليه, وشعرنا بالأمل أن الجمعية الوطنية المنتخبة ستكون حريصة على وحدة الوطن إلا إننا فوجئنا القسم الذي أداها أعضاء الجمعية الوطنية العراقية حيث خلا من التأكيد على وحدة العراق, أذ كان القسم بالنص ( أقسم بالله العظيم أن أودي مهامي ومسؤولياتي القانونية بتفان وإخلاص وأحافظ على استقلال العراق وعلى سيادته وأحافظ على مصالح شعبي واسهر على سلامة أرضه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الاتحادي واعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة واستقلالية القضاء والتزم بتطبيق التشريعات ).

    من يتفحص القسم يجد ان أعضاء الجمعية الوطنية الذين انتخبوا ولأول مرة في العراق من قبل الشعب, اغفلوا وربما كان متعمدا الإشارة إلى وحدة العراق, فإدارة المهام والمسؤوليات القانونية هي تلك المهام والمسؤوليات التي تحدد بقانون وهي لا تشمل الوحدة العراقية, وأن العمل بتفان وإخلاص هو تعبير عن سلوك عضو الجمعية في أداء هذه المهام فهي شأن مختلف عن الوحدة الوطنية, أذ سبق للعراق ان اقتطعت أجزاء منه وبقي من يقسم مثل هذا القسم يذكر الحفاظ على استقلال العراق وسيادته, اي العراق المتبقي بعد القطع.

ويسري ذلك على سلامة أرضه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي. أما العمل على صيانة الحريات العامة والخاصة فإننا نعتقد ان الأمر مشكوك فيه, وما حدث لطلاب جامعة البصرة خير دليل على ذلك وما يحدث في هذه المحافظة او تلك دليل آخر على ذلك, اما ما يتعلق باستقلالية القضاء وتطبيق التشريعات, ليس جديدا كنص, فالدستور العراقي المؤقت الذي صدر عام 1970 في ظل النظام السابق, أكد على استقلالية القضاء والجامعات والجيش, ولكن هذه الأجهزة لم يكن تدخل الحزب المنحل فيها بعيدا, بل تدخلوا في كل شيء , وهي الأجهزة التي أكد عليها السياسي البريطاني تشرشل, يوم قيل له ان بريطانيا انهارت فسألهم عن القضاء والجامعات فقيل له إنهما بخير, قال إذن بريطانيا بخير, طالما هذين الجهازين بخير فهما اللذان يحققان العدالة وشيوعها ومصدر الكوادر العلمية.

    لكن الأمر يختلف في العراق فإذا كان في السابق حزب واحد يتدخل في شؤون هذه المؤسسات أصبحت الأحزاب والتيارات والحركات السياسية وغير السياسية كثيرة وتتدخل بشكل مقلق فاق التصورات , لذلك فان المطلوب من الوطنيين المخلصين لوطنهم والذين بأيديهم زمام السلطة واتخاذ القرار عليهم ان يحرصوا على اتخاذ القرارات التي تخدم الوطن ووحدة الوطن بعيدا عن التجزئة والخراب المؤسساتي والعلمي والقضائي .

    ولنتخذ من الآخرين عبرة, فالأمريكيون يقولون للناس ولشعبهم إنهم يهاجمون ويحاربون من اجل درأ الخطر عن أمريكا رغم عدم وجود مثل هذا الخطر, فلماذا نكون اقل حرصا منهم على وحدة الوطن ونساعدهم على تجزئة العراق، ولنشعر جميعا عرب وأكراد وقوميات أخرى مسلمين ومسيحيين واليزيدين والمندائيين وغيرهم كعراقيين ,وليس بمسميات الطوائف والقوميات ولنحرص على وحدة العراق من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب من العراق

أ.د.حاكم محسن محمد
عميد كلية الإدارة والاقتصاد
جامعة كربلاء