واقع وأهداف السياسات المائية العربية
الرجوع للعدد الثاني
حفظ هذا المقال فقط
     تعد المياه عنصر الحياة بالنسبة للفرد والمجتمع، إذ ازدادت أهميتها في نهاية القرن العشرين على جميع المستويات المحلية والعربية والإقليمية والعالمية. خاصة بعد تزايد الطلب على المياه نتيجة لزيادة السكان من جهة وتزايد الطلب على مياه الري واستخداماته المختلفة في الصناعة والاستهلاك المنزلي من جهة أخرى.

     و تشير الدراسات إلى إن نصيب الفرد العربي من الموارد المائية قد انخفض من 2200 م3 في عام 1970 إلى 1100م3 في عام 1996 أي نسبة 50%. أما تطور نصيب الفرد المستقبلي فسيكون بحدود 500 م3 عام 2025 .

     وهذه الأرقام تشير إلى انخفاض عرض المياه في الوطن العربي الذي يتميز بأن الجزء الأكبر من مصادر المياه فيه تأتي من خارج أراضيه.
ونتيجةً لانخفاض عرض المياه ومحدوديته وزيادة الطلب عليه، فقد ظهر اختلال في التوازن بين الموارد المائية المتجددة والمتاحة والطلب عليها والذي تمثل بظهور عجز في الميزان المائي أو ما يسمى بالفجوة المائية وبالتالي فان هذا سيؤدي إلى ما يسمى بالأزمة المائية.

إذ انه في حالة تأمين أمن غذائي كامل للوطن العربي وزيادة حجم السكان وتنمية الموارد المائية المتجددة المتاحة الى أقصى طاقة والبالغة 340 مليار م3، فان الميزان المائي العربي سيختل ويدخل في دائرة العجز المائي ليصل في عام 2010 إلى 62 مليار م3  و في عام 2020 إلى 153 مليار م3 وذلك نتيجة لزيادة الطلب على المياه في عام 2010 بحدود 402 مليار م3 إلى 493 مليار م3 في عام 2020 .

لذلك ظهرت الحاجة من قبل الدول العربية إلى إتباع سياسة مائية لمواجهة ومعالجة الأزمة المائية من خلال وضع أسس وضوابط توزيع واستخدام المياه بصورة معقولة ورشيدة .

      حيث تعرف السياسة المائية: بأنها الإطار الذي تتم من خلاله إدارة الموارد المائية واستنباط مجموعة القواعد التي تنظم ذلك .
هذا وقد طورت قمة الأرض في ريودي جانيرو عام 1992 ومؤتمر دبلن حول المياه والبيئة عام 1992 بعض المبادئ العامة كمرتكزات للسياسات المائية بشكل خاص والسياسات التنموية بشكل عام والتي يجب على البلدان العربية إتباعها والتي أهمها :-

1- مبدأ الاستدامة :
ويقصد بهذا المبدأ سعي الدول والشعوب إلى تحقيق التنمية المستديمة ضماناً لحقوق الأجيال القادمة واستمرار الحياة على كوكب الأرض وبخاصة إن مورد المياه لا بديل عنه . ونظراً لأن العديد من البلدان العربية وصلت إلى مراحل مختلفة من الندرة المائية فقد سعت إلى إتباع حلول بديلة لمعالجة المشكلات المائية لديها ، فدول عربية مثل الكويت والبحرين وقطر اعتمده خيار تحلية مياه البحر، أما السعودية واليمن وعمان والإمارات فقد اعتمدت إضافة إلى خيار تحلية مياه البحر، خيار تنمية موارد الوديان وشرعت في دراسة إعادة استعمال المياه.

2- مبدأ العدالة في التوزيع :
يقصد به في هذا المجال تحقيق العدالة في مجال توفير المياه وتوزيعها كحصص على مستوى الأفراد والشرائح الاجتماعية والقطاعات وتحقيق العدالة في التوزيع يجب ألا يقتصر على إمدادات مياه الشرب وإنما أن يتم تحقيقه أيضاً في مشاريع الري.

3- سلامة البيئة :
إن استثمار الموارد الجوفية المتجددة أو غير المتجددة يحقق عادةً منافع اقتصادية واجتماعية. ولكن عندما تكون الموارد المائية الجوفية غير متجددة ينتج عن عملية الاستثمار آثار سلبية تسبب ضرراً كبيراً على المياه. ويتمثل هذا الضرر بالهبوط المستمر لمناسيب المياه والتدهور في نوعية المياه بسبب التملح والتلوث.

التوصيات الخاصة بالسياسات المائية :-
يجب أن تهدف السياسات المائية العربية إلى تحقيق ما يلي :-

1- المحافظة على الحقوق السيادية الوطنية لموارد المياه القومية والمياه المشتركة مع الدول الأخرى وطبقاً لقواعد القانون الدولي والاتفاقيات المبرمة.

2- تطوير و توصيد السياسات والتشريعات المائية القطرية والعربية.

3- الاستغلال الأمثل للموارد المائية لتحقيق التنمية المستدامة وفق مبدأ الميزة النسبية بهدف تحقيق الأمن المائي والغذائي على الصعيد القطري وعلى صعيد الوطن العربي.

4- تطوير استثمار مصادر المياه الجوفية والاستغلال الأمثل لها في الزراعة والحفاظ على المياه الجوفية من التلوث والاستنزاف.

د. مهدي سهر الجبوري
جامعة كربلاء
كلية الادارة والاقتصاد