فشلت حكومة عادل عبد المهدي (عملياً) في تحقيق الحد الادنى من وعودها الطموحة منذ اصدار تقرير المتابعة الاول للبرنامج الحكومي (2018-2022)، والذي تضمن مغالطات ومبالغات مذهلة في نسب الانجاز
فشلت حكومة عادل عبد المهدي (عملياً) في تحقيق الحد الادنى من وعودها الطموحة منذ اصدار تقرير المتابعة الاول للبرنامج الحكومي (2018-2022)، والذي تضمن مغالطات ومبالغات مذهلة في نسب الانجاز واقتراب الفعلي من المخطط في العديد من المشروعات الحكومية، في الوقت الذي رُصدت مئات المشروعات العامة التي تجاوزت نسب الانجاز فيها حاجز (90%) منذ سنوات ولم تكتمل لحزمة اسباب تنحصر في الفساد والروتين والاهمال الحكومي من جهة، وضعف اللجان البرلمانية في الرصد والمتابعة والمحاسبة من جهة اخرى.
ورغم الاعتراف بتراجع الاداء الحكومي في تقديم الخدمات الاساسية واستغلال الموارد المالية وتوزيعها بشكل عادل بين ابناء البلد، الا ان حكومة عادل عبد المهدي اضافت بعدا اخر للمشهد القاتم اصلا، الا وهو سياسة الغموض وابتلاع الشفافية. فعلى الجانب الامني لم يعلن عن الجهات التي قمعت شباب ثورة تشرين الاول وما تزال، ولم يكشف المجلس الاعلى لمكافحة الفساد عن الفساد المنتفخ بين معظم طبقات وشرائح الكتل والاحزاب السياسية وذيولها المتغلغلة في وزارات ومؤسسات الدولة كما توعد الرجل عند استلام الحكومة عام 2018.
اما بخصوص الملف الاقتصادي، ورغم الوعود التي تناولها البرنامج الحكومي برفع منسوب الشفافية، الا ان الغموض والتعتيم كان سيد الموقف في معالجة الملفات الاقتصادية الساخنة. ففي اواخر العام الماضي اجتهدت حكومة بغداد في طبخ اتفاقية جديدة (بتفاصيل قديمة) مع اقليم كردستان لضمان حقوق الاخير في ابتلاع نفط الجنوب وتصدير نفطه خارج سلطة الحكومة الاتحادية، كما حدث تماما عام 2019 حين تنصل الاقليم عن تسليم (250) الف برميل يوميا لشركة سومو مقابل التزام بغداد التام بتسليم كامل الحصة المالية للإقليم رغم الدعاوي القضائية والمناشدات البرلمانية بتطبيق القانون (تحديدا، تفعيل نص المادة 10/ ثانيا/ج) من قانون الموازنة الاتحادية 2019.
ومؤخرا، شهدت الساحة نقاشاً وجدلاً طويلاً حول الاتفاقية العراقية الصينية وجدواها الاقتصادية والمالية للعراق، ليس فقط بين مجلس النواب والحكومة الاتحادية، وانما ايضا بين مختلف الخبراء والمختصين بالشأن الاقتصادي والاستثماري في البلد. معظم محاور النقاش تركزت حول شرعية اتفاق الحكومة العراقية مع الصين دون المرور بمجلس النواب، والاسباب الكامنة خلف التعتيم المستمر لبنود وتفاصيل الاتفاقية، وطبيعة المشروعات التي ستبدأ الشركات الصينية بتنفيذها والمدد الزمنية اللازمة للإنجاز، والاليات المتفق عليها في التنفيذ والمتابعة، فضلا على شكل وطبيعة التمويل والاثار المالية المترتبة على العراق في الامد المتوسط والطويل. هذه الاسئلة وغيرها كانت مثار ريبة وقلق للعديد من الخبراء والمراقبين، وهي اسئلة مثيرة للاهتمام ومشروعة ايضا، خصوصا مع تجربة المفاوض العراقي في الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية السابقة والتي لم يجني منها العراق مكاسب تذكر.
الموازنة الغامضة
تلزم المادة (11) من قانون الادارة المالية الجديد عام 2019 مجلس الوزراء بتقديم مشروع الموازنة الاتحادية لمجلس النواب في موعد اقصاه منتصف شهر تشرين الاول من كل عام لغرض مناقشة بنودها والتعديل عليها ومن ثم اقرارها لتصبح قانون ملزم التنفيذ. لم تتخلف الحكومة عن التوقيتات القانونية فحسب، وانما اتسعت دائرة التسريبات من جهات حكومية رسمية ولجان برلمانية مختصة حول تفاصيل متضاربة بشأن مضمون موازنة العام 2020 كان أبرزها:
1- العجز المخطط في موازنة 2020 يقارب 48 ترليون دينار وهو الاكبر في تاريخ العجوزات المالية ويمثل قرابة 30% من حجم الموازنة العامة وقرابة 18% من الناتج المحلي الاجمالي.
2- لا يوجد حساب مدور من موازنة العام 2019 لان الايرادات النفطية المخططة تقارب 84 مليار دولار في حين لم تتعدى الايرادات الفعلية 78 مليار دولار بسبب عدم تسليم اقليم كردستان للنفط المتفق عليه (250 الف برميل يوميا) وفقا للمادة (10/ ثانيا/أ) في الموازنة الاتحادية 2019، رغم تصدير الاقليم لقرابة 450 الف برميل يوميا عام 2019 بحسب تصريحات سابقة لوزير النفط العراقي ثامر الغضبان.
3- وفقا لأسعار النفط الجارية وما متاح من مصادر تمويل غير نفطية فان الايرادات العامة عاجزة عن تغطية الانفاق التشغيلي (المنتفخ) بسبب سياسات التشغيل الترقيعية، وسيتحتم على الحكومة العراقية الاقتراض (الداخلي والخارجي)، وهذه المرة ليس لتمويل النفقات الاستثمارية كالعادة، وانما ايضا لتأمين استمرارية النفقات التشغيلية المخططة في تغطية الرواتب والاجور.
اضافةتعليق